تعيش المملكة في وضع غير شفاف في قضية الاستكشافات النفطية، وأستطيع أن أطلق على هذا الموضوع أزمة، بدأ جرس إنذارها يدق، ويجب على المعنيين في هذا الملف توجيه أنظارهم إليه بكل دقة وموضوعية، للبحث عن الإجابات الشافية.
في 19 يوليو 2012 تم تعيين وزير المالية للإشراف على شؤون النفط في المملكة خلفاً للوزير عبدالحسين ميرزا، وهذا التعيين جاء ليترك للمراقبين السياسيين العديد من التساؤلات حول القطاع النفطي، خاصة وأن تلك الفترة كانت في ذروة الاستكشافات النفطية الجديدة في المملكة.
في الفترة التي كانت تسبق هذا التعيين، كانت هناك تصريحات متنوعة ومتعددة للوزير ميرزا -الذي نكن له كل الاحترام والتقدير- عن الاستكشافات النفطية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: «تدشين حقبة جديدة من عمليات التنقيب.. وتوقعات باكتشاف كميات كبيرة».
ولقد وقعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز اتفاقات مع شركات أمريكية وتايلندية وإماراتية للتنقيب في القواطع البحرية الأربعة التي عرضت صورها سابقاً، ومساحة هذه القواطع البحرية تعادل مساحة المملكة في تقديري.
ما يهم في هذا الموضوع، أن الوزير صرح في وقت سابق أن الشركات التي ستقوم بالاستكشافات هي من ستتحمل تكاليف التنقيب في مراحله الأولى، حيث من المعلوم أن هذه الشركات لا تقبل التنقيب في مناطق معينة إلا بعد أن تتأكد باستخدام أجهزتها الحديثة والمتطورة من وجود النفط.
الغريب في الموضوع الآن أن الحديث يجري الآن عن عدم وجود أية من استكشافات نفطية في القواطع الأربعة بالكامل، وأن المملكة تكبدت خسائر كبيرة جراء عدم وجود النفط الخام في مناطق التنقيب، ولكن وبالرجوع إلى الوثائق الرسمية التي كان الوزير قد أرسلها إلى مجلس النواب في شهر يناير 2011 أكد فيها أن «تكاليف الأنشطة الاستكشافية في القواطع البحرية الأربعة ستتحملها الشركات العاملة في هذه القواطع بالكامل».
وكان هناك تصريح آخر أيضاً قال فيه الوزير إنه لا توجد بنود سرية في تلك الاتفاقات والأمور معلنة، وبحسب تلك الاتفاقات يفترض أن بشائر التنقيب قد ظهرت منذ مدة، لذلك هناك العديد من الاستفسارات التي تطرح في هذا الموضوع، ننقلها ليجيب عنها المسؤولون في هذا الشأن:
-1 إذا كانت الشركات النفطية التي قامت بالتنقيب هي من يتحمل تكاليف التنقيب لتأخذ أرباحها لاحقاً، وذلك من باب أن الشركات واثقة من وجود النفط، لماذا لم تكتشف هذا النفط الذي أكدت أجهزتها «الحديثة والمتطورة» وجوده؟
-2 إذا كانت القواطع البحرية الأربعة خالية من النفط، فكم المتبقي من نفط حقل «أبوسعفة» وحقل البحرين؟ وهل أصبحت البحرين تعيش حالة شبه طارئة بسبب اليقين بعدم وجود البدائل النفطية عن الحقلين الحاليين؟ الأمر الذي يعني التأكد من نضوب النفط خلال عقد أو عقدين أو أكثر؟.
-3 من يتحمل مسؤولية هذه النتائج، وما هي الإجراءات التي اتخذت في هذا الشأن؟ وهل تعتبر هذه النتائج نهائية؟
-4 من يتحمل مسؤولية صرف ملايين الدولارات على عمليات تنقيب لم تجدِ نفعاً؟ علماً أن المتعارف عليه أن التنقيب الآن يجري بعد إجراء المسوحات التي تؤكد وجوده.
بالفعل إن المملكة تعيش أزمة معلومات قبل أن تكون أزمة اقتصادية، إن الشفافية في هذا الملف كانت بمستوى متدنٍّ لم يستطع المواطن والمراقب أن يفهم حقيقة ما يجري، وهل التعيين الجديد كان منذراً لهذه الأزمة التي طفت على السطح الآن وحركة استباقية لإبعاد المسؤولية السياسية عن الوزير السابق؟ العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، بعضها يتوقف مستقبل البحرين النفطي عليه.