نستكمل المرئيات التي تداولناها في مقالين سابقين حول ما ينقص مملكة البحرين في الفترة الراهنة لتعود إلى زمام التصدر كدولة خليجية رائدة كما كانت تاريخياً فيما يخص مختلف القطاعات التنموية بالخليج، وكيف من الممكن أن ننهض بالبحرين لتكون مملكة تنموية متطورة وحديثة.
ينقصنا في البحرين إشاعة أجواء من الإيجابية المتمثلة في القيام بخطوات تبرز ميزان العدالة والحق والإنصاف والتصدي للفساد وردعه، وتعميم بوادر الخير والمحاسبة من خلال إيجاد آلية حقيقية تضمن محاسبة جميع الجهات الوارد ذكرها في تقرير الرقابة المالية المتضخم كل سنة، وشركات النهب وسرقة المال العام للدولة، حيث باتت الحاجة ملحة وضرورية جداً إلى إيجاد نوع من الرجيم الذي يقضي على هذه السمنة المفرطة كل عام لتقليل أجواء السلبية والتذمر واليأس عند الرأي العام البحريني، فالمواطن لم يعد قادراً على استيعاب المبالغ الفلكية لحجم التلاعب والفساد ومسلسل النهب التي يطالعها في هذه التقارير أمام تضييق الحال عليه في معيشته، وعدم تطوره في دخله من سنين، وسماعه أن سبب ذلك يأتي بسبب العجز في الميزانية التي جاءت من خلال النهب، وكأن الذنب ذنبه لا ذنب مسؤولين ماتت ضمائرهم أمام خزانات الدولة المالية.
ينقصنا في البحرين تمكين الشباب في مناصب قيادية بالوزارات طالما هم في سن الطاقة والحيوية والاندفاع، أسوة بركب الدول المتطورة التي تبرز شبابها وتطورهم وتعمل على تأهيلهم وتسليحهم بالخبرات والإمكانيات لتقلد المناصب الرفيعة المستوى، وصولاً إلى مناصب متقدمة بالدولة، بمستوى إمساك حقيبة وزارية، فشباب اليوم غير شباب الأمس، وخبرة شباب الأمس التي كانوا يكتسبونها في عشرين سنة بات شاب اليوم يكتسبها في أقل من عشر سنين بسبب التطور الهائل في النظام المعلوماتي والإلكتروني والعلمي.
ينقصنا في البحرين وضع حدود وضوابط على أسواقنا المحلية وبعض تجارنا الذين يغمرهم الجشع تجاه جيب المواطن البسيط، خصوصاً خلال فترة المناسبات والأعياد، حيث يقومون برفع الأسعار تدريجياً وبشكل غير ملاحظ ومركز لاستغلال حاجات الناس في المواسم، في حين آلية الرقابة التي لدينا ضعيفة تجاه ممارساتهم رغم أنه في دول الغرب المتطورة دائماً ما ترافق فترة الأعياد والمناسبات عروض التخفيضات والتنزيلات لا رفعها احتراماً لقدسية هذه الأعياد، وحتى لا يكون هناك فرق بين الغني والفقير.
ينقصنا في البحرين دعم الطبقة الاجتماعية المتوسطة التي بدأت تتقلص وتتحول إما للطبقة الاجتماعية المرتفعة الدخل «الهاي كلس» أوالطبقة الكادحة الفقيرة.
ينقصنا في البحرين إيجاد تخطيط مروري سليم وصحي كوننا في بلد محدود المساحة، ويعتبر أكثر الدول العربية من حيث الكثافه السكانية، وليلاحظ القائمون على رصد الحوادث المرورية أن معظمها تتم بسبب كثرة الإشارات المرورية التي باتت توضع عند كل بضع كيلومترات، فيما اليابان مثلاً احتفلت من عدة سنين بإزالة آخر إشارة مرورية في شوارعها وطورت نظامها المروري بشكل قضى على الازدحام المروري فيها.
ينقصنا في البحرين إيجاد جهه متخصصة تدعم الموهوبين والعقول المبدعة وتعمل على تطوير إمكانياتهم وتوفير البيئة الصحية التي تجعلهم لا يخدمون البحرين فحسب بل حتى دول العالم من خلال أبحاثهم وابتكاراتهم وبحوثهم، كما ينقصنا أن تهتم الدولة أكثر بالمبدعين الشباب في مختلف المجالات لا في المجالات الرياضيه فقط، وتفرغهم عند الحاجة، كما يحصل عند تفريغ اللاعبين لخدمة البحرين وإبرازها في مختلف المحافل الدولية.
ينقصنا الاهتمام بفئة المتقاعدين وإيجاد برامج لهم تجعلهم يستمرون في خدمة المجتمع لا الانعزال عنه، وإن كان ببرامج استشارية يقدمونها للشباب يستعرضون فيها خبرتهم إلى جانب زيادة نسبة الراتب التقاعدي لهم أو زيادة علاواتهم، ومنحهم خدمات الدولة بنصف السعر من خلال تقليل السن إلى الخمسين سنة لا بعد تجاوز الستين سنة.
ينقصنا في البحرين وضع الموظفين والموظفات الأكفاء في وزارة الإعلام في مراكز قيادية متقدمة بدل تهميشهم بسبب منهجية الشللية ومافيا المحسوبية والمجاملات، ومعالجة الخلل والضعف الحاصل فيما يخص الإعلام الخارجي، والاهتمام به لتكوين رأي عام عالمي متضامن مع البحرين، وتسليط الضوء من خلاله على الملف الأمني والإرهابي، كما أن هناك حاجة للاهتمام بتقوية إعلامنا المحلي وتغيير نمط خطاباته الموجهه إلى الداخل، وكأنه إعلام يخاطب نفسه، والتركيز على جعله إعلاماً توثيقياً له تواجده على ساحة أدوات التواصل الاجتماعي.
الاهتمام بإطلاق وسائل الإعلام المتخصصة في البحرين سواء المقروءة أو المسموعة
أو المرئية، تماشياً مع الإعلام التخصصي في دول الغرب المتطورة تبرز قضايا البحرين وما يدعم استقرارها وأمنها واتحادها مع دول الخليج، ووضع استراتيجيات محددة لها، فإعلامنا البحريني إلى يومنا هذا يسير حسب القضايا اللحظية الوقتية ويأخذ الجانب الدفاعي لا الهجومي وليس حسب خطة مدروسة ووفق استراتيجية هادفة تركز على معالجة القضايا بعمق ووفق برامج إعلامية متخصصة فيها لا مجرد عرضها وتداولها.
ينقصنا دعم الإعلاميات المحجبات اللواتي يرتدين العباءة بدل استبعادهن من قبل المسؤولين الليبراليين، والذين لا يحبون العباءة والحجاب، والاهتمام بإظهار الوجوه البحرينية لا الوجوه الشبه بحرينية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
بعد تزايد محاولات تهريب المخدرات لداخل البحرين لتكون مصدر تمويل للجماعات الإرهابية؛ آن الأوان لتحويل إدارة مكافحة المخدرات لإدارة عامة أسوة بدول الخليج، واقتباس تجارب الخليج، رغم أننا من أكثر الدول الخليجية التي تركز عليها عصابات المخدرات لكون البحرين بوابة الترويج الخليجية.
فتح أبواب كبار المسؤولين للشباب للاستماع إليهم وإيصال همومهم ومشاكلهم إليهم وزيادة اللقاءات معهم والنزول إليهم إلى مواقع العمل ومجالستهم والتحدث معهم وتشجيعهم على الإنتاجية في سبيل خدمة الوطن، من باب دعمهم معنوياً وإشعارهم بأهمية ومسؤولية ما يقومون به من خدمات.
إيجاد ضوابط وقوانين تضبط عملية اللباس غير اللائق وقصات الشعر غير الطبيعية للشباب بالمجمعات التجارية والأماكن العامة، وإلى الفئات الدخيلة على مجتمعنا كالبويات والجنس الثالث، والتي باتت تخرج علينا بتصرفات غير لائقة تتسبب بالمشاكل في المجتمع، فنحن دولة إسلامية بالنهاية لا يهمنا أن نجاري الدول المتطورة في حريتها المفرطة التي ضيعت شبابهم وفككت مجتمعاتهم، حتى باتوا يحسدون المجتمعات العربية على استقرارها الاجتماعي، بل لنكون دولة رائدة هي من تبتكر الأنظمة التي تخدم المجتمع وتعزز تماسكه طبقاً لخصوصيتها لنكون خير مثال تقتبس منا الدول الأخرى تجاربنا الناجحة في كيفية حفظ مجتمعنا، فترك الحبل على الغارب كما هو حاصل الآن أمر يبعث على الأسف ويشوه واجهة البحرين الحضارية والإسلامية.
- إحساس عابر..
وزير الداخلية لدى زيارته ذات مرة إلى مجلس محافظة المحرق قال: «ما يميزنا بين دول الخليج ويجعل شعوبها تحبنا هو طيبتنا وبساطتنا والجو الشعبي الحميم العائلي الذي بيننا وهو ما نتميز به، وهو ما يجعل الآخرين يحبوننا وهو أهم ما نملكه».