كشفت كمية الأمطار التي استمرت لمدة 3 ساعات فقط مدى سوء البنية التحتية في معظم مناطق الدولة، حيث شاهدنا كيف أن المواطنين أصبحوا ينتقلون بين البيوت بالقوارب، وكأن البحرين أصبحت البندقية، ولكن وسط «النقع» والبرك من المياه بين «الفرجان»، أين كانت الاستعدادات التي يصرح المسؤولون في الجهات المعنية التي تشترك في المسؤولية بها بين الفينة والأخرى تجاه ما عانى منه المواطنون والمقيمون، حيث شاهدنا طلبة المدارس يكابدون للوصول إلى مدارسهم، كذلك ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) وكبار السن.
في الواقع ومنذ هطول الأمطار، المفترض بها أن تكون خيراً وبركة على العباد، انقلبت بسبب عدم التخطيط لمجاري المياه ولنقص صهاريج شفط المياه وسوء البنية التحتية لشوارعنا حتى الجديدة منها، والتي نقرأ بأنها تتماشى مع المواصفات العالمية، وفي النهاية نراها تغرق بسبب هطول أمطار لمدة ساعات بسيطة، كما أن ما يدعونا للغرابة توقيع وزارة البلديات بالتنسيق مع المجالس البلدية عقوداً قبل يومين فقط من هطول الأمطار مع شركات خاصة لشفط مياه الأمطار عن طريق الصهاريج المتنقلة، ومع ذلك لا يكفي عددها ولا يغطي مناطق البحرين، ونرى معاناة الناس حتى أن المياه وصلت إلى داخل غرف النوم يا جماعة الخير والمسؤولون لا زالوا يقولون «الوضع تحت السيطرة والأمور طيبة وأحنا غرقنا».
ومن شدة التذمر من قبل المواطنين من عجز المسؤولين في وزاراتي البلديات والأشغال من عدم توفير الصهاريج لشفط مياه الأمطار كحل مؤقت، مع علمهم أن مشكلة الأمطار تتكرر كل عام وليس هذا العام فقط، وبالتالي من المفترض أن يتم وضع شبكة متكاملة من الصرف الصحي حتى لا تتجمع المياه وتصبح لدينا «بحيرات» تسير فيها القوارب بين الأحياء وكأننا في بندقية إيطاليا، ومن باب التندر والسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل المواطنين، فمنهم من قال «عمري ما شفت بحريني رافع مظلة وهو يمشي تحت المطر، كله يرفعون ثيابهم»، وآخر يقول «أخيراً تحقق حلم كل بحريني وصار بيته عالبحر».
ألهذا الحد يا مسؤولون أوصلتم الناس ليتهكموا عليكم في تلك المواقع، وطبعاً مدعمة بالصور حتى لبعض الوزراء في أسلوب ساخر يدل على الاستياء والغضب من عدم حل المشكلة التي أصبحت أزلية وهي غرق البيوت والمدارس والمحلات والبلد كلها عندما تهطل علينا كم مطرة، ولابد من هؤلاء المسؤولين من أكبرهم إلى أصغرهم إن كانوا يحسون بالمسؤولية أن يتحلوا بالشجاعة ويقدموا استقالتهم في تسجيل موقف للتاريخ بأن المسؤول الفلاني والعلاني قال أنا عاجز عن حل هذه المشكلة لتكون ثقافة لدى باقي المسؤولين في الجرأة والاعتراف بالخطأ وليس السكوت والتغاضي إلى أن يقع الفأس بالرأس.
وصلني كما وصل الكثيرين بلاشك فيديوهات وصور للناس في المدارس والشوارع وبين البيوت للبحيرات من المياه، وكيف هي وسائل النقل المستخدمة؛ فمنهم من استعان «بالجدر» الكبير ليجدف به حتى يصل إلى وجهته، وهناك من لديه قارب خشبي وآخر مطاطي، والأدهى ما رأيناه في إحدى المدارس والتي كان فيها الطلبة يدفعون بالمدرس بـ «ترولي» نقل الكتب ومدرس آخر يصوره ليصل إلى الصف الخشبي الذي أجزم أنه «خر» أيضاً، وهو ما استدعى بوكيل وزارة التربية باستدعاء مدير المدرسة بعد أن انتشر شريط الفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي في موقف يتنافى والقيم التربوية، وحسناً فعلت الوزارة أن أحالت المدرسين للتحقيق الإداري ليكونوا عبرة لغيرهم.
- همسة..
كلمة حق يجب أن تقال في العضو البلدي أحمد الأنصاري، الذي نراه يقف ويتابع بشكل شخصي شفط مياه الأمطار في دائرته وعلى حسابه الخاص حين جلب صهاريج تشفط المياه، وهذا كان من المفترض عمل وزارة البلديات وكذلك وزارة الأشغال في توفير الصهاريج، ومن هنا أطالب بتوفير صهريج بكل فريج، «لا تصدقون يا وزارة ترى أتغشمر لأنه ما تقدرون توفرونه»!