من الطبيعي لمن عايش أحداث 14 فبراير وتابع مجريات الأمور حتى الآن أن يعي جيداً أن هناك محاولات يائسة وبائسة لخداع شريحة كبيرة ممن شاركوا في فبراير بالعودة إلى مقاعدهم في أغسطس.. الأمر الذي لن يحدث أبداً.
وأخذاً في الاعتبار الحملة الإعلانية الكبيرة لـ 14 أغسطس بإعطائه أكبر من حجمه بكثير لإحداث نوع من الإرباك، إلا أن المعطيات البسيطة تؤكد أن هذا الإرباك سقط أمام الخطة الأمنية التي وضعتها وزارة الداخلية، الأمر الذي يؤدي أن نأخذ في الاعتبار أنه لم يتبقَ لهؤلاء إلا ورقة العمليات الإرهابية على غرار ما حدث في البديع.
لم نكن نخشى من 14 أغسطس لاختطاف البحرين أو قلب نظام الحكم على الرغم من كل الاحتياطات الواجبة، ولكن هذا اليوم حدد ملامح التعامل مع الانقلابيين في المرحلة المقبلة وحدد طريقة وسرعة تطبيق توصيات المجلس الوطني.
هذه الأبواق الإيرانية النافخة باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لا تعترف بنظام سياسي قائم ولا قانون ولا سلطات موزعة، لذلك فإنه في كل الأحوال -ومهما كانت نتائج 14 أغسطس- لابد من اتخاذ قرار هيبة القانون وفرضه؛ الأمر الذي لابد أن يكون لعلاج هذا الوضع المتأزم منذ مدة.
إن يوم 14 أغسطس صادف الذكرى الـ 42 لاستقلال البحرين من الاستعمار البريطاني، وكم هي ذكرى عزيزة على النفس، لذلك كان لابد من أن نعيد إحياء هذه الذكرى عن طريق اتخاذ التدابير الصارمة التي ينتظرها أهل البحرين ليكون هذا اليوم هو يوم الاستقلال من الإرهاب.
على السلطة التنفيذية أن تعي جيداً أنها وضعت نفسها في موقف مختلف تماماً عن ذلك الموقف الذي كانت عليه أمام تقرير بسيونــــي؛ إنهـــا الآن أمام منعطف لا رجعة فيه في فـــرض الحـــزم مع الفئة الإرهابية والانقلابية، وإلا فقدت ثقة الشارع بشكل قد يكون نهائياً إن كانت هناك تراجعات.
إن تقرير بسيوني يجب أم يكون حاضراً ومنطلقاً قوياً في فرض الأمن وتطبيق المعايير الدولية في مكافحة الإرهاب، عن طريق الاستفادة من الأخطاء التي وقعت في الماضي وعدم تكرارها.
نطالب وزير الداخلية بتطبيق قانون الإرهاب بحذافيره، نريد أن يستشعر المواطن هذا التوجه الحازم على منفذي العمليات الإرهابية، ولا نغفل دور وزير العدل في إحياء قانون الجمعيات، الذي لو كان قد طبق من البداية لما تجرأت تلك الجمعيات على انتهاك الدستور جهاراً نهاراً.
إنه يجب أن تدرس تدابير الدول المجاورة في مكافحة الإرهاب، من إنزال عقوبات سحب الجنسية وإنزال عقوبات لأولياء أمور الإرهابيين القصر، وصولاً إلى محاصرة الإرهاب أمنياً ومالياً واجتماعياً حتى يضيق الخناق على الانقلابيين.