كان قرار سحب جنسيات 31 شخصاً تسببوا بالإضرار بأمن الدولة قراراً صائباً طال انتظاره، كما هو الحال بقرار وقف المسيرات والاعتصامات، ولكنه ورغم ذلك إلا أنه دليل على أن القانون بدأ بالتطبيق بعد أن طال الصبر ولم تنفع سياسة العفو مع هؤلاء الإرهابيين الذين أساءوا إلى البلد الذي احتضنه وكانوا ناكرين للجميل، وتصوروا أن صفح جلالة الملك عنهم خوف أو ضعف، ولم يدركوا أن ما قام به جلالة الملك مراراً لم يكن إلا دليلاً عن معدنه الأصيل وقلبه الكبير وقابلوا الإحسان بالإساءة بل تمادوا في العنف والعبث بالوطن أكثر وأصبحوا يستهدفون رجال الأمن والمدنيين من خلال قتل الآمنين من المقيمين، وما حدث من قتل لشخصين مؤخراً من خلال زرع قنابل محلية الصنع أودت بحياتهم يعتبر شاهداً على أعمالهم الإجرامية.
في الحقيقة أن المواطنين استقبلوا خبر إسقاط الجنسية عن 31 إرهابياً بارتياح تام، وكانت هذه هي مطالب الشعب بإسقاط الجنسية عن كل من يسعى إلى قلب نظام الحكم ويحرض على العنف من على منابر الجمعة ودعوة المغرر بهم إلى قتل وسحق رجال الأمن، وهو ما حدث بالفعل وتم استهداف الشرطة وقتل العديد منهم، هنا كان على الدولة أن تطبق القانون في محاسبة من يصدر هكذا فتاوى وأن يتم سحب جنسيته خصوصاً أنه هو ذاته أصلاً حصل على شرف الجنسية، والغريب أنه يهاجم سياسة التجنيس ونسي أنه هو ذاته قد اكتسب الجنسية وهو يعلم أصله وفصله ودولته الأم التي يبدو أنه سيعود إليها قريباً وهو مطلب الجميع بسحب الجنسية منه وإعادته من حيث جاء.
لقد بدأت الدولة بإعادة هيبتها بعد قرار وقف المسيرات والاعتصامات إلى أن يستتب الأمن والاستقرار، وتلتها مباشرة خطوة أخرى هي سحب جنسيات عدد من الإرهابيين والمحرضين سواء كانوا في الداخل أو الخارج، وهنا يبدو أن الدولة قد أدركت خطورة الوضع القائم ومدى خطر هؤلاء الذين سعوا ومازالوا منذ 40 عاماً إلى قلب نظام الحكم بالقوة بالتخابر مع الأجنبي ووضع أيديهم بأيدي إيران وغيرها في استقواء واضح وخيانة عظمى لوطنهم، وبالتالي فإن سحب الجنسية هو الإجراء القانوني الذي كان لابد أن تطبقه السلطات المعنية بالدولة.
إجراء أو قرار سحب الجنسية لم يكن الأول في البحرين؛ فقد تم سحبها في الثمانينات من عدد من الذين اكتسبوا شرف الجنسية التي لم يكونوا أهلاً لها بسبب خيانتهم للوطن والتآمر عليه مع الأجنبي لقلب النظام بالقوة، إلا أن جلالة الملك أراد أن يفتح صفحة جديدة مع هؤلاء المجرمين بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد في محاولة منه لإعادة اللحمة الوطنية وإطلاق المشروع الإصلاحي من خلال تبيض السجون وإعادة المبعدين وإعادة الجنسية لهم والعيش في وطنهم بكرامة على أن يكونوا مواطنين صالحين يساهمون في بناء الوطن من جديد الديمقراطية أصبحت تضاهي مصاف الدول المتقدمة وإعادة الحياة البرلمانية التي تعطلت طوال 30 عاماً بعد حل المجلس الوطني، على رغم كل ذلك لم يكن ذلك كافياً للإرهابين الذين يضمرون الشر والحقد في قلوبهم السوداء مستغلين أجواء الحرية الممنوحة في الإساءة للمكتسبات التي تحققت.
حقيقة لابد أن تعيها الدولة هي أن من يخون وطنه ويبيعه للأجنبي لا يستحق أن ينتمي إليه ويحمل جنسيته، فقد أضر بأمنه واستقراره وسلامة شعبه المسالم الذي صبر كثيراً كما هو حال جلالة الملك الذي عفا عن الذين أساءوا له شخصياً؛ وهذه هي شيم الرجال الأقوياء، إلا أن هؤلاء ظنوا أن حلم وصبر جلالته هو تراجع أو ضعف من الضغوط الداخلية أو الخارجية، متناسين أن ما قام به هو ما يمليه عليه حبه لأبناء وطنه وإن أساءوا بصفته رأس الدولة والحامي للدين والوطن وسيادة الدستور والقانون من خلال صون الحقوق والحريات.
الدور يأتي الآن على المواطنين الشرفاء الغيورين على وطنهم بالوقوف مع وطنهم في الحفاظ على أمنه واستقراره من خلال محاربتهم للعنف والإرهاب الدخيل على البحرين وشعبها المعروف عنه الطيبة والتسامح، وهذا العنف لم يكن إلا مستورداً من الخارج بأتباع تكتيكات عدوانية ومخططات شيطانية بتفجير القنابل وترويع الآمنين وتهديد السلم الاجتماعي، وبالتالي فإن من الواجب اليوم الوقوف في وجه هؤلاء المخربين وعدم تركهم يسرحون ويمرحون ولابد من صدهم وعدم التفرج دون فعل أي شيء من أجل الوطن وهذا واجب على كل مواطن يهمه استقرار وطنه.
ما قامت به وزارة الداخلية حين أقدمت على سحب وإسقاط الجنسية عن أولئك المجرمين المحرضين يتماشى مع الدستور والقانون الذي يجيز بإسقاط الجنسية عمن يثبت سعيه إلى النيل منه بتهديد أمنه واستقراره، وهو ما كان بالفعل ما قام به الذين تم إسقاط الجنسية عنهم حيث تثبت تحرضهم على استخدام العنف وسيلة لقلب النظام بالتخابر مع الأجنبي وكل ذلك بلا شك موثقاً بالأدلة والبراهين الدامغة.
^ همسة..
قال الشاعر أبو الطيب المتنبي:
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْــــــتَ أكْـــــــرَمـــــــــــــــــتَ اللّئيـــــــــمَ تَمَــــــــرّدَا!