لا أعرف منذ متى ونحن نسمع عن مدينة المعارض (جنوب البحرين)! لكن أتوقع أننا كنا نسمع عنها منذ سنوات خلت، غير أنه بالأمس قيل إن المشروع موجود، وأنه سيقام، بعدها اعترضت عبارة «حال توفر التمويل»؛ يعني لا «تحاتون» المشروع بصير لي دخل أحفادنا المدرسة..!
يحز في النفس ونحن نحب هذا الوطن ونتمنى أن يكون الأول في كل شيء كما كان منذ زمن بعيد، إلا أننا لا نجد ذلك متاحاً اليوم، فحتى الذين كانوا متخلفين عن الركب حتى السبعينيات من القرن الماضي أصبحوا اليوم أمامنا بمسافة سنوات ضوئية.
تطوير المطار مشروع على الورق، مشروع القطارات مشروع على الورق، مدينة ألعاب عالمية لا توجد حتى على الورق، مدينة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا توجد حتى على الورق، مشروعات الأمن الغذائي على الورق، إستاد رياضي بمواصفات عالمية على الورق، مشروع أنفاق أو جسور شارع الملك فيصل دخل الأدراج، مشروع فتح سواحل العاصمة للناس وللسياح وللمقاهي وللسباحة لا يوجد حتى على الورق (أقولك ما في سواحل)، مشروع مدينة صناعية كبرى بقيمة 6 مليارات دينار وعلى مساحة 95 كيلومتراً مربعاً مشروع على الورق.
طيب متى سترى هذه المشروعات النور؛ حين ينفد النفط؟ أصلاً النفط «جانا وراح واحنا ما ندري، يا الله الستر بس».
مدينة اقتصادية كبرى بمساحة 95 كيلومتراً مربعاً يا جماعة هذي وين راح تصير؟
هذا يعني أن مشروع دفان فشت العظم حقيقي وهو ما كانت تنفيه الدولة، وإن حدث فإننا خسرنا أهم الفشوت التي هي بيوت ومرعى للأسماك، فشت الديبل، وفشت العظم (يعني حتى العظم ما خليتوه)..!
الرجل الفاضل وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو قال أمس إن عدد السجلات التجارية بلغ 72 ألف سجل، وعدد المفتشين بلغ 8، يعني «يا جماعة هل كيف»..؟
والله كأنك تتحدث عن دولة في غيبوبة، كل شيء فيها يحتاج إلى إعادة بناء من جديد، حين سألت بعض المسؤولين في وزارة الصناعة لماذا 8 مفتشين هل يعقل هذا؟
قالوا إن ديوان الخدمة يرفض التوظيف والعهدة على الراوي..!
هذه الحكاية تشبه حكايات كثيرة في البلد والتي تجعل المستثمر يهرب من البحرين، حكاية أن كل وزارة تلقي على الوزارة الأخرى، تروح مثلاً للبلديات يقال لك اذهب للتجارة، تذهب للتجارة يقال لك اذهب للكهرباء، تذهب للكهرباء يقال لك راجع الأشغال، تذهب للأشغال يقال لك ارجع للبلديات وهكذا..!
بالله عليكم هل يستطيع أن يصبر المستثمر على هكذا دولة؟ ونحن نجعله يلف على نفسه، بينما تتلقفه دبي وتغريه بالمميزات، وتتلقفه الدوحة وتغريه بالتسهيلات.
على الدولة أن تراجع كل إجراءاتها وكل أسباب هروب المستثمرين بسبب البيروقراطية وربما الفساد، وبسبب أن كل وزارة تتنصل من المسؤولية وتلقيها على الوزارة الأخرى.
حياتنا كلها مؤجلة؛ كل مسؤول يخرج علينا «يخدرنا» بصور ثلاثية للمشروع وبروجكت فاخر، وبأرقام فلكية مثل أرقام المدينة الاقتصادية.. وهكذا، بمعنى أنكم لن تشاهدوا هذه المشروعات إلا في الأحلام، نحن في دولة تنمي الخيال لدى المواطن، تنشر له الصور وتجعله يشعر أنه في مدينه الأحلام، وأن الاقتصاد سوف يزدهر، وأننا سنبني ناطحة سحاب أعلى من مبنى الوليد بن طلال في جدة.. وهكذا.
وكيل الأشغال يقول لنا إن الدولة أنفقت منذ الثمانينيات حتى اليوم مليار و200 ألف دولار على المجاري -أجلكم الله-، ويقول لنا «استثمرنا».. استثمرنا.. واستثمرنا، وطلع آخرتها في المجاري!
ومع كل ذلك قلنا الحمد لله، هذا الرقم يكفي البنية التحتية لولايتين في أمريكا أكبر من البحرين سبع مرات، قلنا «وشعاد» يا الله يات على المجاري يعني، لكن بعد يوم واحد من تصريح الوكيل خرجت مشكلة المجاري في مدينة الحد (عيل وين راح المليار)؟ ومن بعدها خرج الوزير وقال مشكلة مجاري الحد ستحل في 2014، يعني مع كأس العالم القادمة (يعني والله ما ننلام في اللي نقوله.. أقولك استثمرنا في المجاري)..!
قرأت أمس خبراً أن دبي تبحث شراء سترات وملابس مكيفه للموظفين الميدانيين «ما شاء الله»، ما دري ليش جات صورة عمال النظافة في البحرين وهم يضعون (فوطة) فوق رأسهم تتدلى إلى تحت الرقبة لحمايتهم من الشمس، هذه بالضبط السنوات الضوئية التي نتحدث عنها.
عموماً لا نريد سترات مكيفة هنا في البحرين، فذلك قد يسبب المرض والأنفلونزا؛ تكييف وشمس ورطوبة في نفس الوقت، ولا نريد سيارات مرور فاخرة، لكن نريد أن نرى احتراماً للمرور (صرنا نخاف نعبر حتى والإشارة خضراء) وضبطاً للطرقات، أما السترات فيكفي أن تصرفوا مظلات و(مهفات خوص) للموظفين الميدانيين..!
مدينة 95 كيلومتراً مربعاً، بالله عليكم بالبيروقراطية اللي في البلد كم سنة نحتاج لدفان 95 كيلومتراً..؟
خلونا على استثمارات المجاري أحسن..!
رذاذ
** حين زرنا قطاع غزة مع وفد الخيرية الملكية؛ حدثونا أن هناك مواطنين غزاويين يزرعون فوق أسطح منازلهم لضيق مساحة القطاع، وقلة الأراضي.
بعدها شاهدنا برنامجاً في قناة إخبارية عن المشروع، فبعض المزارعين أخذوا يعملون بيوت محمية بسيطة، لكنهم حققوا نجاحات كبيرة رغم شح المياه.
أعتقد أن علينا أن نبحث هذا المشروع في البحرين، مع إضافة إقامة أحواض لاستزراع الأسماك، فلن تبقى أسماك في المستقبل بعد دفان 95 كيلومتراً، وأنتم تعرفون حكاية الأراضي في البحرين، فلن تجدوا مساحة للزراعة.. يعني كل واحد يزرع فوق بيته واللي ساكن في شقة (ياخذ أوميغا 3) يعوض فقدان السمك..!
** مكان صغير مثل ما يطلق عليه (مدينة المعارض) لا يوجد لها تمويل حتى الآن، طيب كيف بنمول المدينة الاقتصادية الكبرى بـ6 مليارات دينار، لاحظوا دينار..!!
** إشغال المعارض العام الماضي بلغ 100%، هذا أمر طيب، لكن إذا كان الإشغال 100% كيف يصبح المردود مليون و180 ألف دينار؟
هل المعادلة صحيحة، 100% ومليون و180 ألفاً عائداً فقط..؟