لأن القضاء البحريني ليس «إيراني» الهوى ولا «انقلابي» التوجه، فبالتأكيد لا يقبل بأحكامه الوفاقيون ومن تبعهم، سيهللون له فقط لو حقق لهم ما يريدون وهو إطلاق سراح جميع المتهمين في قضايا جنائية وانقلابية وجرائم وغيرها.
ولأن الوفاق عملها واضح أنه بأسلوب «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، بالتالي طبيعي جداً أنها تعادي من يخالفها الرأي ولو كان شيعياً معمماً، وطبيعي جداً أن «ترز» من يمسح «جوخها» ويساندها بكلمة هنا وهنا وإن كان في يوم من الأيام «شتاماً» لها.
عموماً، هي اللعبة المذهبية والهوس الطائفي الذي من الاستحالة أن «تنسلخ» عنه الوفاق مهما ادعت ورفعت من شعارات وحدة وطنية وتعايش مذهبي، وهي تدرك قبل غيرها أنها كاذبة.
عودة للقضاء وصدور الأحكام على المتهمين في قضايا انقلابية وجنائية وغيرها، رغم أن القضايا في المحاكم طوال عامين ونيف، ورغم المرافعات والتأجيلات والاستئنافات وفتح الأبواب للجمعيات الحقوقية والإعلام وكل أمر آخر، إلا أن الوفاق ترى خلاف ذلك، ترى أن القضاء البحريني غير نزيه، وتمضي لتفصيل القضايا والأحكام حسبما تريد، وتطعن في كل إجراء، حتى من قتل وحرض وخطط، ترى الوفاق أنهم أبرياء ويجب الإفراج عنهم فوراً.
متى يكون القضاء البحريني نزيهاً في عرف الوفاق؟!
حينما يقوم القضاء بالإفراج عن جميع الموقوفين في مختلف القضايا والذين أثبتت إداناتهم بالأدلة والشواهد، والأفضل له أن يزج في السجن بدلاً عنهم رجال الأمن وكل من خالف الوفاق في الرأي وعارضها في الموقف!
ألم يقل خليل المرزوق في إطار تحريض على «ثقافة الانتقام» بأنه يجب أن يأتي يوم يحاكم فيه أتباع الوفاق الدولة، وهنا ماذا تعني المحاكمة في عرف الوفاق؟! أهي مرافعات وتأجيلات واستئنافات وفتح الأبواب لإعلام أجنبي أو حقوق إنسان وغيرها لضمان حقوق المتهمين، أم أن ثقافة الانتقام الوفاقية ليست سوى استنساخ لأسلوب «العدالة القضائية الإيرانية» التي تشنق المخالفين والمعارضين على أعمدة الإنارة؟!
إن كانت الوفاق ترى بأن الأحكام ظالمة وأن القضاء غير نزيه، فهناك على الضفة الأخرى من يرى أن الأحكام التي صدرت بعد فترة زمنية طويلة من المرافعات والتأجيلات والاستئنافات في المحاكم ليست سوى أحكام مخففة، خاصة بحق من ثبتت عليه تهمة التخابر الأجنبي والتخطيط لقلب نظام الحكم، وهي تهم في بعض الدول لا يعاقب عليها إلا بالإعدام، إن كانت الوفاق ترى في الأحكام ظلماً، ففي الضفة الأخرى هناك من يرى فيها تخفيفاً على من مارس القتل ودهس رجال الأمن وأهدر الدم. تريد الوفاق أن يتم تعويض من تضرروا بحسب وصفها، والأصح هم تضرروا بسبب الوفاق ولا أحد آخر، لكنهم في الوقت نفسه ترفض أن يطالب المتضررون منها بأن تتم محاكمتها هي بسبب ما فعلته بالبلد وأهلها.
كل ما يصدر عن الوفاق بشأن الأحكام يمكن أن يفتينا بشأنها أي خبير قانوني، أليست ازدراء للقضاء واتهاماً له بأنه قضاء غير نزيه؟! ألا يستوجب ذلك مساءلة أقلها؟! أليست هي ذاتها سياسة «القانون تحت قدمي» التي أعلنها بصراحة خليل المرزوق؟!
عموماً، الوفاق لا تريد للبحرين أن تطبق قوانينها وأن يمارس القضاء دوره، لا تريد لدولة لها سيادة أن تحاسب من خطط للانقلاب وتخابر مع الخارج ومارس العنف والإرهاب، لا تريد أن تدفع الوفاق ضريبة مخطط ضد الدولة كانت حجر زاوية فيه.
عموماً الوفاق تفعل ما تفعل وتقول ما تقول كلما جاء الحديث عن أحكام ومحاكمات فقط لتبرئة الذمة، فهؤلاء الذين يحاكمون اليوم لم يكن لكثيرين منهم أن يكونوا في مثل هذا الموضوع إلا بسبب تبعيتهم للوفاق والسير على خطاهم خلال نشوة الانقلاب والسيطرة على الدوار، رغم أن المفارقة تقول إن عناصر الوفاق على رأسهم علي سلمان هم الوحيدون الذين لم يطلهم حكم القضاء الذي يتهمونه بعدم النزاهة! قد نهلوس كما تهلوس الوفاق حالياً ونقول، لربما يقصدون أن عدم مساءلتهم أو محاكمتهم تثبت أن القضاء «غير نزيه»!
اتجاه معاكس:
كادت الوفاق أن «تسجد» لأوباما مثلما هو سجودها المستمر لـ «خامنئي» سيدها ومولاها، وعليه حينما تتحدث عن ظلم الأحكام القضائية، فربما تنور الناس أولاً بشأن موقف واشنطن نفسها من محاكمة ممارسي الإرهاب والمحرضين عليه، مثلاً ماذا فعلت بهم في «غوانتنامو»؟! هل حاكمتهم قبل سجنهم؟! هل وفرت لهم محامين؟! هل سمحت لحقوق الإنسان بزيارتهم؟! هل اكترثت بانتقادات العالم؟! وهل أغلق أوباما المعتقل الرهيب كما وعد؟!
احمدوا الله أنكم في البحرين، في واشنطن أي تهديد للأمن القومي الأمريكي يمكن أن تنتج عنه رصاصة مباشرة بين العينين بلا محاكمة ولا حقوق إنسان ولا هم يحزنون، واسألوا أسامة بن لادن!