جاء في الدليل التوعوي بالموقع الإلكتروني لمجلس النواب، في الإجابة عن السؤال المتعلق بدور النائب البرلماني، ما نصه: «النائب ممثل الأمة في تحقيق المصلحة العامة من خلال دوره التشريعي»، كما جاءت في موضع آخر جملة من الأدوار والصلاحيات للنائب البرلماني تشريعياً ورقابياً ومالياً فضلاً عن التمثيلي. ورغم أهمية الأدوار المنوطة بالنائب البرلماني إلا أن أهمها بالنسبة لكل مواطن قد يتلخص في جميع ما يتعلق بالأدوار التشريعية والمتكونة من الاقتراحات الخاصة بالدستور، واقتراح مشروعات القوانين، والموافقة أو رفض المراسيم بقوانين، والموافقة أو رفض أو تأجيل نظر المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومناقشــة مشروعـــات القوانين المقدمة من الحكومة واقتراح إدخال التعديلات اللازمة عليها بالإضافة أو الحذف أو التعديل في المواد. فضلاً عن الأهمية الكامنة في الأدوار المالية والتي أثارت سخط الشارع في فترة ليست ببعيدة أو كانت محل جدل، تلك المتعلقة بمناقشة الحسابات الختامية والموافقة عليها، إلى جانب مناقشة الميزانية العامة للمملكة والموافقة عليها كذلك.
تكشف الأدوار السابقة أهمية النائب البرلماني، وضخامة ما يمكن إفرازه من تحت قبة البرلمان لكل من الوطن والمواطن، سلباً كان أو إيجاباً، ما يدعو لمزيد من التفنيد في انتماءات النواب وغاياتهم من الولوج إلى مجلس النواب، وكلنا يعلم حجم الإغراءات المادية التي يختص بها مجلس النواب مع سهولة الوصول إليه نسبياً، عبر فهم واعٍ لمجتمع ربما لم يع بعض أفراده بما يكفي لتحمل مسؤولية اختياراته في التصويت لمرشح دون غيره. ما جعل من أدوات الاستقطاب التي يقدمها النواب ومن ينتمون إليهم ثمناً للصوت الذي يتحصل عليه المرشح في كثير من الأحيان، الأمر الذي أشبعناه حديثاً وتفصيلاً فيما سبق.
نعلم يقيناً أن المجلس الوطني بشقيه النواب والشورى، وضع لممارسة الحياة الديمقراطية في البحرين، ويفترض بناءً على ذلك أن يكون الشغل الشاغل لأعضائه وهدفهم الأسمى خدمة الوطن ومصلحة المواطن، غير أن الامتيازات المادية الضخمة التي وضعت لأعضاء مجلس البرلمان جعلت منه مطمعاً لكل من أراد الاستثمار برأس مال زمني مقداره أربع سنوات، وربما ثمان إن تمكن من تحقيق ربح زمني يضخه في عملية دائرية كرأس مال إضافي.
أما أدوات الاستقطاب التي أشرنا إليها فقد أصبحت الطريق الأمثل لتحقيق الفوز للمرشح، وهي اللعبة التي أدركتها المنظمات الخيرية مبكراً، فصار ثمن الصوت -وبأسلوب غير مباشر- «كيس أرز» أو «مكيف» في موسم الصيف، وما شابه، أو تحفيظ جماعة من صبيان وبنات الحي «سور» من القرآن الكريم، بما يعكس المسؤولية الاجتماعية التي يتمتع بها هؤلاء دون سواهم، ولأننا في مجتمع شرقي عربي مسلم، أعتقد أنه متدين بما يكفي لأن يعتمد على «من ارتآه» «متديناً» ثقةً بالدين وأهله، أصبح الدين عرضة للاستغلال بما يكفي كذلك لتضييعه وتشويهه واستثماره في ميادين شتى منها السياسية والمالية. ويؤكد ذلك مشاركة «الوفاق» -على سبيل المثال لا الحصر- بالقائمة الإيمانية في انتخابات 2010، وإطلاق الفتاوى بخصوص التصويت، وهو ما حدث قبل ذلك أيضاً في 2002 عند صدور فتاوى مقاطعة الانتخابات وخصوصاً عند الشيعة، وباعتقادي فإن موسم الانتخابات القادم، سيكون حافلاً بنشاطات تكفيرية وإفتائية من قبل عدد من المنظمات السياسية المنبثقة من المنظمات الخيرية، وستبدي الأيام قريباً ما نقول.
عندما نطلع على البرنامج الانتخابي لكل مرشح، عليناً لزاماً قراءة ما وراء السطور وبينها قبل السطور، للتعرف على ما يخفيه أحدهم خلف برنامج براق قد لا يتحقق منه شيئاً، والشواهد على ذلك حاضرةً في العقل الجمعي البحريني، بما يغني عن التفصيل والشرح والتفنيد. كم من المواطنين ممن خاب أملهم فيمن تقدموا له بأصواتهم؟ لا أملك رقماً أحاجج به، ولكني على يقين أن النتيجة مخيبة والنسبة فاحشة.
ألم نتفكر يوماً، لم تدعم منظمة خيرية مرشح من أعضائها؟ ما تلك المصلحة المتوارية خلف ذلك الدعم بمعزل عن الإنفاق والبذل الخيري، وما الوجه الخيري في ذلك البذل لمرشح دون سواه؟ أو ليس ثمة ما يمكن تحقيقه من تحت قبة البرلمان بما يحقق هدفاً تصبو هذه المنظمة أو تلك لتحقيقه، ولعل أمثل اختراق آمن للقوانين تعديلها أو حذفها أو الإضافة عليها بما يجعل من التوغل في الأجهزة الحساسة للدولة -بما فيها البرلمان- مطية المنظمات الأهلية الخيرية.
صحيح أن للجمعيات السياسية أهدافها هي الأخرى، ولكنها السياسة.. ذلك المحور الذي تقوم عليه البلاد والعالم بأكمله، وبغض النظر عن الآراء والتوجهات السياسية، ولكن تعددها وتنوعها قد يكون ظاهرة صحية جداً مادامت قائمة على الولاء المطلق للوطن، وما لم تتقاطع مع مصالح الوطن والمواطن، ولكن.. أي رؤية سياسية تلك التي قد تتبناها الجمعيات الخيرية أو تحملها على عاتقها بدعم مرشح من أعضائها؟
أمور كثيرة.. تلك التي تطرح نفسها على طاولة النقاش وتقذف بنفسها في صدر مقالاتي القادمة لأهميتها، ولما قد تشكل الاستجابة لها -باعتقادي- فارقاً في مستوى الأداء البرلماني الذي هو موضع نظر، فضلاً عن المصروفات البرلمانية ومعايير الترشح للمجلس البرلماني. فإلى لقاء.