ما جرى ويجري الآن في البلدان التي شملها الربيع العربي، أو الدماء العربي، يكفي أن ينبه أولئك الذين غرقوا في «تسونامي» ذلك الدمار، أنظروا إلى تونس وما حاق بها من دمار وفتن وانقسامات، وكما يقول المثل البحريني «بغوها طرب ياتهم نشب»، فقدوا استقرار بلادهم، فقدوا أمنهم، هرب الرئيس وبقي الشعب الذي أعتقد أن إزالة الرئيس سيجلب لهم الأمن والاستقرار والعيش الرغيد، وإذ الآية تنقلب إلى دمار وخوف وهلع والبقية تأتي. أما ليبيا التي سمحت للدول الأجنبية التدخل بكل قواتهم ودك منشآتهم المدنية والعسكرية وأسلحتهم واستمر الدمار متواصلاً وانتهى إلى حين، حيث قتل زعيمهم معمر القذافي وقتل شر قتلة مجللة بالعار والشنار لم يرتكب مثيلتها حتى هولاكو، وأخذت الدول التي خططت لمثل هذه القتلة تطالب بالتحقيق والقصاص لمن قام بمثل تلك الجريرة، ولقيت الولايات المتحدة الأمريكية جزءاً من رد الدين حين قتل القتلة سفيرها، ولايزال السيناريو مستمراً والدماء تسيل تصبغ الأرض باللون الأحمر والمنشآت تهدم والمصالح تعطل، والكل يطالب بحصته من تركة القذافي، كل أولئك الذين اتفقوا على قتله وهدم نظامه يريدون نصيبهم من الكعكة الليبية، والقادم أسوأ مما جرى ويجري الآن. أما أرض الكنانة مصر العروبة؛ فها هي تجني ما فعله شطارها، فها هي شوارع أرض الكنانة تصطبغ بدماء المصريين في ميدان التحرير وحول القصور الرئاسية ومدن مصر التي ما قط قتل المصريون بعضهم بعضاً ليتقاسموا الرغيف المغشوش بنخالة الخشب، والرئيس المنتخب محاصر، ربما ينتظر مصير القذافي أو مصير حسني مبارك أو مصير صدام حسين أو الشاطر زين العرب على قول الزعيم المسموم ياسر عرفات، وارفعوا يا عرب أكفكم عالياً أن يحفظ الله مصر وينجي رئيسها من ميتة من طراز ميتة معمر القذافي، رحمة الله عليه، فلا يجوز إلا الترحم على الميتين.
أما سوريا التي يطحنها رئيسها بشار الأسد، المستأسد على النساء والأطفال، يقتلهم في مراقدهم أو وهم يرضعون أثداء أمهاتهم أو وهم يحلمون بالجنة التي وعد الشهداء بها، في سوريا دمر كل شيء؛ القيم والأخلاق والبشر والحيوانات وكل شيء، بدل على أرض سوريا سوى الجنود الإسرائيليين والمستوطنين الصهاينة منذ أكثر من 45 عاماً، فهم يعيشون عيشة هينة وينامون ملء جفوتهم لا يعكر صفو حياتهم خرطوش من خراطيش صيد الطيور. وعندما ينتصر أحد الفريقين المتقاتلين، فإن النصر سيكون للصهاينة، شعب الله المختار، أما فلسطين فعليها السلام فقد أصبحت دولة غير رسمية في الأمم المتحدة وثمن هذا الاعتراف العالمي قيمته الأولية ثلاثة آلاف وحدة سكنية في القدس الشرقية والضفة الغربية، وأصبح أبومازن شريك سلام، حسب رأي رئيس إسرائيل، الذي لا حول له ولا قوة.
أما العراق فقد أخذ نصيبه من التدمير والقتل والشنق على يد سيدة العالم الولايات المتحدة وبمعاونة أصدقائها من العراقيين الأذناب والإيرانيين، وأهدت كامل نصرها لأصدقاء الخفاء الإيرانيين والأعداء ظاهرياً «ببخت آغا» أمريكا بعد تجربتها في العراق وتجرعها سموم العراق اكتفت ببدعة جديدة اسمها الربيع العربي أو الدمار العربي، تحت شعار اقتل نفسك بنفسك وادفع لي الثمن. ولديها ممثلوها جاهزون على شكل سفراء لينفذوا السيناريو بكل إتقان، كما فعل سفيرهم في العراق، وكما يفعل الآن عندنا في البحرين خيب الله رجاءه (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (سورة يس الآية 9). كنا في حزمة الفوج الأول تونس وليبيا ومصر واليمن، وأما حكاية اليمن حكاية، فقد استطاعت دول الخليج إنقاذ علي صالح حين تدخلت بمشروعها ولم يصبها ما أصاب البقية، وإن كانت مسيرة الاغتيالات حتى يومنا هذا مستمرة.
أيها الراديكاليون اتعظوا، فلولا رحمة الله وطيب أهل البحرين وحكامها من العقلاء لكنا نلعق الآن نفس مصير تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، ولسالت دماؤنا تملأ الطرقات وارتوت السيوف والخناجر بالدماء الطاهرة بفضل الربيع العربي المنسوج في مصانع القرار في البنتاغون الأمريكي. أيها الإخوة.. عودوا إلى رشدكم وكونوا كولي عهدكم، كما قال في حوار المنامة الذي عقد مؤخراً «لست سنياً ولا شيعياً بل ولي عهد البحرين ولي عهد الجميع»، الحمد لله الذي هدانا وإلا لكنا ضمن تلك المذابح التي راح ضحيتها الآلاف ويكفي ما تعانيه سوريا الآن من قتل وتدمير وتشريد وضياع أملاك وممتلكات، اللهم لطفك يا أرحم الراحمين.