عندما نأتي على كلمة حوار، دائماً تعود بنا الذاكرة إلى المبادرة الأولى التي جاءت من سمو ولي العهد لاحتواء أزمة البحرين، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن القول «لو كان كذا لكان كذا» لقلنا كثيراً وتحدثنا وخفضنا ورفعنا في نقدنا للجمعيات الخمس، ولكن نقول قدر الله وما شاء فعل.
الآن، هناك بصيص أمل جديد، وهذا البصيص يتسع شيئاً فشيئاً مع استمرار جلسات الحوار -رغم ما فيها من سفسطة- حتى جاءت تصريحات ولي العهد لتعطي دفعة قوية ورسالة واضحة للمتحاورين، أن هناك مرحلة معينة سأشارككم فيها في هذا الحوار وسأحضر معكم بعض الجلسات.
قال سمو ولي العهد: «لن أحضر جلسات الحوار حالياً حرصاً على نجاحه».. إن هذه الجملة تتضمن العديد من المعاني والاستنتاجات لا بد لمن يشارك في الحوار على وجه الخصوص أن يعيها جيداً، ويبني قراراته عليها.. إن سمو ولي العهد لا يقف طرفاً ضد طرف، وحضوره لجلسات الحوار حالياً دون وجود حوار أو بنود للمناقشة لن يكون ذا جدوى كما أن هناك خشية من أن يكون دخول سموه في هذا التوقيت يأتي بشكل سلبي بأن يحسب مع طرف ضد طرف، كما يجب أن يكون هناك مواضيع تم التوافق عليها وتم الاختلاف عليها بين الحكومة وائتلاف الفاتح والجمعيات الخمس ليكون حضور سموه فاعلاً وذا جدوى وثقل.. إذاً فهذه المرحلة تتطلب من المشاركين أن يدخلوا على الأقل في جدول الأعمال ويستوعبوا الرسالة.
كذلك، ما يحمل تصريح سمو ولي العهد رسالة واضحة للمتحاورين، سأكون موجوداً معكم في الجلسات المقبلة، إذا ما دخلت بالفعل في جدول الأعمال وناقشتم المواضيع المختلف عليها، وعندما تصل الأمور معكم إلى طريق مسدود سأكون معكم لتعمير هذا الطريق وإكمال المشوار، وسنشارككم الرؤية وسندفع بهذا الحوار، وسأكون ضامناً معكم لإنجاح هذا الحوار.
إن مسألة تمثيل الحكم التي كانت الجمعيات الخمس تصر عليها، ها وقد ظهر لها الحل بعد تصريحات سموه، ولا يوجد عذر الآن للتمطيط والتأخير والتسويف، ادخلوا في جدول الأعمال وناقشوا بنود الحوار، وتقدموا على الأقل خطوة أو خطوتين أو ثلاث، أسمعونا حواراً!.
بات على الجميع أن يتحلى بمسؤولية أكبر تجاه هذا الوطن، وأن يسعى بشكل حقيقي لإخراجه من هذا التأزيم والخصومة، وأن يتقي الجميع الله في نفسه وفي وطنه، وأن يعي جيداً أن المسألة أخذ وعطاء، وليست مكسباً فحسب.
نقولها بكل صراحة، إن الجمعيات الخمس لا تزال غير مسؤولة تجاه حوار التوافق الوطني، على الأقل لم نسمع ولا مطلب واحد منهم من المطالب، اطرحوا مطالبكم، والتنفيذ يأتي لاحقاً، إن هذا الحوار يتابعه الجميع في الداخل والخارج، وإن الرأي العام المحلي والدولي حكم عليه، فكيف يقال أنه لا ضمانة لمخرجات هذا الحوار.. إن التوافق هو أكبر ضمانة لنجاح هذا الحوار، ولكن يبدو أن الجمعيات الخمس مصرة على إقصاء الآخرين وفرض أجندتها التي تتعارض مع مبدأ التوافق.