أيام قليلة تفصلنا عن الضربة الأمريكية على سوريا، وحتى الآن لا نعلم ما هي الأهداف الحقيقية وراء هذه الضربة وما هي أهدافها، وماذا سينتج عنها من آثار وتداعيات، ولكن هناك أموراً سيئة لابد من توقعها، فكلما كان توقعنا أسوأ كان ذلك أفضل لأمننا في البحرين والخليج عموماً.
الحرب الباردة الثانية التي تدور رحاها الآن بين أوباما وبوتين تتصاعد يوماً بعد يوم، حتى وصلنا إلى مرحلة «حذف كل منهما للآخر في حسابه في تويتر!» وإلغاء الاجتماعات التي كانت مقررة أن تعقد الشهر الجاري بينهما.. وكلها أيام قليلة حتى يبصم الكونغرس الأمريكي على قرار أوباما بضرب سوريا ليبدأ العد التنازلي الفعلي للضربة الأمريكية.
كل هؤلاء المتصارعين على الساحة السورية ينظرون إلى مصالحهم إلى أين تتجه، والضحية هو الشعب السوري الذي لايزال ينزف دماً، فتصريحات أوباما ضد بشار الأسد في السابق تغيرت الآن، وأصبحت الضربة العسكرية لا تستهدف إسقاط النظام، ولكن تستهدف مواقع عسكرية، في الوقت ذاته «لن تكون هذه الضربة وخزة دبوس»، نستنج إذن أن دماراً شاملاً سيعم سوريا قريباً، فمن خلال خبرتنا بالضربات الأمريكية «المتناهية الدقة»، فهي لا تميز بين المدني ولا العسكري، ولا المواقع الكيميائية أو ملاجئ النازحين!
من يقول إن التدخل العسكري جاء ليحسم المسألة عسكرياً فهو مخطئ إلى حد كبير ولا يمتلك أدنى خبرة للسياسة العسكرية الدولية طوال العقود الماضية، ما سينتج عن هذا التدخل أمرين لا أتوقع أن لهما ثالثاً، إما إطالة أمد الأزمة السورية وزيادة اشتعال الأزمة عن طريق إعادة توزيع ميزان القوى على الساحة السورية، وفرض مناطق عزل لإعطاء أنفاس إضافية للنظام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة وعمل بعض المسرحيات التي سيكون عنوانها «ضرب مواقع كيماوية للنظام»، في ذات الوقت الذي سيتطور فيه الموضوع إلى ضرب مواقع «التكفيريين والمتشددين» الذين يستهدفهم النظام الأمريكي بالدرجة الأولى ضمن الألوية المجاهدة في سوريا.
أما الأمر الآخر، فهو تصاعد الموضوع دولياً في حالة رجحت كفة الجيش الحر، عن طريق تدخل المحور الروسي الإيراني، ولا نستبعد أن ترتكب إيران حماقة إغلاق مضيق هرمز الذي طالمـــا هـــددت به، ولذلك، على القــادة العسكريين أن يضعوا هذا في حسبانهم وأن يوفروا من الآن ممرات آمنة للناقلات النفطية والتجارية التي تعبر المضيق، لا انتظار ما سيقع. من يقول إن مملكة البحرين بعيدة عن الخطر فهو مخطئ، إن مملكة البحرين يفترض أن تعلن حالة التأهب القصوى خلال هذه الفترة، على الصعيد المدني، فضلاً عن العسكري، وعلى المدنيين أن يضعوا لهم خططاً في حالة ساءت الأوضاع لا قدر الله.. لا ندعو للتشاؤم، ولكن رحم الله من أعد العدة وخطط وأخذ بالأسباب وأعد نفسه جيداً.. فالغفلة هي نصف الخسارة إن لم تكن كلها.