من الغريب جداً أن يقول البعض بأن الضربة الغربية المرتقبة على سوريا جاءت لنصرة الشعب السوري ضد النظام، ومن الغريب جداً أن تنتفض الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن قتل أكثر من 100 ألف مواطن سوري في الثورة بحجة استخدام الأسلحـــة الكيماوية للنظام بعد قتل 1500 مواطن فقط، فالغرب لم يلتفت للمائة ألف ولكن التفت للألف الأخيرة فقط.. يا للإنسانية!.
منذ شهور عديدة والمسؤولون الأمريكيــــــون يصرحــــــون أن استخدام النظام للكيماوي خط أحمر!.. وكأنهم يعطون إشارة للنظام بأنهم سيتدخلون في حالة استخدام الكيماوي.. في شفرة متبادلة يفهمها الطرفان، ومن رحم ربي.
الطبخة جرت باتفاق دولي كبير يضم الدببة المتصارعة على الساحة السورية، لأول مرة نرى ضربات عسكرية لا تستهدف إسقاط الطاغية، بل تستهدف بعض المواقع العسكرية، يا لهذه الضربة الغريبة، ولم يستخدم النظام الأسلحة الكيماوية إلا بعد أن حقق الجيش الحر والألوية المجاهدة تقدماً كبيراً يعادل أكثر من 70% من الأراضي السورية، وانحسر بشار ونظامه على الساحل الشمالي وبعض المناطق المتفرقة ومنها القريبة من الجولان.
إن التدخل الغربي الآن ما جاء إلا لمحاولة تعديل كفــة الخريطــة، وتقسيم سوريا بما يدعم الأمن القومي لإسرائيل، عن طريق ضربات جوية -في البداية- تستهدف بعض معاقل النظام وبعض الألوية المجاهدة.
لاحظنا التغير الكبير في لهجة روسيا تجاه الضربة، حيث قالت إنها لن تتدخل في هذه الحالة، الأمر الذي يعني بلاشك الاتفاق على كل السيناريو الذي وضعوه لمستقبل سوريا، إلا أن المفارقة أن هذه السيناريوهات هل هي ذات جدوى بالفعل؟!.
التقارير الغربية تتحدث أن سوريا أصبحت أكبر ساحة جهاد على العالم، وأكبر مثال على التشكيك في نجاح السيناريوهات الغربية هو المستنقع الذي انغمست الأرجل الأمريكية فيه في أفغانستان، حيث لاتزال الولايات المتحدة تحاول إيجاد طريقة خروج تحفظ ماء الوجه بعــد الاجتماع الذي جرى لحلفاء الناتو وقرروا فيه الانسحاب الكلي من «إمارة أفغانستان» في 2014، بعد أن تكبدوا خسائر بشرية كبيرة على يد المجاهدين بقيادة الملا عمر منذ 2011 وحتى اللحظة!.
إن التنظيمات الجهادية الآن في أكبر وأنشط حراك لها منذ الحرب مع الاتحاد السوفيتي، بل ربما أكثر، الآن هذه التنظيمات تلاقـــــي تعاطـــــفاً عربــــــياً وإسلامياً وتأييداً من معظم الفصائل الإسلامية وكبار العلماء، بل إن التحريض على الجهاد لا يحتاج إلى ذكر أصبح تحريضاً علنياً، في إشارة إلى أن مفهوم الإرهاب الذي روج له الغرب أصبح يواجه وجهة نظر أخرى على الصعيد الشعبي، الأمر الذي يضع الأنظمة العربية أيضاً أمام تحدٍ جديد.
البعض يعتقد أن الأوضاع قريبة من الانتهاء في سوريا، ولكن نقول الآن إنها تكاد تبدأ، هذه المرة الصراع سيطول وسيشتد، ونتمنـــــى ألا يكـــــون التدخـــل الأمريكي سيناريو إلقاء كرة الثلج التي تكبر شيئاً فشيئاً، مما يفتح المجال لتدخلات عسكرية واسعة في المنطقة ويجعلها ساحة حرب مفتوحة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعمال، أو بدابق».. ولأول مرة نعرف أن دابق هي منطقة في شمال سوريا.