لعل أجمل عبارة سمعتها عن وصف المرأة البحرينية في أنها تعتبر لبنانية الخليج من ناحية كونها امرأة عصرية متمدنة كادحة تهتم بأناقتها وجمالها، وفي الوقت نفسه تبحث عن تطوير نفسها دائماً وإبراز قدراتها، هو وصف دقيق يختصر المرأة البحرينية ويؤكد أنها امرأة جريئة اقتحمت مجالات قد تعد غريبة في مجتمعها الخليجي المحافظ منافسة الرجل فيها للوصول إلى الأماكن المتقدمة والقيادية بالمجتمع، لذا فإن كان العرب يصنفونها على أنها لبنانية الخليج فأعتقد أنه خليجياً من الممكن وصفها على أنها «لؤلؤة الخليج»؛ رمزاً لقيمة اللؤلؤة الغالية قديماً وحاضراً، والذي يستخرج من البحر وينشأ وسط عالم مليء بالمخاطر والتحديات.
لمن يتصفح تاريخ المرأة الخليجية بالمجمل سيكتشف أن البحرينية تعتبر رائدة فيه، وسيجد عناوين لافتة سطرتها المرأة البحرينية في مختلف المجالات محتلة رتب الصدارة فيها، لينتبه أنها تقود نهضة المجتمع الخليجي فيها، وسيصل بالنهاية إلى أنها ليست سفيرة البحرين في الخارج؛ بل سفيرة الخليج وممثلة نسائه أيضاً، هي من تفتح الأبواب لنسائه لاقتحام مجالات لم تصل لها النساء قبلها وتمهد الطريق، لأن تتقبل المجتمعات الخليجية المحافظة فكرة وجودها وعملها فيها.
منى الكواري أول قاضية في الخليج، لطيفة القعود أول نائبة خليجية تصل إلى مقعد مجلس النواب، فاطمة سلمان أول خليجية تصل إلى مقعد مجلس بلدي بالانتخاب وتترأسه ليوم واحد لتكون أول خليجية تترأس جلسة مجلس بلدي على مستوى الدولة، الملازم نورة بنت إبراهيم آل خليفة ليست أول امرأة خليجية فحسب؛ بل أول امرأة في العالم كانت تدير فريق عمليات ميداني بإدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، وهو مجال جريء وخطير لم يسبق لامرأة في العالم خوضه.
البحرينية اليوم أمام دول العالم امرأة عصرية متطورة لها مناصب قيادية في القضاء والطب والهندسة والإعلام، وهي مهن كانت محظورة في مجتمعها الخليجي المحافظ، حتى فيما يخص مجالات الأعمال التطوعية والخيرية على مستوى الخليج فالبحرينية متقدمة دائماً، الناشطة فاطمة سلمان عضو مجلس بلدي المحرق عملت في مجال العمل التطوعي والإغاثة لأكثر من 35 سنة، وتطوعت ميدانياً في حملات الهلال الأحمر بالعراق وباكستان وفلسطين وأفريقيا!
إن يوم المرأة البحرينية في تاريخه المحير يشبهها تماماً، يشبهها عندما تحير العالم الذي يتابعها في جمعها بين أصالة وتحفظ نساء المجتمع الخليجي وجرأة نساء العالم الغربي في اقتحام مختلف المجالات وتمدنهن وتطورهن وفي تاريخ يومها الخاص «1 ديسمبر»، والذي يأتي في بداية آخر شهر من كل سنة، وكأن هناك من أراد أن يجعل تاريخها ختام مسك كل سنة وفألاً حسناً لبداية جميلة للسنة القادمة، وكأنها في الشهر الذي يصادف فيه ذكرى العيد الوطني للبحرين هي عيد وطني آخر يمر بنا.
إن تاريخ يوم المرأة البحرينية يعتبر كقصة فرح سنوية يحييها المجتمع ليقول لها، مقدراً، إنه يتذكرها وإنها ليست نصف المجتمع فحسب بل النصف الذي يدعم ويكمل النصف الآخر ويقوده للنجاح والإنجاز، فهي المرأة التي تقف خلف الرجل في نجاحه وإن كان وراء كل رجل عظيم امرأة فإن وراء كل وطن عظيم ومجتمع متقدم وأجيال رائدة امرأة، البحرينية التي يشهد التاريخ لها بأنه وراء كل قصة نجاح بحرينية سواء أكان دورها فيها أماً أو زوجة أو بنتاً أو أختاً أو عمة أو خالة أو حتى جدة.
قديماً ومع اشتهار البحرين بصيد اللؤلؤ ورحلات الغوص على مستوى دول الخليج؛ كانت المرأة البحرينية لؤلؤة الوطن الغالي التي تدير شؤون المنزل حين يغيب الزوج راحلاً بين أمواج البحر شهوراً طويلة للبحث عن كسب لقمة العيش ودعم اقتصاد البحرين، الذي كان يعيش على تجارة اللؤلؤ، لذا لمن أراد يوماً أن يميز المرأة البحرينية بين نساء الخليج فسيجدها دائماً لا تعرف أن تسكن أو تظل بلا عمل يبرز هويتها في الكفاح، إنها تعرف كيف تخطط وتدير وتفكر وتنفق على المنزل لو أصبحت ذات يوم الأم والأب بنفس الوقت.
يشهد التاريخ أن البحرينية كانت امرأة بحر؛ فكثير من النساء قديماً اضطررن للدخول إلى البحر، كما الرجل، للبحث عن لقمة العيش والتكسب من بيع السمك، خاصة النساء اللواتي بلا معيل، تلك جرأة تميزت بها البحرينية عن نساء الخليج، ويبدو أن البحرينية لم تكن تدري وهي تخوض البحر قديماً أنها ستخوض مستقبلاً بحاراً من نوع آخر، بحار الديمقراطية والتمدن والتحضر كما تخوضه اليوم في المجلس الوطني بشقيه الشورى والنواب، وكما وصلت في مواقع كثيرة إلى مناصب قيادية وريادية هامة، لم تكن تدري في سعيها أنها ستوثق لاحقاً تراث وطن وحضارته وملامح اقتصاده وتقدم للعالم والأجيال نموذجاً حياً ومثالاً شاهداً لكفاح المرأة البحرينية سيذكرونه لاحقاً فهي من أوجد جزءاً من ملامح تجارة البحرين قديماً وحاضراً حين امتهنت مهنة خياطة وبيع الجلابيات وثياب النشل «ملابس نساء الخليج» وعمل الحلوى البحرينية والبهارات والأطعمة التقليدية البحرينية وقدمتها كسوق تتهافت عليه أسواق الخليج إلى يومنا هذا.
لا ننسى أيضاً سجل عطاءات المرأة البحرينية المشرف فيما يخص الأمن والاستقرار، فهي لم تكتف بإنجاب حماة الوطن وجنوده من أفراد الأمن والشرطة ودعمهم وتشجيعهم وغرس بذور الوطنية في داخلهم منذ الصغر ودفعهم للتضحية لأجله وحمايته؛ بل إنها هي الأخرى قادت دوراً رائداً في هذا المجال، والكل يشهد بوقفاتها المشرفة في أصعب المحن التي مرت على البحرين، ففي حرب الخليج، وعندما خلت المنازل والأحياء من الرجال الذين رحلوا كحماة وجنود للخليج والبحرين، أخذت بدور الرجل في كل المهام والوظائف الحياتية اليومية، وفتحت منزلها لاحتضان العائلات الكويتية الشقيقة وتلبية احتياجاتهم ولعبت دوراً بارزاً وهاماً في تلك الفترة، كذلك في الأزمة الأمنية المؤسفة بالبحرين وجدناها تتبوأ دوراً ريادياً وقيادياً في التكاتف المجتمعي والسهر على حماية الوطن والدفاع عنه؛ سواء من خلال التطوع ميدانياً أو إلكترونياً وإعلامياً، كثير من ربات المنازل اتجهن لمواقع العمل تطوعاً ودفاعاً عن الوطن ولإفشال مخطط العصيان المدني المنظم من قبل جماعات الإرهاب والدفع باستمرار اقتصاد الدولة وعدم تعطيله ولو ليوم واحد.
لذا في الختام تحية لكل امرأة بحرينية سواء أكانت موظفة أم ربة منزل مستمرة في رسم ملامح عطاء المرأة البحرينية وتوثيقه بإنجازاتها وعطائها وتمثيل نساء الخليج.. كل عام وهي لؤلؤة البحرين الغالية.
إحساس عابر (1)..
تحية للبحرينيات من «الشرفاء» على مواقع أدوات التواصل الاجتماعي واللواتي سخرن من أوقاتهن الكثير للدفاع عن البحرين؛ أنتم درع الوطن الإلكتروني.. تحية لكل بحرينية تشكل مدرسة وطنية لأبنائها بعطائها وتضحياتها للوطن وتغرس البذور الوطنية فيهم وحب الوطن والقيادة والولاء لهم.. تحية لكل زوجة آثرت الوطن على حياتها وتكفلت بدور الزوج الغائب المنشغل في نوبات العمل الأمنية المتواصلة وصبرت واستحملت.. تحية لكل بحرينية تقدم الوطن على غريزة الأمومة بتشجيع أبنائها العاملين في السلك الأمني على التضحية والدفاع عن البحرين.. تحية لكل أم يعمل ابنها في مجال الأمن والدفاع.. تحية لأم كل شهيد من رجال الأمن.
إحساس عابر (2)..
كما وراء كل رجل عظيم امرأة وراء كل امرأة عظيمة بالمقابل رجل؛ فتحية لكل رجل يدعم المرأة وكان سبباً في تألقها ونجاحها.