قبل أكثر من شهرين قال متحدون لشرفاء الوطن وهذا الشعب الذي يرفض الإرهاب ولغة التخريب والعنف واختطاف الوطن في أحلى مناسباته الهامة وذكرياته الوطنية الغالية: «عصيان فبراير قادم!»، حاملين شعارات «فبراير الغضب المقاوم - العصيان الإجباري - عصيان العزة»، تمهيداً للانتصار الشامل على حد تعبيرهم، فكانت تهديداتهم وشعاراتهم الشرارة التي أشعلت النار شبه الخافتة عند شارع الفاتح الذي تحداهم كل بطريقته وحسب إمكاناته واتجاهاته بشعار «الوعد 14 فبراير» تحقيقاً للفشل الشامل لهم.
حتى أولئك الذين كانت نسبة الوطنية والقيام بمبادرات إعلان الولاء والطاعة للقيادة الرشيدة خافتة في نفوسهم وبعيدين عن ساحتها والحياة اليومية تشغلهم عنها وليسوا مع موجتها من باب أنه لا حاجة لإظهار الحب والولاء للقيادة والوطن، فهو شيء يسكن القلب بالفطرة، دبت الحماسة والنشاط فيهم فجأة، وبدوا مهتمين أكثر من أي وقت مضى لإظهارها وإبرازها وإعلانها كشعار حب أمام العالم وعلى أدوات التواصل الاجتماعي رداً عليهم، تابعوا مسيرة صور العرض على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مثلاً، ستجدون معظمهم قد قام باستبدال صوره الشخصية لصور القيادة مع قدوم شهر فبراير، وهو مؤشر يعكس اتجاهاً جديداً بدأ يبرز عند الرأي العام البحريني يشكر عليه أولئك المؤزمون والمحرضون والداعون للفتن والمروجون للشائعات، في الاهتمام بإبراز المواقف الوطنية خلال شهر فبراير تحديداً، حتى تلك الشائعات التي اهتموا ببثها لفك التلاحم الحاصل بين القيادة والشعب كان أحد مردوداتها زيادة إعلانات الولاء والتمسك بالقيادة، وزيادة الوعي في جمهور الفاتح بأهمية التصدي لها ومحاربتها ببث الحقائق ونشرها.
ادعوا وفبركوا في وسائل الإعلام التحريضية أن الجماهير البحرينية قد أكدت جهوزيتها للعصيان المدني في ذكرى انطلاق ثورتهم للنزول للساحة في فبراير، كما يزعمون، فجاءهم الرد من شارع الفاتح الذي بدا جاهزاً ومتحفزاً أكثر من أي وقت مضى خلال تلك الثلاث السنوات، والذي سبقهم بالنزول إلى ساحة الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي من خلال إطلاق حملات الولاء والتلاحم مع القيادة الرشيدة، وإلى ساحة الواقع بتنظيم الفعاليات الوطنية والاحتفالات تأكيداً لحقهم المشروع في الاحتفال بذكرى تأسيس مملكة البحرين الحديثة وميثاق العمل الوطني، الذي صوتوا ووافقوا عليه ودعموا تواجد آلياته ومرئياته على أرض الواقع.
قبل ثلاث سنوات مضت كان الاحتفال يتم خلال يوم الميثاق فقط، أما اليوم فنجد أن الاحتفالات قد بدأت قبله وستستمر إلى ما بعده في سيناريو يشبه احتفالات الكويت الشقيقة في ذكرى عيد استقلالها وتحريرها لمهرجان هلا فبراير، وإن بدت هذه الاحتفالات اجتهادات شخصية أو بسيطة ومتواضعة. لن نستغرب بالأصل إن نظم في السنوات القادمة مهرجان وطني كامل طيلة شهر فبراير لإبراز الأفراح والاعتزاز بذكرى ميثاق الإنجازات ومملكة الديمقراطية بين جلالة الملك وشعبه، فكل ما يتم الآن يحرك المياه الراكدة ويزيد التوعية ويوجد اللبنة الأولى تجاه صياغة المشاهد الوطنية لفبراير الأعوام القادمة والوعد قدام.
ادعوا أن عصيانهم يأتي لاسترداد حقهم المسلوب داعين الجميع للمشاركة ليكونوا رقماً مؤثراً في حملة عصيان العزة، فكان هذا الشعار الحافز والدافع الكبير لأن يسترد هذا الشعب الأصيل حقه الشرعي المسلوب منهم إعلامياً وإلكترونياً بإبراز موقفهم ومشاعرهم الوطنية تجاه ذكرى الميثاق العمل الوطني وإظهار عزته وكرامته التي أهينت بشعارات؛ كالجمهورية البحرينية الإسلامية وأجندة ولاية الفقيه و«ارحلوا» وإهانة رموزهم الوطنية، والتأكيد على أنه رقم صعب ومؤثر له الحق بالاحتفال وعيش الأجواء الوطنية وإبراز موقفه كما يحدث في كل دول العالم ودول الوطن العربي في مناسباتهم الوطنية الهامة التي تشكل منعطفات تاريخية هامة في مسيرة التطور والتقدم، والتي حاولوا سرقتها ودفنها بالإرهاب والعنف.
14 فبراير ذكرى الحب بين القيادة والشعب البحريني.. ذكرى الولاء لملك حمل لواء الإنجاز لشعبه.. ذكرى ميثاق وطني حمل مشروع مملكة متطورة ورائدة على مستوى دول المنطقة والعالم توافق عليه الشعب أجمع بكافة أطيافه ومكوناته، حيث وضعها في مصاف الدول المتحضرة وغيرها محققاً تطلعاتهم، هذه الذكرى ستقود الشعب دائماً فيها «عصيان العزة» ضدهم وسيبرز اتجاه «الغضب المقاوم» من جانبه وعدم تقبله لهم ولتمثيلهم بمصطلح «أغلبية الشعب»، وسيتصدى دائماً لأي محاولات لطمس هويته الوطنية واستبدالها بأجندة خارجية إرهابية.
دعوا إلى حصار المناطق والمواقع الحيوية بالدولة وشوارعها ودس خفافيش الإرهاب تعليمات تنفيذ العصيان تحت أبواب المنازل في القرى والمناطق ليلاً، ونفذوا حصاراً إلكترونياً بحملات تشيع أجواء العصيان والفوضى الأمنية التي ستتم في فبراير، فجند الكثير من شارع الفاتح أنفسهم لفك هذا الحصار الإلكتروني المفروض ضدهم لتشويه سمعتهم كبحرينيين وسلب حقوقهم الوطنية الذي يظهر حقيقة توجهاتهم، حشدوا للنزول في الساحة والمواجهة مع قوات الأمن فسقطوا في ساحات الإحراج بأعدادهم المتضائلة وفشلهم الذريع في إيجاد ساحة اعتصام وميدان تحرير جديد؛ نعم في فبراير قاد شعب البحرين عصيان العزة ضد هؤلاء الذين حاولوا أن يسلبوهم عزتهم بانتمائهم التاريخي الخليجي والعربي وولائهم لقيادتهم ووطنهم.
خرجوا بمسيرة جماهيرية في السابع من فبراير عنوانها «الشعب مصدر القرار»، فكان الرد عليهم التصعيد الإلكتروني الذي بدأ يطفر عند شارع الفاتح لإظهار الإرادة الشعبية والتي تشكل دلالة واضحة على محاولات أن القرار بيد الدولة والشعب البحريني لا بيدهم هم الذين ما هم سوى دمى بيد من يحركونهم بالخارج، والتي غطت على تغطياتهم الإعلامية لهذه المسيرة الفاشلة، حيث كتبت صحيفة العرب اللندنية بعدها بأيام أن حملة «ثقتنا في الخليفة» قد حققت المرتبة 45 عالمياً على تويتر.
الواقع البحريني في فبراير يكشف مدى انتظام الموظفين في دوامهم قبل وقت الدوام حتى طيلة أسبوع 14 فبراير، حملة خميس التسوق التي ما كانت لتظهر لولا فضل الله وثم فضلهم وبعد توجيهاتهم بالامتناع عن إجراء أي معاملة مالية أو حكومية والتوقف عن عمليات الشراء، بالمناسبة هل تذكرون دعوى مقاطعتهم لمعرض الخريف؟ عدد زوار المعرض تجاوز خمسين ألفاً خلال ثلاثة أيام من افتتاحه ضمن حصيلة 114 ألف زائر. دعوا إلى 12 مسيرة للاعتصام فخرجت العديد من الفعاليات الوطنية للاحتفال بالميثاق في كل منطقة ومحافظة.
رسالة الدولة وشعبها المتلاحم معها واضحة للعاقل منهم؛ من راهن على كسر الدولة ولي ذراعها بالعصيان المدني في المدارس والمؤسسات نراهن له بأن كل ما يقوم به هو الزاد لكل المواطنين المخلصين والحافز للانتظام بالدوام، خفافيش الإرهاب الليلية المجتهدة في دس أوراق التعليمات تحت أبواب المنازل في القرى شمس الواقع تبدد كل ظلامهم بعدم التنفيذ وفشل طوق العصيان، أما بخصوص دعوات المقاطعة فهذا التوجه منكم بالأصل يحقق تطلعات شارع الفاتح الذي تضايقه الزحمة و«التزاحم» معكم بالأسواق والشوارع كل «ويكند» «فالله يريحكم مثل ما ريحتونا».
في محطتنا الوطنية في فبراير نقول لهم؛ الوعد ما بعد فبراير في إظهار الحق، لا يغركم صمت شارع الفاتح وتركه للساحة لكم في بعض الفترات والمراحل، فهذا الشارع الذي تستهينون به أقوى بكثير مما تتصورونه وتابعوا تاريخه الحافل في فترة الخمسينات والستينات ومواقفه القومية والتاريخية مع فلسطين ومصر لتفهموا كيف يصحو كمارد عظيم في دقائق ويهز الشارع ويقلب الطاولة على رأسكم قبل أن تستوعبوا حتى حجمه وقوته وإمكاناته، ونؤكد لكم أن شارع الفاتح اليوم ليس كمثل فاتح قبل 2011 في اتجاهاته وتحركاته ورسائله الوطنية والوعد قدام.