الجلسة الأخيرة للنواب -ولا نعني جلسة اليوم الاستثنائية لتمرير الموازنة- بالضرورة ستصيب من تابعها بـ«هلوسة قسرية» دون أدنى شك!
«سعادة» النواب أنفسهم «هستروا» في الجلسة، هاج بعضهم على تغيب الوزراء واعتبروا ذلك قلة احترام. بعضهم هاج على شركة «إدامة» بسبب قضية «شاليهات» بلاج الجزائر وطالبوا بإعادتها لمسؤولية وزارة البلديات، في حين خرجت «إبداعات» من بعضهم تصلح لشعارات «هزلية» انتخابية قادمة تعكس «حوسة» النائب حينما يصل لمرحلة من يأكل من «الخبز الذي خبزه».
نقول ذلك لأن النواب أنفسهم كان بمقدورهم منذ بدء عمل البرلمان أن يخلقوا لأنفسهم أنياباً قوية، ويفرضوا الاحترام ووجوب التعاطي من قبل الوزراء والمسؤولين، بالأخص حينما يفعلون آلية الاستجواب وطرح الثقة.
يا جماعة، الوزير الذي لا «يعبركم» ولا «يتجاوب بجدية» معكم قدموه للاستجواب (شريطة أن تكون هناك قضية لا فقط تصفية حسابات) واطرحوا الثقة فيه، هكذا بكل بساطة. كيف تريدون لأي وزير أن «يحترمكم» إن كان يرى أمامه مجلساً بلا أنياب، كل ما يقوم به بعض النواب هو «تهزيء» الوزراء بالكلام، يرون مجلساً لم ينجح في زحزحة كرسي «فراش» الوزير لا الوزير نفسه؟!
رئيس المجلس الرجل الفاضل خليفة الظهراني اضطر للتدخل ليهدئ من «فزعة» بعض النواب وتلويحهم بمقاطعة الجلسة، وكأن خصمهم هو مجلس النواب أو رئيسه، قال لمن هاج وهستر وبطريقة تشبه «الرقية» أو «التنويم المغناطيسي» قال «ارتح واسترح»، وبحسب الخبر المنشور فإن ردة الفعل تمثلت بأن النائب «ما كان منه إلا امتثل!».
المشكلة هنا أن بعض حركات النواب باتت مفضوحة، كثير منهم يصرخ وينفعل و»يهستر» لأجل «الشوو» الإعلامي، لأجل كاميرات التصوير وما سينشر في الصحف اليوم التالي، أما ما يتحقق نتيجة ذلك للمواطن فليس مهماً، أهم شيء أن أتحول إلى «سوبرمان» في الإعلام ولو بالكلام. المشكلة الأكبر أن «الشر» يعم، بالتالي هذه التصرفات تجعل الناس تضع جميع النواب في سلة واحدة، حتى من يجتهد ويعمل ويحرق قلبه للأسف يحسب على من يريد «الرزة» و«مزايا» الكرسي.
عموماً، بعض النواب خرجت عنهم تصريحات تستحق التوقف عندها؛ مثل النائب الذي قال بشأن موضوع «الشاليهات» وشركة «إدامة» إن: «اثنين يرفعان إيجارات الشاليهات على المواطن محدود الدخل 400% في حين يعجز 40 نائباً عن رفع رواتب المواطنين البحرينيين بنسبة 15%».
طيب أنا كمواطن سأجيب النائب مباشرة وسأقول؛ مع احترامي الشديد قول حق روحك ولمن معك! لماذا أنتم عاجزون أصلاً عن رفع رواتب المواطنين؟! أنتم من قلتم إن الموازنة لن تمر إلا بتضمينها زيادة الرواتب وتحسين وضع المواطن، وفي جلسة اليوم الاستثنائية سنرى «الخيبة النيابية»، نعم هي «خيبة» لأن سقف مطالبكم انحدر من زيادة الرواتب بنسبة لا تقل عن 15% وزيادة المتقاعدين بما يصل إلى 150 ديناراً إضافة لزيادة علاوة الغلاء انحدر إلى التفاوض عليها، ومسألة زيادة الرواتب صارت «من صيد أمس».
أعود لما اعتبره النواب استهتاراً من الوزراء في حقهم بعدم حضورهم الجلسات، يا جماعة الوزير عندما يحضر (ونحن نطالب معكم بحضوره الإلزامي) بعضكم يحول الوزير لمادة للسخرية والتندر والاستهزاء، النقاش العلمي والمهني ضائع نسبياً، وعملية تصفية الحسابات تبرز بشكل واضح وفاضح.
لكن مع ذلك لدي مقترح للنواب إن نجحوا في إقراره وبسرعة مثلما أقروا قانون «تقاعدهم الإلزامي» وإنشاء «صندوق تقاعدي» له فسيجعل الوزراء يقفون في «طابور طويل» أمام مبنى المجلس لحضور الجلسات.
ببساطة أقروا قانوناً بموجبه يتم خصم مبلغ، ولنقل مثلاً 500 دينار من راتب كل وزير يتخلف عن حضور جلسة النواب إن تضمنت سؤالاً له أو يفترض أن يقدم فيها ردوداً وأجوبة، وضعوا شرطاً أيضاً بأن تكرار الغياب لخمسة جلسات مثلاً يمنح البرلمان الحق في طرح الثقة مباشرة بالوزير نظير عدم تعاونه مع المجلس.
لكن هناك عائقاً وحيداً أمام هذا المقترح؛ إذ بإمكان أي وزير وبسهولة أن يرد على النواب بقوله إنه كيف يحترم مجلساً لا يحترمه كثير من نوابه في الأساس؟!
دليل أي وزير في ذلك أن كثيراً من الجلسات عقدت بنصاب غير مكتمل، جلسات عقدت ونواب غائبون، وليس عذراً إن كانوا في مهمات خارجية طالما النواب هاجوا مثلاً على غياب وزير العدل عن الجلسة حين كانت وزارته تشهد زيارة لسمو ولي العهد في نفس الوقت، بالتالي يفترض أن يقبلوها على أنفسهم. والله مفارقات مضحكة؛ تريدون أن يترك وزير العدل سمو ولي العهد وهو زائر لوزارته؟! والله لو أنكم مدعون لفعالية فيها ولي العهد لركض بعضكم بـ»البشوت» و»ترززوا» وتركتوا الجلسة!
بالتالي لو تم القبول بخصم راتب الوزراء لعدم حضورهم الجلسات النيابية فإنه من باب أولى وقبل ذلك أن يطبق ذلك أولاً على النواب وأن تكون الخصومات مضاعفة، أقلها الوزراء يمثلون الدولة، لكن النواب يمثلون الشعب الذي انتخبهم وعول عليهم، بالتالي غيابهم هم عن الجلسات «جريمة» أكبر من غياب الوزراء.
عموماً، ننتظر اليوم الجلسة الاستثنائية لـ»الخيبة النيابية» لإعلان الفشل في زيادة رواتب المواطنين، ومشكورين وما قصرتوا، حتى صوت المواطن لكم «ما حللتوه»!