لماذا يا سعادة الوزير المحترم التبرير لقـــرار وزير العدل بمنع الاتصال المباشر بين الجمعيات السياسية والسفارات والبعثات الأجنبية؟ لماذا تبرر وتقول لمندوب بريطانيا كارين بأن القرار الإداري الصادر عن وزير العدل جاء لتنظيم تواصل الجمعيات السياسية مع البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية وليس لتقييد تحركاتها أو التضييق عليها أو منعها من اللقاء!!
عجباً والله من دولة، وزير بالأمس يمنع ووزير اليوم يبرر بل قد يلغي القرار من أصله بعد أن يحلله حتى يفقد فحواها ومعناه؟ أليس هذا التبرير يمس هيبة الدولة؟ أليس هذا التبرير يضعف الدولة أمام المجتمع الدولي، ويفقدها سيادتها حتى على أبسط حقوقها كدولة لها الحق الكامل في اتخاذ أي إجراء وسن أي قانون يحفظ أمنها ويحافظ على سيادتها مثلها كمثل أي دولة في العالم؟ أو أن الدولة قد كانت في وقت إعلان قرارها منتعشة، وبعدها أصبحت مرتعشة، بعد الحملة الإعلامية التي شنتها الوفاق عبر صحفها التي ذكر أحد «كتبتها» أن «السفير الأمريكي هو المستهدف» من قرار المنع؟ أو أنه كما قال هندرسون «مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن» في مقاله التحذيري «تحدي البحرين للدبلوماسية الأمريكية» إن «الحكومة البحرينية -التي يعرف بأنها تشعر بالقلق من سياسات إدارة أوباما حول سوريا والبرنامج النووي الإيراني- قد قررت أن الوقت كان سانحاً للمجازفة بإثارة غضب واشنطن»، فلذلك صلاح علي بادر بالتبرير لقرار وزير العدل، لتتفادى البحرين تبعات هذا القرار، والذي قد يكون نتيجته أن تقرر الإدارة الأمريكية ضرب البحرين بدل سوريا، لأن هذا القرار مس هيبة أمريكا، بينما ما يحدث في سوريا هو أمر لم يصل إلى مستوى إثارة غضب واشنطن، لأن استخدام الكيماوي وقتل أكثر من 100 ألف من الشعب السوري هو شأن داخلي لسوريا ويمكن حله ببدائل ووسائل، أما قرار منع الاتصال المباشر الذي لم يصل إلى مستوى المنع بل هو تنظيم اتصال الجمعيات السياسية بالسفارات، هو أمر قد يدفع أمريكا لتوجيه صواريخها وبوارجها إلى البحرين عقاباً لقرار لم تراجع فيه أمريكا، وذلك عندما ترى أمريكا أن هذا القرار ليس شأناً داخلياً، فمن يمنع أمريكا وتوابعها أو يتدخل في علاقاتها مع الجمعيات السياسية التي تشترك معها في تنفيذ مخططها الاستعماري الجديد، هو قرار يستحق أن تؤدب واشنطن البحرين بالغزو والاحتلال، ولذلك سارع صلاح علي بالتبرير والتبريد.
إن الشعب السوري الذي لا يملك طيارة ولا دبابة لم ينتظر عون أمريكا ولم يجعل في حسبانه أوباما ولا أوداما، وكذلك الشعب العراقي عندما طرد المستعمر الأمريكي والآن يقاوم المستعمر الإيراني لم يضع في حسابه بأنه محتاج إلى قوات تدعمه ولا إلى دول غربية أو عربية تسانده، وذلك لإن اعتقادهم وإيمانهم بقول الله تعالى «إن تنصروا الله ينصركم»، وأما من ينتظر نصرة أمريكا أو بريطانيا، فإنه بالطبع لا وسيلة له إلا التبرير والتغيير والتنفيذ لقرارات أمريكا وإملاءاتهــا، وهذا ما جنتـه البحرين بدءاً من تنفيذ توصيات بسيوني الذي نحرت توصياته وقفة أهل الفاتح، وضر بهيبة الدولة، حتى خرجت الوفاق أقوى من قبل 14 فبراير، وها هي تصريحاتها وبياناتها وتقاريرها تقول في الدولة وحكامها ما تقول وتواصل مؤامرتها واجتماعاتها العلنية والسرية وتستقبل مرة مبعوثاً روسياً وآخر مبعوثاً أمريكياً في بيوتها ومقراتها، دون أي إجراء من الدولة أو محاسبـــة أو حتى مكاتبة فيها استفســـار عن أسباب الزيارة وما دار في الزيارة، وذلك عندما صنعت الدولة من الوفاق دولة تحسب لها أمريكا والغرب أكبر من أن تحسب للدولة نفسها، فهذه هي التقارير جميعها تصب في مصلحــة الوفاق وهذه الإشــارات تبيـــن أن الوفاق هي الذراع الأطول في البلد، وما استمرار الدولة في الحوار معها برغم إعلانها عن نفسها أنها جماعة إرهابية وهي من تقتل وتحرق، إلا دليل على وقوف أمريكا معهـــا وأدى إلى قلب موازينها، ولذلك نرى مساعي الدولة في استمرار الحوار معها، والدفع بالوساطات.
إن الوفاق وصلت لمرحلة أن تكون هي الدولة، وما تبرير صلاح علي لقرارات الدولة إلا أثبات أن الدولة مازالت تحت مفهوم أن بقاءها مرتبط برضاء أمريكا. نقول للدولة إن قوة الدولة بالله ثم بشعبها الأصيل، وليس الشعب المستورد من إيران وأصفهان، الشعب الأصيل الذي لن تقل بسالته وشجاعته عن شجاعة الشعب السوري الحر والشعب العراقي الذي طرد أمريكا وأرسل أبناءها في توابيت لا عد لها ولا حد، وهذا ما تحاول اليوم أمريكا الانتقام والثأر به لنفسها في البحرين، وذلك عندما ترى أن سحق البحرين وقصفها بصواريخها هو الذي سيعيد كرامتها، إذ إن ضربها لسوريا لن تحقق منه إلا مزيداً من الانكسار والعار، وذلك لأنها تدرك بأن الجيش السوري الحر سيتصدى لها ولقواتها كما تصدى ودحر قوات النظام السوري والروسي والصيني والإيراني و«حزب الله»، وأنه قادر بدحر أمريكا وتوابعها، وكما فعلت المقاومة العراقية التي لم تمتلك دبابات ولا طائرات، ولكنها تملك ثقتها بنصر الله، ولذلك خافت أمريكا من سوريا، فأدارت برأسها إلى البحريـن، وما قول هندرسون «قد قررت البحرين أن الوقت كان سانحاً للمجازفة بإثارة غضب واشنطن»، إلا لغة تهديد أمريكية تستخدمها عندما تبيت نواياها الخبيثة، حيـث إن إثارة غضب واشنطن، يعني أنها ستفعل في البحرين مثلما فعلت في أفغانستان عندما أثار بن لادن غضبها في 11 سبتمبر.
وهذا قول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، وبعدها سترون كيف يداوي الله أمريكا، ويلطم علي سلمان وأتباعه لطمة لن يقوموا بعدها أبداً، كما نذكر صلاح علي بقول الله تعالى: «قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين»، فكنا نتمنى أن يقتدي صلاح علي بموقف هذين الرجلين ويدخل مجلس حقوق الإنسان الأوروبي وهو يحمل في قلبه بأنه مجلس ليس فيه من شرع الله شيء، فكان أوجب عليه أن يقف مرفوع الرأس يدافع عن قرارات الدولة، ويقول إن البحرين دولة عربية مستقلة ذات سيادة، وهذا شأن داخلي لا دخل لمجلس حقوق إنسان ولا مجتمع دولي به، وشأن البحرين شأن باقي الدول، ومنهم أمريكا التي تعري البشر تحت أشعة أكس خوفاً على أمنها، وتصدر أحكام الإعدام مع كل من يتخابر ويتآمر ضد مصالحها.