إن الأحداث التي تجري في مستشفى السلمانية والمرتبطة بعيادات خارجية لبعض الأطباء، والتي كشفت عنها صحيفة «الوطن» في سلسلة من الحلقات نشرتها على صفحاتها، لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل إن رد الفعل الرسمي ليس على مستوى الطموح ولا يكاد يعطي هذا الموضوع المهم والخطير اهتماماً.
إن الحديث عن وصول سعر أمبولة المورفين لـ200 دينار في بعض العيادات الخاصة وإنها «مسروقة» أصلاً من مستشفى السلمانية وسعرها 50 فلساً، حيث إن أطباء «مافيا المورفين» يتعمدون استغلال ألم المرضى وتحويلهم إلى مدمنين عمداً للتكسب منهم واستغلالهم، هو شيء في منتهى الخطورة على الصعيد الإجرامي في مملكة البحرين.
وإن الحديث عن وجود عصابات أخرى متخصصة في بيع المعدات الطبية المسروقة من مستشفى السلمانية بعد أن يتم تسجيلها باسم مرضى وهميين هي جريمة أخرى لا تقل عن خطورة الجريمة الأولى.
إن رد الفعل الرسمي ليس على مستوى الحدث، فماذا يعني ذهاب لجنة تحقيق صغيرة المستوى إلى مستودع الأدوية المخدرة ووجدت الباب مكسوراً، ولم تجد إحصاءات دقيقة حول كمية الأدوية المستوردة أصلاً!.. هل هذا يجوز؟ إن هذا في حد ذاته جريمة لابد من محاسبة المتسبب بها أولاً.
إن المتهم والمشتبه به الأول هو ذاته الشخص المعني بتسجيل كميات الأدوية المخدرة الداخلة والخارجة من المستشفى، إن تحقيقاً كبيراً لابد أن يكون في هذا المستشفى لمعرفة خيوط هذه المافيات إلى أن نصل إلى العصابات الكاملة التي تدير هذه التجارة المحرمة.
إن التحقيق الذي جرى بمعرفة وزارة الصحة لم يكن على المستوى المطلوب، وكأنه تحقيق في مخالفات إدارية وليس جرائم ترتكب باسم الطب.
إن واجب النيابة العامة أن تتدخل فوراً للتحقيق في هذه القضية الوطنية التي تمس كل المواطنين في البحرين وتمس القطاع الصحي بالكامل.
إن أكثر ما لفت نظري في كمية الأخبار التي نشرتها صحيفة «الوطن» حول هذا الموضوع هو وجود الخبر الذي قال إن «أحد الأطباء من جنسية غير بحرينية كان يعمل في أحد المراكز الصحية يصرف إبر «البيثيدين» للمدمنين -وهو مادة مخدرة أقوى من المورفين- ويذهب لإعطائهم الجرعة في المنازل مقابل مبلغ معلوم، وذلك بالتواطؤ مع الصيدلية في المركز. وتم فصل الطبيب بعد اكتشاف الحادثة، إلا أن الغريب هو عودته مرة أخرى بعقد عمل جديد إلى البحرين».
وأنا أقول هنا إن الغريب هنا ليس فصل الطبيب، ولا عودته مجدداً إلى العمل، إن الغريب هنا أن هذا الطبيب فلت من العقاب!.. فهذا تاجر مخدرات ليس طبيباً.
إن واجب النيابة العامة تضاعف جداً بعد نشر العديد من الوقائع والأحداث حول هذا الموضوع، لأنه بات واضحاً أن وزارة الصحة لا تقوم بواجبها تجاه هذه القضية الكبرى.