والله غريب أمر البعض حين يقول لنا: لا تلوموا النواب، لكن لوموا الدولة والحكومة، فالنواب «وعليه عليهم» يقومون بما يقدرون عليه، وماذا يفعلون إذا الأطراف الأخرى تضع أمامهم العراقيل؟!
أقول؛ يا لقبح هذا التبرير، هؤلاء النواب اللي «وعليه عليهم» حينما طالعونا بوجوههم في فترة الانتخابات قدموا لنا شعارات ووعوداً لا يطلقها إلا «سوبرمان» أو «المارد الأخضر»، عيشوا الناس في «سكرة» حقيقية، أوهموهم بأنهم هم من سيحركون الجبال طولاً، فإن هم لم يستطيعوا «خدمة الناس» (ضعوا مليون ألف خط أحمر تحت كلمة خدمة الناس) فسيستقيلون، وذلك لأنهم موجودون في المجلس من أجل الناس فقط!
بالتالي الـ«وعليه عليهم» يستطيعون «بكل سهولة» تقديم استقالاتهم إن كان من انتخبهم له قيمة حقيقية لديهم، وإن كان ادعاؤهم «صادقاً» بأن وجودهم في المجلس لأجل خدمة الناس. لكن كلنا نعرف «السالفة»، المنصب عزيز، والمزايا أعز، والكرسي أغلى من الروح.
في كثير من المشاريع والمقترحات هناك نواب يصوتون في كل اتجاه طالما هو ضد المواطن، حتى لو كان بمقدورهم وضع الدولة في زاوية والضغط عليها لكنهم يكونون حكوميين أكثر من الحكومة، ثم المضحك أن منهم بعدها من ينعت أعضاء مجلس الشورى بأنهم صوت الدولة وليسوا صوت المواطن!
فصلنا سابقاً في موضوع الميزانية وقلنا بأن ما يحصل هو نتيجة لتهاون نواب طوال أدوار تشريعية طويلة، هم تركوا الحبل على الغارب ليزيد الفساد ويعيث مسؤولون غير جديرين بالثقة في الأرض الفساد والهدر المالي، فاتسعت بالتالي رقعة العجز، واليوم يريدون إبراء ذمتهم من ذلك عبر تعطيل موازنة الدولة في ليلة وضحاها! هذا حق يراد به باطل؛ إذ لو كنتم محاربين للفساد، أقلها لو كنتم تفتحون تقارير ديوان الرقابة المالية وتحاسبون من تسبب بالكوارث فيها لما وصلنا اليوم لمرحلة نبكي فيها بسبب وجود عجز.
لو كنتم تجتمعون على كلمة رجل واحد وتصرون على تمرير أي مشروع لزيادات أو إسقاط قروض أتظنون بأن هناك من سيقوى على التصدي لكم؟! لو كنتم أربعين صوتاً مع مشروع لزيادة الرواتب هل كان سيفشل؟! قد يجتمع مجلس وطني، وقد يتم حل المجلس لو تأزمت الأمور، لكن أقلها كنتم ستكسبون احترام الناس الذين منحوكم الثقة واعتبروكم أمناء على أصواتهم.
المضحك بشأن تصويت تمرير الميزانية تغير مواقف بعض النواب من اليمين إلى الشمال، بعد الرفض جاءت الموافقة، أخيراً «شافوا الشيء اللي احنه ما نشوفه!».
يا جماعة كلنا نعرف بأنها ستمر، بالتالي لماذا «طولتوها واهيه قصيرة؟!»، من الجنون «سلق» إهمال عشرة أدوار انعقاد في ملف واحد وكأنه سيكون «شفيعاً» لكم أمام الناس على استهتاركم في ملفات الفساد والمحاسبة والمساءلة، وكأنه سينسيهم أولوياتكم التي اهتممتم بها على حساب الناس مثل تمرير التقاعد النيابي «الإلزامي» بسرعة البرق، الموافقة على مبناكم الفخم المكلف لملايين الدنانير، بل القبول بزيادات مؤثرة لرواتبكم النيابية، عفواً أقصد «مكافآتكم» النيابية. والله لا أفهم كيف تكون «مكافأة» ويكون لها راتب تقاعدي لا و»إلزامي؟!».
بيت القصيد هنا، أنا وغيري من المواطنين الذين صوتوا في الانتخابات، قبل أن نلوم الدولة والحكومة على أي تقصير، علينا أن نمسك بـ»تلابيب» أي نائب وصل لموقعه على حساب أصوات الناس ثم «تنكر» لهم، ثم كان أداءه مخيباً معيباً.
لا يهمني على الإطلاق أي تبرير يطالعني به أي نائب على غرار «الحكومة قاعدة لنه قعدة»، أو «الوزراء غير متعاونين» أو «النواب لا يتفقون»، هذه مشكلتك يا نائب «حلها بمعرفتك»، أبداً ليست مشكلتي، إذ لم انتخبك وأصدق شعاراتك حتى تلهف أولاً مزايا الكرسي وتركب السيارة «الكشخة» وتأخذ البدلات وتسافر في الشتاء والصيف بحجة المشاركة في مؤتمرات، ثم تأتيني لتقول «أنا عاجز»، لا سلامتك «عجزك» هذا لا يطلع علينا، لم ننتخبك حتى تصاب بالعجز النيابي، لم ننتخبك حتى «تلبسنا في الحيط»، بالتالي إن كنت عاجزاً فخل في وجهك «دم» وقدم استقالتك.
انتخبنا النواب ليكونوا هم صوتنا في السجال مع الحكومة والدولة في كل ما يتعلق بالحراك التشريعي والأداء الرقابي والمساءلة وتحقيق تطلعات المواطنين، انتخبناكم لتكونوا سنداً، لكن «مقيولة»: بغيناه «عون» صار «فرعون»!
هذا الرد على من سيخرج علينا من النواب ليبرر وهو «ملتصق» بكرسيه، أحياناً السكوت يكون أفضل من الكلام، أقلها النواب الساكتون وهم عارفون بـ»تطنيشهم» الشعب يأخذون المقسوم ويسدون آذانهم بالطين والعجين، لكن من يخرج لـ«يتمنن» على الناس و»يتذرع» بمعوقات وغيرها نقول له: «عيييييب عليك، قدم استقالتك بنحترمك، اسكت يمكن نحترمك شوي، لكن على شينة قواة عينه؟! ثمن صوتي الانتخابي باطلعه من عينك»!!!
الخلاصة: لمن يبرر من النواب، مشكلتك مع الدولة أو الحكومة «كيفك» حلها بمعرفتك، كلش مو مشكلتنا. لكن نحن من حقنا بسبب خيانتك الثقة وتضليلنا بالوعود الكاذبة ومواقفك المتهاونة، من حقنا «نزردك» من رقبتك ونقول: وين الفعل يا بوكلام فاضي؟!
ملاحظة هامة..
كمواطن ولي حق يكفله الدستور بالتعبير عن رأيي، وكمواطن صوت على الميثاق وشارك في العملية الانتخابية، وكمواطن مخلص لهذه الأرض محب لقادتها، كل ما كتبته أعلاه ليس «قلة أدب» أو تقليلاً من احترام أحد، كل ما كتبته بناء على حقي في محاسبة من صوت له وخان ثقة هذا الصوت، حقي في مساءلة من وعدني بتحقيق مطالبي ثم جاءني يتباكى بالعجز بعد أن «تنغنغ».
أنتم يا نواب تطالبون بمحاسبة الوزراء بل كثير منكم يطالب حتى بإقالتهم، وبعضكم «يشرشحهم» حتى في الجلسة وعلى الهواء، بالتالي ما تقبلونه لأنفسكم «غصباً عنكم» تقبولنه ممن أوصلوكم بأصواتهم لكراسيكم.
هناك رجال أثبتوا أنفسهم في المواقف، وهناك أناس «طاحوا من العين»، ولمن لا يعجبه كلامنا من هؤلاء نقول: صوتنا ومن حقنا «نمن» عليكم، «اشربوا من ماء البحر»، هذا إن حصلتم على ساحل!