لقيت 26 تلميذة إيرانية حتفهن في انقلاب حافلة، وخلف الحادث أيضاً 18 جريحاً، حيث انقلبت الحافلة بينما كانت تنقل تلميذات يدرسن بالمرحلة الثانوية في رحلة من مقاطعة بختياري بالقرب من أصفهان إلى الأحواز. لا أريد هنا مناقشة حادث سير؛ إذ نعرف أن الطرقات بإيران تقتل نحو 28 ألف شخص سنوياً وفق صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، الذي يقول إن هذا العدد يفوق عشرين مرة المعدل العالمي، ولكن ماذا عن خلفيات هذا الحادث؟
في برنامج خاص بالحرس الثوري الإيراني تحت عنوان “مخيمات قوافل النور”؛ يجب على جميع الطلاب في المدارس الإعدادية والثانوية والجامعات أن يشاركوا من خلال حضورهم في هذه القوافل، ومن الضروري والملزم لهؤلاء زيارة الأحواز. وكل من وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التابعة لها برعاية من الحرس الثوري والباسيج ينظمان هذه البعثات من كافة المدارس في جميع الأقاليم الإيرانية، وذلك من أجل تعرف الجيل الصاعد في إيران على أهمية الأحواز الاستراتيجية والاقتصادية، كذلك زيارة المناطق التي وقعت بها حرب الثماني سنوات ما بين إيران والعراق.
جميع الطلاب مجبرون على الحضور في هذه البرامج المدونة من قبل الحرس الثوري، ولكن يحصل في المقابل كل طالب بعد زيارته إلى الأحواز على عشر درجات من مادة دراسية بعنوان “الاستعداد الدفاعي”، وفي نفس المضمار نرى ما يقارب 12 مليون طالب وطالبة يزورون الأحواز سنوياً وبدعم حكومي مباشرة كما أشرت آنفاً. كما تقع أحداث عدة لهذه القوافل منها حوادث السير التي خلفت المئات من القتلى بين هؤلاء. في سياق آخر دشنت المخابرات الإيرانية ومنذ فترة خمسة مواقع ناطقة بالفارسية، حيث تتابع هذه المواقع كل صغيرة وكبيرة ما بين الأحوازيين في المنفى، وتعلق عليها وتنشرها وتحاول أن تسيء لسمعة المناضلين والقوى السياسية الأحوازية.
يا ترى لماذا كل هذا الثمن والأرواح ومتابعة النشطاء الأحوازيين في المنفى إن كان الأحوازيون مواطنين إيرانيين ولا لديهم أية مشكلة مع الدولة الإيرانية، كما يقول الإعلام الإيراني؟
يقول الزعيم الأسطوري مهاتما غاندي: “يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر!”.
نرى وبعد ما يقارب الـ9 عقود من احتلال إيران للأحواز، مر علينا وبالأحرى على الشعب العربي الأحوازي والقوى السياسية الأحوازية جميع الحالات التي تحدث عنها الزعيم غاندي إلا الانتصار، حيث عشنا استهزاء وتحقيراً للعرب في الأحواز على لسان الفرس وكذلك تجاهلاً تاماً لأبسط مطالبات الشعب العربي الأحوازي، كما سخر الفرس من كل ما هو عربي، خصوصاً إن كان أحوازياً، وفي جميع الحالات الحرب ضد العرب في الأحواز مستمرة دون وقفة وبأشكال عدة وعلى كافة المستويات؛ السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية وإلخ...
الآن وفي منتصف ليلة الثلاثاء الموافق 23 أكتوبر 2012 جاء خبر عاجل على المواقع الفارسية يفيد أنه تم نسف أنابيب الغاز في منطقة السبعة (110 كم شمال الأحواز العاصمة)، وتبنت هذه العملية كتيبة الحسنين التابعة للجناح العسكري لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز. هكذا حال الأحوازيين ونضالهم ضد الاحتلال الفارسي منذ 20 أبريل 1925 ليومنا هذا، ولم يأت النصر حتى اللحظة، حيث تجاهلونا وسخروا منّا وحاربونا ودافعنا عن أنفسنا وأرضنا ولم يأت النصر، لكن وعد الله يفوق كل كلمة، ونرى النصر قريباً بإذن الله. لماذا نقول قريباً؟ لأن هناك تقدماً واضحاً على المستوى السياسي والدولي للقضية الأحوازية، ودليل هذا التقدم والتطور تقرير كل من بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وأحمد شهيد المقرر الخاص في شؤون حقوق الإنسان، وهكذا دخلت القضية الأحوازية أروقة العديد من المؤسسات الدولية، وبموازات هذه الانتصارات على المستوى الدولي نرى العمل الميداني في الداخل يتطور يوماً بعد يوم، كما نشعر بتطور ملفت في عمل كافة المؤسسات الأحوازية، وهنا لابد أن نشير لدور إخوتنا في الإنسانية في كافة الدول العربية وغير العربية الذين يمدون يد العون للشعب العربي الأحوازي ومؤسساته، ويدعمونه بشتى الطرق حتى الحصول على حق تقرير المصير؛ أي الحق المكفول عالمياً لكافة الشعوب.
أخيراً وليس آخراً أتوجه لإخوتنا العرب حيث أقول؛ أنتم خير شاهد على ما حدث في العراق وما يحدث اليوم في سوريا ولبنان واليمن، وكل ذلك تحت إشراف وإدارة إيرانية مباشرة، وإذا استمر صمتكم تجاه القضية الأحوازية سوف تعبث إيران بالجغرافيا السياسية العربية، وتدخل النار إلى بيوتكم وتقتلكم بعدما ذبحت الأحوازيين طيلة الـ9 عقود، فقبل فوات الأوان شدوا أزركم أمام الآلة الفارسية القاتلة.