تسلل لي عبر موقع الفيسبوك صباحاً -من دولة خليجية شقيقة- باعث بسؤال لي من نوع «كيف حالكم، ماذا يحدث في البحرين الآن؟»، فاندهشت لسؤاله الغريب عندما وجدته يخبرني أن هناك «برودكاست» يعمم عليهم تحت عنوان «صباح القنابل»، يورد فيه أن هناك تفجيرات تحصل بمملكة البحرين، لم يكن الخبر حينها قد وصلنا بعد لنتلقفه كوجبة إفطار تعكر لنا صفو صباحنا وبداية يومنا.
ربما يستغرب البعض منا هذا، لكن الخبر بقدر ما تلقفناه كصفعة صباحية فاجأتنا لتطور الوضع الأمني بشكل خطير ومحاولة البعض لجره إلى سيناريوهات الدول الأخرى التي ضاعت فيها بوصلة السيطرة والاستقرار على الأوضاع، وتحول الوضع المحلي فيها إلى صراع طائفي بغيض، إلا أننا كنا مسبقاً على توقع تام بأنه من المحتمل، وفي حال عدم الرجوع إلى مركب المصلحة الوطنية، أننا قد نشهد يوماً مثل هذا التصاعد الخطير في الجانب الأمني الذي يعكس مظاهر الإفلاس السياسي لدى ممن يحسبون أنفسهم معارضة.
فالواضح ومنذ بدء الأزمة الأمنية المؤسفة أن هناك أموراً قد أعدت لها العدة مسبقاً، وخطط لها ولم تطفح على السطح بعد، ومن كان يتابع ويقرأ بين السطور تصريحات وتحركات مثيري الشغب ومن يقف خلفهم من قادة ومخططين يدرك أن الأيام القادمة قد تحمل بالتأكيد تجسيد عبارة «اللي في الجدر يطلعه الملاس»، وستكشف بعض أوراقهم الإرهابية المخبأة في حال عدم تحقق ما يصبون إليه، وبدأ نفاد صبرهم حتى وإن نجحوا مؤقتاً في تضليل الرأي العام العالمي بسلميتهم المزعومة.
تصريحاتهم التي كانت تحمل شيئاً من الإيحاء بالتهديد المستند على جهات خارجية، وتتغزل فيهم وبقوتهم، وفيها نوع من الغرور السياسي والتعنت يرى أنها أبعد بكثير من مجرد التظاهر وترديد الهتافات والشعارات التي تعلن عن مطالبهم، وما هي إلا شماعة لتحقيق أجندتهم ومخططاتهم البعيدة عن مصلحة الوطن وتحقيق مطالب المواطن الحقيقية.
«برودكاست صباح القنابل» الذي عمم على أشقائنا بالدول الخليجية والعربية يعكس الاختلال الواضح والتخبط الكبير الذي يجري في صفوفهم، وإن لم يبرز في بداية الأزمة التي تسببوا بها، ويظهر حجم الإفلاس الذي يبدو أنه ترجم أخيراً في «خمس تفجيرات وصنايع والبخت ضايع!!»، بدا في أوله ونحن نتابع صور ومشاهد حمل الورود وترديد عبارة «سلمية.. سلمية» التي كانوا ينطقون بها وهم متجهون إلى رجال الأمن وسيارات الشرطة، في حين كانت جيوبهم تخبئ السكاكين والأسلحة أملاً في كسب تعاطف الرأي العام العالمي والنجاح في مسرحية الديمقراطية وسلمية المطالب السياسية التي يدعونها، كانت قنابلهم حتى ذلك الحين قنابل إعلامية وإلكترونية يتم زرعها وتفجيرها على مستوى أدوات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وتهدف إلى نسف صورة البحرين المشرقة وإصلاحاتها السياسية وسمعتها الطيبة دولياً، تخبط كبير أخذ يعمم «برودكاست» يتفاخر فيه بقنابلهم وتفجيراتهم و»برودكاست» آخر ينفي تورطهم في هذه التفجيرات ويزعم أنها فبركة حكومية.
الإفلاس السياسي الكبير الذي بدؤوا يتذوقون مر طعمه وهم يجدون أن تخبطاتهم السابقة لم تدر عليهم بتحقيق أي مكاسب أو إنجازات تذكر وتحرجهم أمام شارعهم الذي لايزال في مرحلة المكابرة عن مصارحتهم ومواجهتهم بما يفعلون، بدأ يحرق أوراقهم أمام العالم، ويبدو أنه لم يعد هناك خيار لديهم اليوم سوى تصعيد الوضع بقنابل يدوية الصنع وميدانية بعد أن فشلت قنابلهم الإعلامية والإلكترونية في تحريك أي ساكن يحقق لهم طموحاتهم خارجية الهوى، ألم يقل وزير الداخلية في لقائه بأهالي المحرق «الطرف الآخر في خسارة ومن يريدنا أن نتهور هو من يتهور؟».
رغم فاجعة الخبر ومأساته الإنسانية فإن «سلمية القنابل» التي بدأ مشوارها الآن تحمل في النفس شيئاً من بصيص العزة والانتصار، وترد حقنا كمواطنين بعد أن تم تشويه سمعتنا، وتكشف الحق وزيف أقنعتهم أمام الدول الإقليمية والعالمية، خصوصاً بعض إخوتنا العرب الذين انطلت عليهم أكذوبة أن ثورتهم جزء من ثورات الربيع العربي وتشابهها وأن تظاهرهم سلمي، سلمية القنابل خير دليل على زيف سلمية الورود، وخير ورقة تحرق جميع أوراقهم الحقوقية والديمقراطية التي جالوا فيها دول العالم، وقنبلة نسفت جميع قنابلهم الإعلامية والإلكترونية التي قاموا فيها بتقليب المعلومات والحقائق.
^ مساحة أخيرة..
كبحرينيين لم نعد نريد اليوم ملاحقة منفذي تفجيرات المنامة الإرهابية ومحاسبتهم قانونياً فحسب؛ بل نريد اقتلاع جذور الشجرة الإرهابية بأكملها التي نبتت، وطالت أفرعها وكثرت، فالإمساك بالأفرع الصغيرة وضبطها ومحاسبتها وقطعها لا يعني شيئاً، فكلما أمسكت بفرع حتماً سيظهر فرع آخر جديد في مكان آخر من هذه الشجرة التي تسقى بتمويلات خارجية، لابد من استئصال جذور الشجرة بالكامل حتى يتوقف إنبات الفروع الإرهابية ولا تتكاثر.