يقف علي سلمان وسط أتباعه وفي المناطــق التــي تسيطــر عليهــا الوفــاق بالترويع في القرى ليبيعهم الكلام ويقول بلهجة المناضل: «اعتقلوني بقيـة حياتي»! لكن حينما يستلم إحضارية للحضور إلى النيابة ليدلي بأقواله تقوم القيامة ويحول أتباعه المسألة وكأنها «مصيبـــة» تضرب أعراف الديمقراطيـــة والحرية!
يقـــف ليخطـــب فيهـــم ويلــوح بيـــده متحدياً ويقول «الثـورة مستمــرة» وأنــه سيتصدرهم في المسيرات، ثم حينما يستنشـــق «نسمة» من مسيل الدمــوع، تقوم القيامة من جديد ويصرخ هو وجماعته بأنها «محاولة اغتيال»! محاولة اغتيال عبر مسيل دموع؟!! والله كل شيء جائز، وكل إنسان حسب قدرات تحمله!
وقف تحت منصة الدوار المكتوب فوقها «باقون حتى إسقاط النظام» مشبكاً يده بأيادي أتباعه وحتى فرقائه من مشيمع وعبدالوهاب والسنكيس وغيرهم، لكن حينما مثل كشاهد نفي في المحكمة، «باع» مشيمع ومــن معــه ووقــف فقــط ليدافع عن إبراهيم شريف (طبعاً ليستمر في استغلال شعار سنة وشيعة) وقال بأنهم لم يقولوا «إسقاط» بل «إصلاح»! طبعاً باعتبار أن الجميع أصابه «العمى» ولم يلاحظ اللافتة التي «تخزي العين»!
عموماً، علي سلمان يقول في خطابه الذي افتتح به معرض «الانقلاب الطائفي» والذي هدف من ورائه تحدي الدولة واستفزازها، يقول بأنه يتطلع ليوم يتساوى فيه الجميع، طبعاً شعار كاذب بامتياز، لأن من يدعي سعيه لتساوي الجميع هو من يميز نفسه عن الجميع، هو من يطالب دولة قانون لكنه هو نفسه من لا يريد أن يطاله القانون ولو بالمساءلة، أو يطال مرجعه الديني الذي ينصبه كإله من دون الله يخدمه ويفديه ويعتبره فوق الدولة وفوق أي اعتبار.
المعرض الطائفي الذي أنشأته الوفاق كان طبيعياً أن تتحرك الدولة إزاءه، إذ هدف الوفاق تحويله إلى «مزار» لا يستهدف فقط أتباعها بل يستهدف من يأتي للبحرين، ومن خلال ذلك تحرف الوفاق حقيقة ما حصل. الاستشهاد ببسيوني يأتي دائماً بانتقاء ما يخدم الوفاق، في حين يتم طمس كثير من الحقائق التي تؤكد على عنف الانقلابيين وعلى استهدافهم للمكونات الأخرى من الطائفة السنية ومخالفيهم من الشيعة والأجانب والمقيمين.
علي سلمان يريد ممارسة النضال «المجاني»، لا يريد دفع أية ضريبة على محاربة الدولة والحض على كراهيتها وشحن الناس ليفرغوا ما يتم شحنهم به في الشوارع والطرقات وعبر رمي المولوتوفات واستهداف رجال الأمن. كل المناضلين الحقيقيون لم يستغلوا البشر واحتموا ورائهم كدروع، هذا الفارق حينما تريد معرفة من يناضل بنفسه ومن يريد أن يستغل الناس ليصل إلى أحلامه وطموحاته، يريد رئاسة الوزراء، ومن بعدها يريد الحكم، وهكذا خطوة تلو خطوة، وإن كان من يظن بأن علي سلمان بما يفعله يمكن أن يكون شريكاً مرة أخرى في بناء هذا الوطن، فهذا ظن خاطئ وفي غير محله، خادم لولي فقيه منصب من مرشد إيران، كيف يكون مخلصاً للبحرين العربية؟!
عموماً ما يثير الضحك هو صيغة الخبر الذي نشره موقع الوفاق بشأن استدعاء خادم الولي الفقيه، حينما كتبوا بأن استدعــاءه «يعتقد أنها ضمن حملـــة الابتزاز السياسي والانتقام من المعارضة السلمية الذي تطالب بالديمقراطية ورفض الاستبداد»!
بعيداً عن الأخطاء اللغوية في الصياغة وتذكير المؤنث وتأنيث المذكر، تكــذب الوفاق وتسوق الكذب على نفسها وأتباعها والآخرين، فمن يمارس الابتزاز السياسي غير علي سلمان ومن معــه؟! أحقاً الوفاق تطالب بالديمقراطية ورفض الاستبـــداد، أم أنها تنشد ديمقراطيـــة «العمامــة» المواليـــة لمرشـــد إيـــران، المتمرغة في استبداد منبر «آية الله»؟!
لأن ما فعلته الوفاق مخالف للقانون من الطبيعي جداً أن تتم مساءلة المعنيين عن إقامة الفعالية، ولأن علي سلمان أمين عام الجمعية فهو المطلوب حضوره للإدلاء بأقواله، وهذا لا يعني اعتقاله أو «تعذيبه» كما تحاول الوفاق وأتباعها الترويج! هو يظل مواطناً (إن كان مقتنعاً بذلك أصلاً) يسري عليه القانون حاله كحــال غيره، أوليســت هـــذه المســـاواة التي يريدها، رغم أنه أكثر من مارس التحريض والحض على كراهية النظام دون أن يتم توقيفه أو مضايقته!
هو يطلب بنفسه «الاعتقال»، هو يتمنى ذلك، ولا نرى صعوبة إثبات ارتكابه لمخالفات عديدة تدخل فـي إطار التحريض ودعم الإرهاب والتواصل مع جهات خارجية وتشويه صورة البلد، فلماذا لا تحقق له أمنيته؟!