من المقرر أن تنطلق يوم غد جلسات حوار التوافق الوطني بحسب ما أعلن وزير العدل لاستكمال الأمور العالقة في المحور السياسي الذي من المفترض أنه كان قد انتهى في حوار 2011 لولا انسحاب المعارضة وعلى رأسها جمعية «الوفاق» حينها والتي لا أتمنى أن تكررها في 2013 وتعيد ذات الأخطاء التي وقعت بها في 2002 حين قاطعت البرلمان واستقالت منه في 2011 بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد، وانسحبت من حوار 2011.
في الحقيقة نضع أيدينا على قلوبنا مع بدء أولى جولات الحوار ونتمنى ألا نشهد أي انسحاب أو استياء وندعو الله أن يكون سبباً في إنهاء الأزمة التي مازلنا حتى اليوم نعيش تبعاتها.
من الحكمة لجلالة الملك حفظه الله أنه دعا للحوار في شهر فبراير الذي يحتفل فيه شعب البحرين بذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني الذي جمع كل الشعب بكل طوائفه على كلمة «نعم للميثاق» عشنا معها أيام جميلة في حب الوطن، في الوقت ذاته أصبح فبراير وبالتحديد 14 وهو يوم الميثاق بالنسبة للبعض يوم كما يطلقون عليه «ثورة» كانت السبب في تردي الوضع في البلاد وأحدثت شرخاً في نسيجنا الاجتماعي، نسأل الله أن يكون الحوار هو المخرج للأزمة التي تعصف بنا لمدة عامين كاملين وأن تعود حالة الأمن والاستقرار كما كانت.
في الواقع أن من يشارك ويكون طرفاً ممثلاً عن جمعيته السياسية سيكون عليه أمانة وحمل كبير في الوصول بالوطن إلى بر الأمان، من خلال التوافقات عند نقاط مشتركة مع الآخر، وعدم الدخول للحوار من أجل التأزيم أو الانسحاب وإثارة الشارع والعودة إلى المربع الأول أو إلى نقطة الصفر، وبالتالي فإن من سيجلس على طاولة الحوار عليه مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام الشعب، وسيكتب التاريخ اسمه من ذهب، إذا ما كان سبباً في إزالة فتيل الاحتقان وعبور البلاد عنق الزجاجة إلى بر الأمان، وهنا ندعو الله أن يوفق كل من يضع مصلحة الوطن نصب عينه لا أن يدخل قاعة الحوار محملاً بأجندات وأهداف خفية يسعى من خلالها إلى الإثارة.
من المفترض بمن سيكون طرفاً في عملية الحوار السياسي أن يبتعد عن التعصب الطائفي البغيض الذي هو علة بلادنا، فأصبحنا نعيشه لحظة بلحظة في حياتنا اليومية، وفي كل تفاصيلها وإن كان حاضراً في طاولة الحوار فلن يكون النجاح حليف حوارنا الذي يترقبه الشارع البحريني بكل شغف على اعتبار أنه طوق النجاة في انتشالنا من حالة التأزم بين القوى السياسية المعارضة من جانب وجمعيات ائتلاف التحالف الوطني من جانب آخر، وهنا لابد أن نبتعد عن لغة التعصب والطائفية والتحزبات الخارجية، سواءً لدول أو تيارات لا تريد لبلادنا الخير، وإنما تتربص به شراً وعلينا كبحرينيين أن نقطع على تلك القوى الشريرة الطريق، ولا نسمح لها أن تتدخل بيننا، وعلينا أن نحل خلافاتنا في إطار الوطن وأن تكون الحلول بحرينية وليست مستوردة.
مع بدء الحوار غداً والتي ستكون المعارضة طرفاً فيه، عليها أن تعي أن الجلوس على طاولة الحوار والعنف مستمر في الشارع أمر لا يستقيم، وبالتالي عليها أن تسعى بطريقتها، وهي أعلم بها، في وقف العنف والتخريب الذي لم يتوقف منذ عامين ضد رجال الأمن والمواطنين والمنشآت الحكومية بشكل شبه يومي، وعلى «الوفاق» أن تعي أن الالتزام بالقانون وفق آلية عمل سياسية صحيحة أفضل لها من تحريك شباب صغار مراهقين لإثارة البلبلة وقطع الطرق بالحرق والتخريب، لأن ذلك لا يجدي نفعاً بل سيزيد الأمور تعقيداً، وبالتالي فعليها أن توقف وفوراً هذا التصرفات الصبيانية وأن تجلس وتحاور عبر طرح رؤاها وأفكارها هي وباقي الجمعيات المعارضة، لا أن تلجأ إلى المساومة والابتزاز عن طريق عنف الشارع الذي لابد وأن يتوقف يوماً إن طال الزمان أو قصر.
همسة:
كل التوفيق لحوار التوافق الوطني في نسخته الثانية وفي محوره السياسي، وأتشرف أني كنت أحد الجنود الإعلاميين الذين عملوا في الحوار الأول 2011 مع نخبة من زملائي في تغطية جلسات الحوار آنذاك، وأتمنى لهم التوفيق في مهمتهم الثانية وهم أهل لها بلاشك!