مع اقتراب العيد الوطني المجيد بدأت مدارس البحرين العامة والخاصة باحتفالاتها. هذه الاحتفالات تعني الكثير للمملكة وشعبها، فاليوم الوطني ليس مجرد تاريخ واحتفالات وذكرى، بل هو من أمجد أيام الوطن وأعزها على قلوب المواطنين. فمظاهر الاحتفال به تعم أرجاء الوطن، في المؤسسات والمنازل، في المصانع والمعامل، في المدارس والجامعات، وعلى كل جزئية من هذا الوطن الذي يمتد حتى الأفق البعيد.
وتحرص المدارس العاملة في البحرين وكافة المؤسسات التعليمية وخاصة مدارسنا الوطنية التابعة لوزارة التربية والتعليم أن تحتفل بهذا العيد في كل عام، للتأكيد على تعبير المعلمين والطلاب عن فرحتهم بهذا اليوم الوطني المجيد. هذا اليوم الذي تحققت أهدافه ومبادئه بفضل نضال الأجداد والآباء ومواقفهم الوطنية والعربية تجاه سيادة وطنهم وهويته العربية. ويتم تزيين أبنية المدارس ومرافقها وصفوفها بأعلام البلاد وصور قيادتها السياسية وبمجموعة من العبارات الوطنية الدالة على حُب منتسبي هذه المدرسة وتلك لوطنها. كما يتم تنظيم مجموعة من الفعاليات من مسابقات ومهرجانات احتفالاً بهذه المناسبة. وهذه الاحتفالات هي تعبير حقيقي لما يكنه طلبة مدارس البحرين لوطنهم وقيادتهم ولشعبهم من حُب وولاء ووفاء.
وإن أول ما تعنيه هذه الاحتفالات السنوية بالعيد الوطني هو تجديد الولاء والبيعة والحُب للوطن ولقيادته ولشعبه، وثانياً تجسيد الانتماء الحقيقي للوطن. فالوطن هو من أغلى الوجود، ومَن لا وطن له لا أرض له، ومَن لا أرض له لا حياة له، فالوطن هو الأرض وهو الحياة. وثالثاً هذه الاحتفالات هي بمثابة تأكيد لمواطنة المواطن وانتسابه إلى وطنه وأرضه، ورابعاً هي تجسيد لمواقفه الوطنية. فأفراح الوطن هي أفراح للمواطن ومآسي الوطن بمثابة أتراح للمواطن، والعيد الوطني هو فرحة يجب أن يشعر بها كل مواطن يحبُ وطنه ويتلمس الخلاص من مآسيه وأحزانه. وخامساً العيد الوطني يُجسد الوحدة الوطنية بين المواطنين ويؤلف بين قلوبهم ويُقربهم أكثر إلى وطنهم. إن الاحتفال بالعيد الوطني في مدارسنا يُمثل دروساً وطنية وتربوية وتعليمية، فهذا اليوم يُعلمنا كيف نحب وطننا ونعتز بترابه، وتشمخ أنظارنا عالياً عندما يُرفرف علمه فوق رؤوسنا، يُعلمنا هذا اليوم بأن للوطن قيمة كبيرة ولا شيء أعزُ منه ولا أنفع، فهو الحضن الدافئ والملجأ الآمن، ومَن يُغادره يشتاق إليه سريعاً. ومن دروسه الوطنية يُعلمنا كيف نحافظ عليه، والمحافظة على ممتلكات الوطن ومرافق مدرستنا بطولة وطنية تتطلب شجاعة استثنائية، فحُب الوطن والاعتزاز بقيادته والوفاء لشعبه ليس مجرد شعارات وأقوال بل هي ممارسة وطنية وأفعال تجسد وطنية المواطن وحقيقة انتمائه لهذا الوطن. ويُعلمنا الاحتفال بالعيد الوطني المجيد درساً وطنياً وتربوياً وتعليمياً آخر .. وهو كيف نتعايش مع الآخر.. مع ذاتنا الوطنية ومع إخوتنا من المواطنين.. هذا التعايش يُمثل تجسيداً لمبدأ التسامح والاعتراف بالآخر، وهو الهدية الحقيقية التي نقدمها للوطن البحريني في عيده المجيد، لا إكراه ولا إقصاء ولا تهميش ولا استثناء لأحد في وطن يتسع للجميع حُباً ومكاناً وظلال. دروس كثيرة يَغرسها العيد الوطني فلنقرأها جيداً ولنجسدها مع ذاتنا ومع شعبنا ومع مجتمعنا، لنجسدها في أفعالنا الكريمة ومشاعرنا الطيبة.
وهذا ما يؤكد أن المدارس ليست مكاناً فقط لتعلم القراءة والكتابة وقضاء الوقت مع الأصدقاء بقدر ما هي مؤسسة تربوية وتعليمية، مؤسسة تُربي الطلبة على مجموعة القيم الوطنية والعادات المجتمعية الحميدة التي غرسها الأجداد والآباء ليسير على هديها الأبناء وأبناؤهم. والعيد الوطني في مدارسنا ليس في شهر ديسمبر فقط بل إنه في كل يوم يأتي فيه الطلبة إلى المدارس هو عيد للوطن. فطلاب اليوم هم غرس الحاضر لثمار غدٍ مُشرق، فطلبة اليوم هم قادة المستقبل وحملة لوائه، وعندما يتعلمون ويتفوقون فإن ذلك يكون لأجلهم ولأجل مستقبلهم ولأجل وطن متقدم متطور ناهض في الغد، فلنحتفل كل يوم بالعيد الوطني لتتحقق جميع أهدافنا الوطنية.