هــل تذكرون المشهد العظيم التاريخي في مسلســل الأقدار حين كان الفنان إبراهيم الصلال يقص روايته المشهورة لغانم الصالح وسعد الفرج ومرعوب عن بنت الخباز؟ هل تذكرون (الأكشن) الذي قام به من مؤثرات صوتية مريعة صور فيها مشهد قدوم الساحــر (شوي إلا قراطيس اتحذف.. شوي إلا غبرة.. شوي إلا.. وال... وال..) وحين سأله غانم الصالح وهو في غاية التشويق شصاير شصار، رد عليه الفنان سعد الفرج بتفخيم وتهويل (السااااحر السااااحر وصل)
نحن الآن في البحرين نتابع مشهد وصول الساحر مع جمعية الوفاق، رداً على الإجراءات القانونية التي قامت وستقوم بها الدولة لتصحيح أوضاع مخالفة للقانون تغاضت عنها الدولة طواعية لترتكب أكبر أخطائها، تقوم الوفاق بإحداث كل المؤثرات الصوتية التي تملكها من أجل بث الرعب في نفوس المواطنين وتهديدهم بالتحذير من عواصف وغبرة وأوراق تتطاير وحقوق الإنسان والمظلومية وعقدة الاضطهاد والإسقاطات التاريخية و(خمطة) السياسي بالحقوقي، وبيان السبع والأربعين دولة، وبيلاي أم 71 عاماً، وآشتون وفلتمان وووو كل ما يملكونه من أوراق لا يخلطها إلا من يفترض فيه أنه عالم بكيفية إعادة فرزها حين يريد، فهذه لعبة تحتاج إلى خفة يد ساحر، كل ذلك من أجل أن ترتجف الدولة و تتهيأ لقدوم الساحر الذي سيهدم الدولة!
إلا أن الساحر الذي خلط هذه الأوراق للوفاق ودربها وعلمها كي تقوم بالخدعة فقد سحره وانصرف عنه جمهوره ومسح بكرامته الأرض والسخرية منه، ووصلنا مع الوفاق الآن معها إلى نهاية مشهد الساحر، في مسلسل الأقدار، حين اكتشف المستمعون في دكان بودعيج أن ولد السلطان الذي جازف بدخول البيت المسحور كان يستجيب «لحلم» حلمه أباه السلطان، فما كان من غانم الصالح إلا أن عبر عن خيبة أمله.. (أفا كل هذا طلع حلم)؟!
نعم يا سادة يا كرام.. كل (الضغبرة) التي أثارتها الوفاق منذ 2011 منذ أن انسحبت من المجلس النيابي وجازفت برفض خيار الدولة والإلقاء بنفسها في الهواء متجهة إلى خيار الثورة مرتكزة على دعم الساحر.. كان صرحاً من خيال فهوى، ولن ينفعها لعبة (الجلا جلا) فقد أفرغت قبعتها من كل الأرانب وكل الطيور وكل المناديل الملونة فجميعها فقدت بهرجتها وما عادت تؤثر في المشاهد، وجاءت قصة مصر ولحقتها قصة سوريا لتظهر خيبة الساحر وفشله.
قد كان أمام الوفاق فرصة ذهبية أن تؤسس لحزب يتمرس على العمل البلدي والنيابي خالعاً ثوب الثورة مرتدياً ثوب الدولة، حزب يوسع من قواعده مستغلاً الفرص التي أتيحت له ولكل القوى السياسية الأخرى أن تعمل في الهواء الطلق، ولكنها ظلت قابعة في مكانها تستر عورتها الثورية برداء شفاف لا ينم عن قناعتها، تخلعه وترتديه في يومها ألف مرة، وطوال السنوات العشر لم تعرف كيف توظف هذه الأدوات في مشروع «الدولة» وتعزيز أسسها وتكرس وجودها كأحد دعائمه.
وحين رأت رايات الثورة تلوح من بعيد نفضت ردائها الشفاف رمته وألقت بنفسها في أحضان الأوهام الطوباوية واليوم تعض أصابع الندم على قرار عنفها عليه مدربها الأمريكي كثيراً حين انسحبت من الدولة دون ضمان الثورة، فخسرت الاثنين معاً.
اليوم تحاول قدر استطاعتها إعادة تجريب الألعاب الفاشلة فتبحث في قبعتها عن بيان أو تصريح تلوح به لتهديدنا بقدوم الساحر فلا تجد أثراً لمؤثراتها وفرقعاتها الصوتية.
زبدة القول بعد كل الألعاب السحرية الفاشلة إن الدولة راسخة بقوة الإرادة الشعبية التي فرضت نفسها من خلال عمقها التاريخي وامتدادها الاستراتيجي ومن خلال نظام وميثاق ودستور وقوانين ومؤسسات يقوم عليها أبناء هذا الوطن، رغم أنف إيران ورغم أنف أمريكا ورغم أنف كل «الشبكات» التي أهدرت ملايين الجنيهات الإسترلينية هباء.. انتهى العرض وبطل السحر.