يبدأ المشهد بهذه الطريقة؛ تدخل على حسابها الخاص على موقع التويتر وتظل تتابع من يعقب على تغريداتها ومن يقوم بعمل «فولو»، تواصل متابعتها لتصطدم بعبارة «فلان قد قام بإضافتك إلى قائمة عاهرات الوطن!!»، في خاصية قوائم التويتر من الممكن لأي شخص أن يعمل قائمة ويضيف من خلالها أشخاصاً تتم متابعتهم عند الدخول على الصفحة الشخصية له، لتكتشف أن هذا الشخص يقوم بإضافة الإعلاميات والكاتبات المدافعات عن الوطن في هذه القائمة التي قامت بشطبها فوراً وحظر اسم المستخدم لتسقط اسمها منها!!
تمر الشهور وتمضي مبتعدة عن فترة فبراير التي يبدو فيها تأزم التغريدات البحرينية على موقع التويتر مع تأزم الوضع الأمني بمملكة البحرين، فتعتاد مع الوقت على تمييز من يقومون بالرد عليها لتلاحظ أن بعضهم يتعمد مهاجمتها بشكل شخصي ولصق بعض الألقاب والتهم عليها زوراً، في حين لا يتحرج البعض من رمي العبارات البذيئة عليها بشكل مباشر، وغالباً ما تتجه هذه العبارات نحو معانٍ قريبة من كلمة «العاهرة» و»العشيقة».
يبدو واضحاً أن هناك من لديه قاموس خاص ومتناقض لمفاهيم التغريدات الوطنية، ويرى الدفاع عن الوطن ورجال الأمن والمواطنين الأبرياء، وإشغال وقت الفراغ بهذا النوع من الأعمال «عهراً»، فيما تجد تبريراته عندما يؤيد ويدافع عمن يهاجمون الشرطة ويقتلونهم استناداً على خطبة «اسحقوهم» لعيسى قاسم، التي يزعم أنها جاءت لأن رجال الأمن يقومون بالاعتداء على نساء القرى، كما تجده «يشتط» ويتحمس كثيراً مدافعاً عن انتقاد ممارسة انسداح بنات الخواجة في الشوارع علناً وأمام المارة كنوع من أنواع الاعتصام!!
ويبدو كذلك أن هناك من يرى أن بإمكانه لوي ذراع بعض الفتيات على ساحة التويتر من خلال رمي العبارات البذيئة، والتي بالطبع ستكسر عفة الفتاة وتضايقها وتحرجها عندما يتم تداولها ويعاد نشرها أمام غرباء، قد لا يعلمون عن أخلاقها شيئاً، فيصدقون التغريدات التي يوضع فيها اسمها مصحوباً بلقب كـ «العاهرة» وغيرها من الأوصاف البذيئة التي ترمى، فلا تعود تغرد أو تكتب وتتصادم مع من يسيئون إلى صورة وسمعة الوطن إلكترونياً وتكشف أكاذيبهم!!
مشهد آخر للعبة أخرى؛ موضوع يطرحه أحد أعضاء المنتديات الوطنية يتناول نقداً لمن يحسبون أنفسهم معارضة، ومن بين الردود العديدة التي تعقب على الموضوع تجد البعض، وبشكل متعمد، يتقصد الرد على تعليق إحدى الفتيات المشاركات لا صاحب الموضوع تحت اسم مسجل له في المنتدى يتنكر من خلاله بأسماء ترمز إلى أنه أحد شرفاء الوطن «يزعم» من باب استفزازها بشكل غير مباشر!!
يعقب ذلك تحول جميع ردود المشاركين من التركيز على الموضوع الأساسي الذي يخدم رواد المنتدى ويقدم لهم فكرة جديدة تضاف إلى رصيدهم المعرفي بشأن مستجدات الساحة السياسية والمحلية إلى استنكار مداخلة هذا الشخص والرد عليه بمداخلات تدافع عن هذه الفتاة، فيما يندس آخرون أيضاً للدفاع عن هذا الشخص وبيان أن تساؤله يأتي من باب الحرية والتعبير، فيتحول المشاركون بالموضوع إلى فريقين؛ فريق يدافع عن الفتاة وفريق يدافع عن الشخص «المندس»، وهكذا يضيع وقت وجهد المشاركين جميعهم ليتجه إلى نقاش بعيداً تماماً عن الموضوع الذي تضيع فكرته بينهم، وغالباً ما ينتهي النقاش إلى السب والشتم والدخول في الأمور والألقاب الطائفية!!
هاش تاغ «أم صيخ»؛ جاء لتغريدة فتاة دافعت عن صديقتها الجامعية التي تعرضت لاعتداء من قبل مخربي جامعة البحرين، والذي أصبح عنواناً لسخريتهم لهذه المغردة الوطنية، ولقب «العجوز الشمطاء» لإعلامية مخضرمة، ونشر صورة مرشحة نيابية سابقة دون حجاب كلها تصرفات تعكس أن هناك من امتهن هواية التشمير عن عضلاته الإلكترونية بمهاجمة الفتيات كونه يرى في قاموس لعبة التغريدات والمشاركات الإلكترونية المسيئة للبحرين أنهم الحلقة الأضعف ويتأثرن بسرعة بعباراته البذيئة، في حين لا يستحي أبداً وهو يتجادل بهذا الفكر الهابط المستوى ويهاجم الفتيات بشكل شخصي، ذكر أن تأييده للإرهاب والعنف يأتي من باب البطولة والرجولة التي تعني الدفاع عن نساء القرى اللواتي يتعرضن للمهاجمة من رجال الشرطة «كما يزعم ويتخيل»، والمشايخ الذين يصفون نساءهم بنساء المتعة ويسيئون بهذه العبارات إلى شرفهن وسمعتهن!!
لا نعلم؛ لكن هل احتراق الأوراق السياسية وإفلاسهم بدأ يكشف إفلاسهم الأخلاقي أيضاً، فحقيقة ألفاظهم النقاشية والحوارية مع الآخرين يعبر عن مستوى عقلياتهم وبيئتهم، فهل بدأت لعبة مهاجمة أقلام الفتيات والنساء المدافعات عن الوطن واستفزازهن ومحاولة التأثير النفسي عليهن بعد أن أصبحت لا حيله أخرى لهم في المحاربة والمواجهة والتجادل وفق منطق سليم يبرر ما يفعلونه من إرهاب بحق الوطن؟ هل انفضحت أجندتهم بطريقة أصبحوا فيها لا يملكون حججاً يغردون بها أمام العالم تدعم ثورتهم الفاشلة؟ هل تقزم حجم كثير منهم على التويتر ولم يعودوا يملكون أي مبررات ترد على ما يظهر للعالم من إرهاب بشع المظهر فأصبحوا يبحثون عن أي شيء يستفزون فيه الأطراف الأخرى الذين لا يعترفون فيهم بمعادلة «غالبية الشعب» بعد أن فشلت لعبة الاستفزاز على أرض الواقع لتحويل البحرين إلى عراق أخرى؟
^ مساحة أخيرة..
شكراً لحمية رجال شرفاء الوطن والخليج على دفاعهم عن كل فتاة تتعرض لمثل هذه المضايقات الإلكترونية من قبل مَن سقطت مع مراتب أخلاقهم عقولهم وسحق ضميرهم وشهامتهم، ولم تعد لديهم مشكلة بعد الإساءة لسمعة الوطن خارجياً وسحق رجال الأمن؛ الإساءة لسمعة بنات الوطن وسحقها إلكترونياً!!