إن اختيارالساحة المقابلة للسفارة الأمريكية من قبل الانقلابيين لتنظيم ما يسمى اعتصام 14 أغسطس، أو ما يطلق عليه بدعوة «تمرد» يحمل في طياته الكثير من علامات الاستفهام -ولكن دون استغراب- لأن كل ما رأيناه من السفارة الأمريكية منذ 2011 أزال أي عوارض للاستغراب. منذ إنشاء السفارة الأمريكية في هذا الموقع وحتى يومنا هذا، لم يسبق أن تم تنظيم أي اعتصام في الساحة المقابلة لها، بل وكانت السفارة تطلب دائماً من الحكومة البحرينية فض أي اعتصام يقام بجانب السفارة بالقوة، وتطالب بجعل مسافة كيلو متر كامل بينها وبين أي نشاط سياسي آخر.
إن ساحة الاعتصام هذه ما هي إلا غطاء أمريكي لتحرك الوفاق ومن معها، فاختيار الساحة جاء بقرار من؟؟. إن وقوف السفارة إلى جانب الوفاق هو وقوف إلى جانب الإرهاب وعمليات التفجير. إن كل هذه التفجيرات والأسلحة التي ظهرت في الآونة الأخيرة، عبر عنها علي سلمان في 12 يونيو 2012م حينما قال معلقاً أن ما رأيناه من إرهاب وأسلحة وتفجيرات: «.. أن لدينا قوة ومصادر قوة لم نستخدم منها حتى 50% (...) إن مجرد كلمتين بفتوى شرعية تجعل عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب يحملون أرواحهم على كفوفهم ويخرجون خروجاً لا يبقي ولا يذر». إن المتتبع لوظيفة السفارة الأمريكية في البحرين والإدارة الأمريكية، هي إذكاء روح العداء بين الأطراف في المملكة، فهي تارة تقف مع هذا الطرف ضد ذاك وتشجعه على القيام بالعصيان المدني والتظاهر «السلمي» وقطع الشوارع، وتارة تقف مع طرف آخر مع تطبيق القانون على منفذي الأعمال الإرهابية.. إنها تريد أن يصل شعب البحرين إلى نقطة «الانفجار». لا توجد وجهة نظر حاسمة لدى الإدارة الأمريكية لما يجري في المملكة ولا قرار واضح أو رأي يدين طرفاً معيناً، بل إنها باتت مصدر فتنة واضح لشعب البحرين تؤلب هذا على ذاك.
على الجهات المختصة في البحرين أن تعي ذلك جيداً، وتعلم بشكل واضح أن هناك من يريد جر المملكة إلى العنف والفوضى، فلا يجب الوثوق حتى بمن يعطي الضوء الأخضر للضرب بيد من حديد على الإرهابيين، فهذه الدولة نفسها هي من ستعطينا الضوء الأحمر بعد الأخضر تماماً كما هي سياستها في الدول المجاورة. ما يسمى بسرايا الأشتر ما هي إلا خلية واحدة ضمن خلايا متعددة، مستعدة أن تنشط في أي وقت، إن كميات الأسلحة المضبوطة، وطرق صنعها، ووجود كواتم للصوت، ينبئ بوجود مخطط كبير لابد من الاستعداد له بأقصى درجات الجهوزية.
تطور الأعمال الإرهابية، وتطور الأسلحة محلية الصنع، ووجود طلقات حية يتعرض لها رجال الأمن، واستهداف أماكن حساسة يراد منها استهداف مدنيين، كل هذه الأمور تجعلنا نضع في الحسبان أن خطر تلك الجهات يتعدى ما نراه على أرض الواقع.. لا نقول هذا تخويفاً.. كلا بالطبع.. ولكن نقول ذلك لنكون على مستوى من الجاهزية يعادل هذا الخطر الإرهابي.