لم أستطع اليوم تجاوز نقطتين تتعلقان بمجلس النواب والسفير الأمريكي، فقد طالب النواب بتغيير السفير الأمريكي في البحرين، كما قالوا إن السفارة الأمريكية تتجسس عليهم أو على جلساتهم.
مع كامل احترامي للمجلس وللنواب المحترمين فيه، إلا أن النقطتين تعبران عن قصر نظر (من وجهة نظري الشخصية) فما يفعله السفير (كان سيئاً في شخصه أو غير سيئ أو أشرف على الفتنة في العراق أو نحوه) فهو ينفذ سياسة أمريكا في البحرين أو إن شئت ضد البحرين، وما السفير إلا أداة لهذه السياسة، فحتى وإن تغير السفير فهل سترسل لكم أمريكا «نبياً من عندها» هو ذات الأمر، تتكلمون عن دول عظمى وليس جزر فيجي.
على الأقل لو كان المطلب تغيير سياسات أمريكا في البحرين، أو تحديد سياسة أمريكا في البحرين هل هي حليف، أم دولة يراد لها أن يصيبها زكام ما يسمى بالفوضى الخلاقة، لكان الأمر معقولاً ومنطقياً، لكن الطلب بتغيير السفير، أجده طلباً ليس ذا جدوى.
أما فيما يتعلق بأن السفارة تتجسس عليكم، فهذا أمر (اسمحوا لي) مضحك حتى وإن كان حضور ممثل عن السفارة الجلسات أمر غير مقبول، لكن كلمة تتجسس «قوية» بالله عليكم.. ماذا لديكم كي يتم التجسس عليه؟
اعذروني «ما في يدكم مفتاح العريش» ولا تحتاجون للتجسس، وإن فعلت السفارة فهي في قمة الخطأ، لأن ذلك مضيعة للوقت والجهد.
بصريح العبارة هل لديكم ما يحتاج للتجسس (احترامي للنواب المحترمين.. لكن لديكم نواب جعلونا أضحوكة أمام الناس.. يتجسسون عليكم ليش.. أبياعتكم في الشارع)!
للأسف نحن إما أمام مجلس أقل من نصفه يأتي ليؤزم وطائفي، وإما مجلس كما ترون أمامكم، وكلاهما كارثة حقيقية على البحرين.
أقولك يتجسسون عليهم.. شدعوة البرلمان الياياني انتوا، أو برلمان روسيا، أو الصين، يتجسسون عليكم ليش الله يهداكم بس، والله فكاهيين نوابنا الله يهديهم.
يا جماعة الخير ركزوا بس في الورق اللي أمامكم، خلكم من المنصة اللي فوق، ما يحتاي يتجسسون عليكم، فيكم نواب بروحهم يروحون ويقولون كل شي.. يتجسسون أقولك..!
كنا نتمنى في هذا التوقيت من انتهاء الأزمة، أن يكون هناك وعي حكومي، ووعي شعبي لما مررنا به، كنا نتمنى أن نراجع أخطاءنا، وكوارثنا التي أوجدناها بأيدينا لا بيد عمرو، لكن لا حياة لمن تنادي.
بهذه الطريقة التي تسير عليها البلد (اليسا رايحة، وكارديشان جاية والباقي عندكم) ترى هالبلد ما راح تنهض، البلد تحتاج إلى مكاشفة وإلى كلمة حق وإلى أناس تصحح الإعوجاج، وإلى محاسبة قوية وإلا ضعنا مثل ما ضعنا في 2011، بهذا النهج لن يصطلح حالنا أبداً.
بعد أن تضرب العاصفة البيت ويحدث به خراب، العقل يقول إني لست محتاجاً فقط لبناء ما دمرته العاصفة، إنما كيف أبني بنياناً لا تهدمه العاصفة، وإلا عدت مع كل عاصفة إلى ذات المكان والمشكلة، حتى يسقط البيت بعاصفة أشد وأخيرة.
مجلس نواب يقول إن السفارة الأمريكية تتجسس عليه، بهذه العقلية لن نتقدم، وبذات النهج الذي تسير عليه الدولة قبل الأزمة، أيضا لن نتحرك ولن نتقدم، نحتاج إلى عقول وإلى أناس قلوبهم على الوطن، ولديهم إرادة وطنية قوية حتى نبارح ما نحن فيه، فمن يظن أن الأمور تمام، وأننا خرجنا من عنق الزجاجة واهم، الأزمة قد تعود بأي لحظة، ما دمنا سلمنا أمرنا للأمريكان (كخيار وسياسة.. وليس تجسس).
قبل أيام قرأت عن نيابة الوزارات، فقلت في نفسي، لدينا نيابة وزارات، عيل وينكم عن تقرير الرقابة المالية؟
كأننا ندور في دوامة، نفرغ من حلقة، وندخل حلقة أخرى، بينما لا شيء يتغير على مستوى المحاسبة والضرب على أيادي الفساد، وتغيير تلك السياسات وتسليم البلد كما حصل لنا في 2011، لن تستطيع أمريكا أن تفعل لك شيئا إن كانت سياساتك الداخلية صحيحة، ولم تسلم البلد لمن يريد اختطافها، لكن ماذا نقول.. ما أقول إلا «هرمنا.. هرمنا يالبحرين»!