من منا لا يعرف الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- وثراء تجربته في ميادين شتى؛ ومنها الإدارة؟
في كتابه «حياة في الإدارة» طرق عدداً كبيراً جداً من أهم المسائل المتعلقة بالمسؤولين وأخطائهم، بطريقة سهلة للغاية..
ولعل كثير مما أورده القصيبي في كتابه يعد من المشكلات الشائعة في مجتمعنا الخليجي، والبحريني على وجه التحديد، لا سيما في المؤسسات الحكومية، نظراً لما يتمتع به العمل الحكومي من ميوعة في الإجراءات العقابية مقارنةً بالقطاع الخاص.
أستغرب كثيراً من بعض المسؤولين الذين يستمتعون بتراكم الأعمال، وتجميع طلبات مختلفة بحاجة لتوقيع، من أجل التفرغ في وقت ما لتوقيعها جميعاً، وفي كثير من الأحيان توقيع بعضها وإعادة تأجيل البعض الآخر. الأمر الذي يرتبط كذلك بحجم الالتزام بالحضور إلى المكتب، ولا يقتصر ذلك على ساعات الغياب فقط، وإنما يمتد إلى التسرب من العمل لحجج واهية، تحت مظلة أعمال معلقة واجتماعات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تعود بنفع سوى فترة استراحة يقضيها المسؤول مع أحدهم «اجتماعات الشاي والقهوة». الأمر الذي يذكرني بما جاء في كتاب القصيبي «منذ أن توليتُ عملاً له علاقة بالآخرين لا أذكر أني نمتُ وعلى مكتبي ورقة واحدة تحتاج إلى توقيع»، فضلاً عن قوله: «كنت ولا أزال أدرك أن التوقيع الذي لا يستغرق من صاحبه سوى ثانية واحدة قد يعطل مصالح الناس عدة أيام».
واحدة من أهم الظواهر الشائعة في الإدارات، سرقة المسؤول لجهود موظفيه، وتحويل مسؤولياته عليهم واحدة تلو الأخرى، والتبجح أمام من هم أعلى منه منصباً بعرض تلك الإنجازات على أنها إنجازات فردية وتصورات شخصية وجهود لم يبذلها في الكون سواه.
وكم أعجبتني عبارة أوردها القصيبي في كتابه يقول فيها: «أسباب الفشل الإداري؛ إداري غبي لا يعرف القرار الصحيح وإداري جبان، لا يستطيع تنفيذه! وإداري غير ماهر لا يستطيع تنفيذه». وباعتقادي فإن نصيب المؤسسات الحكومية من المسؤولين يقتصر على هذا النوع من الإداريين.. إلاَّ من رحم ربي.!!
ولعل ختاماً.. أقف عند عبارة أخرى تقول «الإداري الشرير هو الذي يقدم على خطئه وهو يدرك أنه مقبل على خطأ» وهذا هو النوع المفضل برأيي.. لكبار المسؤولين في البلد!!