أُبارك رسمياً، عبر هذا المنبر، بنزع كرسي الرئاسة المصرية من الزعيم السابق مرسي، بعدما أعلنتُ مباركتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحظتها، وكلي يقين أن موقفاً كهذاً حتماً لن يُرضي جماعة الأخوان المسلمين في البحرين والإمارات والكويت، فضلاً عن مصر وفي كثير من الدول التي مدّت إليها تلك الجماعة أذرعها.
الحديث عن مرسي اليوم، والمباركة بنجاح «الثورة الشعبية» عليه، ليس كونه إخوانياً، إنما لكونه مارس الفكر الإخواني في رئاسته، وكان مطواعاً في تنفيذ غايات الحزب وأهدافه، في مشروع فاضح لـ «أخونة مصر». فهل كان مرسي يملك الحق في ذلك؟!
عندما نصّب مرسي «إخوانه» في المراكز العليا والحساسة بالدولة بعد انتزاعها من أصحاب الكفاءات والخبرات والاختصاص، هل كان عادلاً بما يكفي لإصلاح ما أفسده «مبارك» الذي ثار عليه ليحلّ محله؟ أوليس تعييناً كهذا يدخل في نطاق المحاباة والمزاجية في توزيع المناصب؟ «لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، ألاَّ يُعدّ هذا الصنيع نوعاً من السرقة لمناصب الدولة وأموالها العامة؟!
أراد مرسي أن يكون رئيساً لـ «مصر الإخوانية» وليس لـ «مصر العربية»، فصادر مبدأ حرية الأديان الذي أقرّته الشريعة الإسلامية السمحاء، بإقصائه للأطراف الأخرى من الجماعات الدينية المسلمة ومن الأقباط وغيرهم، وتجريدهم من حقوقهم المواطنية في نيل المراكز والمناصب التي تليق بكفاءتهم وخبراتهم في الدولة. أفتونا يا جماعة الإخوان في الأمر؛ أم أن دين مرسي غير هذا الدين الذي نعرفه؟
لقد استغل مرسي الوهن العربي في مرحلة ثورات الربيع، والتي كان هو أحد زعمائها في مصر، وأكثر المستفيدين منها على المستوى الشخصي قبل أن يكون شعبياً. استغل التيه والتشظي العربي، واقتنص الفرص، وبحث في الثغرات، ونبش جراح الأمة، وليته لو رشّ الملح لكان قد أبرى الجرح وإن آلم، ولكنه سلّ سيف الإخوان من غمده ليغرسه في قلب الأمة مرة تلو الأخرى بعلاقته المشبوهة مع العدو الأول إيران، في سفاهة وانتهازية سياسية لم نعهدها على مصر في مراحل مشرفة من تاريخها مع الوطن العربي، خصوصاً الخليج.
من أروع أبيات الشعر التي قرأتها في شأن العروبة، تلك التي قالها الشاعر مظفر النواب:
«القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟
ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض
فما أشرفكم
أولاد الـ (...) هل تسكت مُغتصبة؟»
أما مرسي؛ فلم يختلف على الإطلاق فقد أعدّ العدّة لاغتصاب جديد لعروبة المنطقة وأمن عروبتها. ثم أن ما الذي أوصل مرسي لكرسي الرئاسة وكيف تم الانقلاب عليه بسرعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً؟! تُرى.. ما الدور الأمريكي في لعبة «حطّ مرسي.. شيل مرسي»؟! أحتكم للقرّاء في هذه المرة إن لم يكن هذا الصواب.!!
لقد جعل مرسي وإخوانه من أنفسهم «أداة أمريكية» جديدة لمشروع «الفوضى الخلاقة» وشرذمة الشرق الأوسط، وقد أدى الدور حسبما هو مطلوب وأكثر. أسهم في ضياع مصر مرتين، وأعقبها بتشويه صورة الإخوان في الثالثة، والقضاء على مشروعهم نهائياً، وهو ما عجز عنه عبدالناصر ومبارك معاً، حسب تعليق أورده «زميل انستغرامي»، أعتز به، وراق لي كثيراً.
ويبقى ملف الإخوان المسلمين زاخراً جداً، فترقبوا المزيد والمزيد والمزيد في مقالات قادمة.