بدأ حكم عائلة وينزر أو ويندزور التي تحكم بريطانيا الآن مع اعتلاء إدوارد السابع كرسي الحكم عام 1901 بعد وفاة والدته الملكة فيكتوريا، وإلى عام 1917 كانت العائلة الحاكمة في بريطانيا تحمل اسم «ساكس أوبرغ غوتا» وهو اسم ألماني لأن جذور هذه العائلة ألمانية.
عام 1917 حين اندلعت الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وألمانيا شعرت العائلة ببعض الحرج، واضطرت أن تغير اسمها إلى وينزر تيمنا باسم أحد القصور التي تمتلكها حتى تبين للشعب البريطاني اعتزازها بالانتماء لبريطانيا، وتحتفل هذه العائلة سنوياً بذكرى توليها الحكم وتضع عدد السنوات في واجهة احتفالاتها.
في حين يمتد حكم عائلة آل خليفة للبحرين إلى 230 سنة ومع ذلك لم توظف هذه المعلومة لا في احتفالات خاصة بسنوات حكمها، ولا في احتفالات البحرين في أعيادها الوطنية إلا هذه السنة، التي رفع فيها هذا الرقم إلى جانب رقم فترة الاستقلال 42 وفترة حكم الملك حمد بن عيسى 14 عاماً.
حقيقة لا أعرف إن كان توظيف هذه المعلومة جاء بتوجيه رسمي، أو أنها لفتة ذكية من جندي مجهول -كما جرت العادة- إلا أن «الشرعية التاريخية» لأي أسرة حاكمة هي صك إقرار دولي تكتسبه بطول الفترة الزمنية التي يمتد فيها حكمها، و230 سنة أكثر من كافية لتكون «صك شرعي» قائم بذاته يضاف له العقد الاجتماعي الذي نظم العلاقة بينها وبين الشعب، وحدد الأطر الدستورية لاختصاصات وصلاحيات الحكم، ويفوق الصك الشرعي لآل خليفة «الضعف» في قيمته التاريخية صك الشرعية لعائلة ويندزور ذات الأصول الجرمانية، ويجب أن تفاخر به شرعية الحكم البحريني وتبرزه كما تفعل الملكيات الأوروبية.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وأكاد أسمع من يتحدث عن أن تلك ملكيات دستورية تملك فيها العائلة ولا تحكم، في حين أن ملك البحرين لديه العديد من الاختصاصات والصلاحيات بإدارة الدولة، فإن كانت المقارنة موضع الحديث، فإن أزهى العصور البريطانية هو العصر الفيكتوري بإقرار المؤرخين البريطانيين، وفيه حكمت الملكة فيكتوريا حكماً تدخلت فيه بإدارة الدولة و شاركت كل رؤساء الوزراء مشاركة تكاد تكون مركزية رغم أن ذلك كان مخالفاً للمغنا كارتا (الدستور البريطاني غير المكتوب)، إنما نظراً لشعبيتها الكاسحة خشي أي من رؤساء الوزراء معارضتها، بل حتى القوى السياسية توارت خجلاً وتركت لها الساحة، و لم يبرز أي إسهام للقوى السياسية في فترة حكمها إلا بعد أن قررت فيكتوريا اعتزال الحياة السياسية بعد وفاة زوجها فاستغل الحزب الجمهوري هذا القرار وأراد طمس إنجازاتها والتكسب من فترة اعتزالها، ولكنها عادت مرة أخرى واستلمت مقاليد القرارات وحكمت مدة 36 سنة، هذا والدستور البريطاني العرفي موجود.
الزبدة .. بأن لدى «الحكم» في البحرين دعائم وحجية تاريخية تدعم شرعيته، بغض النظر عن تفاصيل الاختصاصات الدستورية الملكية وطبيعتها التنظيمية، ويحق له أن يفخر بها ويحتفي بها تزامناً مع أعياد البحرين الوطنية ويرفعها في وجه كل مدعي الصداقة من المجتمع الدولي!! أو من الذين يبلعون نصف التاريخ العالمي وينتقون منه ما يشاؤون، يؤمنون بنصف التاريخ ويكفرون بنصفه الآخر خدمة لأغراضهم.