العلاقة بين الإعلام والأمن مهمة ومترابطة، فالأمن من أهم العوامل التي تساعد على الاستقرار والتنمية في أي مجتمع كان، ولتحقيق السلم الاجتماعي لا بد وأن يتكاتف الجميع من أجل تحقيق هذا الأمن، وذلك من خلال الإحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه الأمن الداخلي والحفاظ عليه من منطلق حب الوطن، وهذا ما يجب أن يكون نصب عين أي مواطن، بغض النظر عن انتماءاته الدينية أو السياسية أو غيرها.
ومن هنا فإن وسائل الإعلام تلعب دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام لما لها من تأثير، فالصحافة هي السلطة الرابعة ومن خلالها يمكن تثقيف المجتمع وتوعيته بأهمية حفظ الأمن والاستقرار الذي هو أساس الازدهار ونماء أي دولة، فوسائل الإعلام اليوم هي لاعب مهم في إرشاد وتوجيه المواطنين بضرورة وأهمية الأمن الأهلي بين أفراد المجتمع الواحد.
فالتعاون بين وسائل الإعلام والشرطة أمر مهم وضروري وهي علاقة تكاملية وشراكة لابد من تعزيزها من أجل مكافحة الجريمة بكل أشكالها، وهذا لا يأتي إلا من خلال التنسيق والتواصل بين الجهة المسؤولة عن الإعلام في وزارة الداخلية وبين مختلف وسائل الإعلام من خلال تنظيم لقاءات مع ممثلي هذه الوسائل ودعوتهم لحضور المؤتمرات الصحافية التي تعقد وبيان الحقائق لهم ليتم عن طريقها توعية المجتمع.
ولبناء الثقة وتعزيزها بين الشرطة والإعلام لا بد من إعطاء المعلومة الصحيحة والسريعة لوسائل الإعلام حين تطلبها دون أي تردد أو تسويف، فالمعلومة إن لم تكن في وقتها المناسب ومن المصدر الرسمي سنرى أن الشائعات ستبدأ في الانتشار، خصوصاً في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يمكن اليوم أن تتحكم بها وفي السرعة التي تنتشر فيها الشائعة لأي حدث ما، فانتشار الشائعة لن يكون إلا حين تتأخر الجهة المسؤولة عن الإعلام في الأجهزة الأمنية في التوضيح للرأي العام لأي حادثة كانت عن طريق دعوة وسائل الإعلام لمؤتمر صحافي على وجه السرعة أو إرسال بيان لهم يدحض الشائعات أو التكهنات.
ومن هنا لا بد من الإشادة حقيقة بما يقوم به مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية من دور وجهد في تعزيز التواصل مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية، إلا أنه يحتاج أيضاً لمزيد من العمل على تقوية العلاقة مع ممثلي وسائل الإعلام، خصوصاً مراسلي الصحف الخارجية ووكالات الأنباء العالمية التي إذا ما نشرت خبراً قد لا يستند إلى حقائق ومعلومات صحيحة ستؤدي بلا شك إلى تناقل وسائل الإعلام لخبر قد يكون شائعة تؤدي في بعض الأحيان إلى المساس بالأمن القومي للبلد، ولتلافي ذلك لا بد من وجود خطة متكاملة واستراتيجية يكون هدفها تقوية وتعزيز العلاقة بين المركز وممثلي الصحف المحلية ومراسلي وسائل الإعلام الخارجية والاستجابة لهم في حين طلبوا أية معلومة والرد على استفساراتهم بكل جدية ودون تأخير، إذا ما تم ذلك فإن المعلومة التي تمس الأمن ستكون صحيحة يمكن للمتلقي لها أن يثق بأنها من المصدر الرسمي وليست شائعة.
من الوسائل التي يمكن عن طريقها إيصال المعلومة بالسرعة والشكل الصحيح عقد المؤتمرات الصحافية ولكن دون أي تأخير مع توفير المعلومات التي تفيد وسائل الإعلام لأي حدث كان، خصوصاً أننا في البحرين قد شهدنا عدداً من العمليات الإرهابية والتي كان آخرها استشهاد الضابط الإماراتي طارق الشحي، أنا كمراسل لصحيفة «البيان» الإماراتية حين علمت بالخبر وبدأت الشائعات في الانتشار بأن ضابطاً إماراتياً كان من بين الشهداء، لم تتأكد المعلومة حينها بأنه إماراتي ولم يتم عقد مؤتمر صحافي لأحد المسؤولين بوزارة الداخلية ليوضح الأمر أو حتى إرسال بيان أو حتى على تغريدة على «تويتر» بتأكيد الشائعات التي كانت تنتشر أو نفيها، وكان هناك تصريح رسمي بهذا الشأن ولكن في وقت متأخر، في الحقيقة هنا كان الدور يأتي على مركز الإعلام الأمني في السرعة بإزالة الغموض، وقد كان درساً في اعتقادي لهم يمكن أن يتم تلافيه مستقبلاً وألا يتكرر ما حدث حين استشهد الضابط الشحي وزملاؤه رحمهم الله.
همسة:
لابد في هذه الزاوية من الإشادة بجهود العقيد الأخ محمد بن دينه مدير الإعلام الأمني بوزارة الداخلية وحرصه على إيصال المعلومة الأمنية حتى للناشئة، فإصدار أول مجلة متخصصة للأطفال بعنوان «وطني» عمل مهم جداً في التركيز على إيجاد جيل يتم زرع مشاعر الحب والولاء للوطن في قلوبهم وخلق ثقافة وطنية وأمنية لدى الأطفال ورفع الوعي الأمني العام.