بحر يعتقد البعض بأنه من السهولة الغوص به والبحث في مكنوناته ولكن الحقيقة تقول إنه كلما تعمقنا به وجدناه عميقاً جداً ويحمل ثروات غنية مليئة بالمعاجم المعرفية وهو «بحر اللغة العربية»، لذلك من المسيء لنا أن يتم حصر معانيها ببرنامج مهمته ترجمة بعض الكلمات بطريقة حرفية خالية من أي احترافية، معتقداً كل من يتعامل مع هذا البرنامج وتمكنه من ترجمة بعض الجمل الابتدائية سوف يكون لديه الفرصة من ترجمة جميع الجمل الأجنبية إلى جمل عربية لها معنى وفائدة ودلالة منطقية.
لذلك نجد أننا نسعى جاهدين في المحافظة على لغتنا العربية لذا إعلاناتنا مكتوبة باللغتين الأجنبية والأساسية بالعربية. إيماناً من القيمين ووزارة شؤون البلديات وزارة التجارة والصناعة أننا دولة عربية ولا بد من المحافظة وإبراز هويتنا العربية حتى في الإعلانات التجارية. وبتكرار المواقف ذاتها نستنتج أن الإعلانات لابد أن تخضع للتدقيق اللغوي وإنما ليس فقط لمراقبة ما إن كان الإعلان يتضمن تعبيرات وكلمات غير سوية تسيء للبلد وثقافته وعاداته وتقاليده. لذلك لابد من تخصيص قسم يتم فيه مراجعة المفردات غير المنطقية التي تعكس صورة سلبية عن بلدنا المتقدمة المعروفة بتميزها على جميع الأصعدة العلمية، الاقتصادية والسياحية. والإعلان أحد الوسائل الترويجية الذي يستخدم كوسيلة لترويج الأفكار أو البضائع أو المؤسسات التجارية. لن أطيل عليكم ما أقصد من كل هذه المقدمة لأن الأمر ليس أحجية أو تركيبة لغزية. فقد تم توزيع إعلانات في شوارع المملكة متضمنة الكلمات الإنجليزية الواضحة الصيغة والمعنى:
Turning 6 Years in Bahrain , Join the celebration from sep25, WATCH THIS SPACE
وتأتي لها الترجمة الحرفية الخالية من أي صيغة منطقية يحاول المترجمون لها الاستخفاف بعقولنا العربية، فأنا سأكتب لكم ما هو مكتوب ولكن للأسف غير مفهوم:
«تحول ست سنوات في البحرين
انضم إلى الاحتفالات من سبتمبر 25،
شاهد هذا الفضاء».
فأنا لم أعط بداية للإعلان أية أهمية ولكني ركزت عليه عندما سألني ابني الصغير، «ماما يعني الفضاء المكتوب هنا أي المكان الذي يسكنه رجل الفضاء؟ لو سمحت خلينا نشوف الفضاء». فماذا يفترض أن يكون له جوابي غير أنني قمت له بتفسير أن كل المكتوب ليس بالصيغة الحقيقية.
والمشكلة الأكبر أن صاحب الإعلان لن يقرأ مقالي هذا وإن قرأه أخاف أن يستخدم نفس البرنامج ويترجم كلمات الاستياء والغضب إلى كلمات ترحيب وتأهيل ويعتبر نفسه أنه قام بعمل بطولي عندما لجأ إلى برنامج قام له بالترجمة الحرفية الخالية من أي حرفية.
فنحن مواطنون وكل يوم نتعلم ما هي واجباتنا تجاه بلدنا الحبيب، ولكن في المقابل يحق لنا أن نلفت نظر بعض المسؤولين عندما يتم الإعلان بأسلوب ممكن أن يسيء لعقل الضيف والمستضيف. فرجاء لابد من إيجاد حل لهذه المعضلة المتكررة علما بأن هذا الأمر ليس بالمرة الأولى الذي يحدث.