قالت بعد أن أنهت عدداً لا يستهان به من المكالمات الهاتفية: «لا أعلم ماذا أفعل وكيف يمكنني أن أجعل أبنائي يستفيدون من عطلتهم الصيفية؟.. معلوماتي عن الأنشطة الصيفية للأندية والجمعيات متواضعة جداً، ولست اجتماعية لا عرف شيئاً عنها، ولا أدري مع من أتواصل أصلاً لمعرفتها، وللأسف أشعر بالحسرة وأنا أجد أبنائي يسهرون طوال الليل وينامون النهار!!».
تابعت حديثها: «لا شيء لديهم بالعطلة سوى النوم أو الجلوس أمام شاشة التلفاز أو على الإنترنت.. ساعات يومهم تضيع أمام الألعاب الإلكترونية التي أدمنوا عليها.. أرغب بتطويرهم واستغلال عطلتهم الصيفية في شيء مفيد لهم، لكن لا توجد جهة أعرفها من الممكن أن أرسل لها أبنائي الذين أعمارهم ما بين 10-15 سنة!!. يصادف أن سألت أحدهم أن أكتشف أنهم إما يريدون أطفالاً صغاراً لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات أو شباباً كباراً بإمكانهم قيادة السيارة والتوجه للمشاركة في ورش العمل البعيدة عن مناطقنا.. ليس أمامي خيار إلا أخذهم إلى جنة دلمون المفقودة أو حديقة واهوو المائية، رغم أن أسعار تذاكرهم لا تتناسب مع إمكاناتنا دائماً. ويكون آخر خيار لها بالطبع السفر وهذا بالنهاية برنامج يوم واحد فقط!!».
كانت قد أجرت عدداً من المكالمات الهاتفية لصديقاتها والأندية ذات النشاط الصيفي للاستفسار، ووجدت أن معظم أنشطتها تقتصر على دورات السباحة.. شعرت وأنا أتأمل حالها أنها تشعر بالإحباط كون البرامج الصيفية في كل عام هي ذاتها وشبه مكررة.. لا جديد.. إما السباحة أو الألعاب الإلكترونية والإنترنت.. تذكرت عبارة طريفة بالمناسبة لصديقة لي بالمدرسة لا ألتقيها عادة إلا في تجمعات البرك كل صيف «حشى بط.. كله نجتمع في البرك».
قبل أن نتجه إلى مسألة لوم الجهات الشبابية أو تلك المتصلة بقطاع الطلبة والشباب بكلام مكرر من نوعية؛ أهمية تنظيم برامج حديثة ومتنوعة تستقطب مختلف الشرائح الشبابية على تنوعاتها والفئات العمرية لهم، وابتكار برامج جديدة وأنشطة غير تلك المعلبة ذات الطابع الروتيني منذ سنين، إلى جانب تجديد الدعوة إلى وزارة التربية والتعليم لفتح صالاتها الرياضية خلال إجازة الصيف وتنظيم الدورات والبطولات الرياضية، إضافة لاستغلال قاعاتها ومباني مدارسها في تنظيم البرامج الطلابية والشبابية المفيدة والمثمرة، وقبل أن يأتي لنا رد من الوزارة من نوع «تغلق صالات المدارس في الإجازة بسبب أعمال الصيانة.. شدعوة صيانة ثلاثة أشهر؟»، نقول للوزارة والقائمين عليها من الممكن استناداً إلى عذركم «مسمار جحا للصيانة»، تنظيم جدول عمل في كل محافظة بحيث يتم صيانة عدد من المدارس مقابل ترك عدد آخر منها لتنظيم برامج فيها وبطولات رياضية للطلبة والشباب في الصالات الرياضية بدلاً من تركهم يلعبون تحت أشعة الشمس الحارقة وفي الشوارع، الشوارع التي من الممكن لأي جهة لا تريد خيراً بالوطن وأبنائه اصطيادهم بسهولة وجرهم إلى مستنقعات الانحراف والإدمان والإرهاب، ومن ثم عندما تنتهي الصيانة بالمدارس المختارة يتم فتحها مع صيانة المدارس التي وقع عليها اختيار تنظيم البرامج من بعدها.
ما نقترحه أيضاً ونشدد عليه في هذا الصدد، وهو الأهم، أن تتولى جهة ما تتبع المؤسسة العامة للشباب والرياضية أو أي جهة متصلة بالشباب وتمثل جانباً رسمياً بالدولة مسؤولية جمع خطة عمل كل البرامج الشبابية الصيفية بالتنسيق مع مختلف المراكز والأندية، وحتى دور العبادة التي تنظم دورات حفظ السور القصيرة ورحلات العمرة، وكافة الجهات المعنية وعمل جدول شامل عن مختلف البرامج والأنشطة الشبابية يكون كخارطة وبوصلة طريق أمام الأهالي وأولياء الأمور في اختيار البرامج التي ينشدونها لأبنائهم، مع تخصيص خط ساخن للاتصال والاستفسار، وبالإمكان أيضاً أن تتعاون المحافظات الخمس كونها جهات تنسيقية بين الجهات الخدماتية والتنفيذية وبين المواطنين بالتعاون والتنسيق في نشر الإعلانات وإيصالها للأهالي وتعميم البرامج الصيفية لأطفالهم عليهم.
أعتقد أن وجود خط ساخن وجهة تنسيقية توجد هذا الجدول وتعمل على تجهيزه كل سنة مع دخول الشباب والطلبة في فترة الإجازة الصيفية؛ لن يسهم في إيجاد جهة من الممكن لهذه الصديقة وغيرها اللجوء إليها والاستفسار والحصول على المعلومات التي تنشدها فحسب؛ بل أيضاً سيسهم في بث الطمأنينة والراحة والثقة في نفوس أولياء الأمور، ونفي فكرة إرسال أبنائهم إلى جهات قد تستغل الشباب أو مراكز شبه مسيسة أو غير موثوقة، كما نشدد على أهمية أن ترافق هذه الخطوة مسألة الرقابة على الأنشطة وجودتها إلى جانب أسعار المشاركة فيها بحيث تضبط عملية عدم المبالغة فيها لتتناسب مع إمكانات العائلة البحرينية.
- إحساس أخير..
لم يعد الشباب هم عماد الوطن فحسب في هذا الزمن؛ بل أصبحوا الوطن كله وسفراءه على أدوات التواصل الاجتماعي!!