إذا شئنـــا أن نتكلـــم بصراحــة، لطالما كانت بلادنا وكالة من غير بـواب للغـــرب، وبصراحـــة أكثر حتى للشرق، يدخلون ويخرجون كيفما ومتى شاؤوا، ولقد رأينا -أو بالأحرى انكشف لنا بعد سبات عميق- أن العملاء والمخابرات والخلايا النائمة والمستيقظـــة كانـــت تدخـــل وتخرج إلى بلادنا المسالمة دون إجراءات كفيلة، على الأقل بوضع ضوابط مثل البلاد الأخرى التي (تعصر) الغريب قبل أن تسمح له بالدخول.
إن الدول الغربية كما نعلم، تطلب معلومات جمة عن السائح الذي يريد الدخول إلى بلادها، علاوة على المعلومات الشخصية الأساسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ الراتب، كشف الحساب، الوظيفة، مكان الإقامة، مدة الإقامة، الغرض من الزيارة، عدد المرافقين، من سيكـون فـــي الاستقبـــال، كشف صحي، تأمين صحي، عدد الجنسيات التي تحملها، ظروفك الشخصيـــة، إدانـــات جنائيـــة، علاقتك بالإرهاب، أو انتماؤك للمنظمات الداعمة للإرهـــاب.. إلخ.
لقد كان عملاء حزب الله يدخلون إلى دول الخليــــج ويخرجــــون وينفذون أجنداتهم دون رقابة فعلية من قبل أجهزة الدولة المعنية، وهناك العديد من الغربيين الذين كانوا يدخلون تحت مسميات عديدة ما كان هدفهم إلا النيل من المملكــة، بــل إن بعضهــم كــان يدخـــل ويخرج رغم معرفتنا المسبقة أنه يضمر الشر للمملكة.
نعم؛ إننا لا نريد دخول غير المرغوب فيهم إلى بلادنا أيمـــا كانت جنسياتهم وانتماءاتهم، وبالأخص هؤلاء الإرهابيين الذين يتعاملون مع نظام ولاية الفقيه وحزب الشيطان اللبناني وحزب الدعوة العراقي ومن يتبع التيار الشيرازي.. نعم من حقنا أن نبسط الأمن بكل قوة على أراضي مملكتنا، ومن حقنـا أن نرفض دخول غير المرغوب فيهم، ومن حقنا أن ننظم أمورنا الداخلية كيف نشاء، ومن حقنا أن نعامل بالمثل من يعاملنا بانتقـاص، نريــد للزمــن الــذي كنا فيه مستضعفين ومساكين بطيبتنا أن يولي، هؤلاء لا يجب التعامل معهم إلا بأسوأ مما يتم معاملتنا من قبلهم.
إن تدشين مشروع «الشنغــــن» الخليجية خطوة كبيرة نحو تأسيس الاتحـاد الخليجـــي، ولا أبالغ لو قلت إنها خطوة لا تقل في مستواها عن توحيد الصــك النقـــدي للدول الأعضاء الــذي ما نزال ننتظر القمة المقبلة لنرى أن يحرز في شأنه تقدم ملموس.
إن الشعــوب الخليجيــة بحاجــة إلى قرارات حاسمة من قادتهم، بحاجة إلى قرارات يستشعرون أن لهم قادة يعتمد عليهم في هذه الظــروف الحالكة، يستشــعرون أن لهـــم قـــادة يترجمون ما في نفوسهم ويستشعرون الخطـــــر المحدق بهم ويتلاحمون مع شعوبهم، وإن شاء الله سيكـــون ذلك لأن ثقتنا بهم كبيرة.
إن العالـــم الآن يتكلـــم بلغـــة التحالفات السياسية والعسكرية، وإن لم يعِ قادة الخليج أن الوقت قد حان -ولا يمكن تأخير هذا الموضوع أكثر من ذلك- لإعلان كيان إما عسكري أو سياسي اتحادي مشترك، فإن هناك العديد من أسماك القرش التــي تحيــط بالخليــج وتنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض عليه، وعندما يبدأ أول قـرش في النهش، سيتبعه جميع الأسماك الموجودة حولنا.