إذا كان من أحد يريد أن يلعب على عامل الوقت من فوق طاولة الحوار، فسيكون «الوفاق»، أليس مستغرباً ألا تعبأ «الوفاق» بالوقت وتسعى لتمطيط الحوار؟
ليس ذلك، بل إنهم ينقضون عهودهم «التاريخ يعيد نفسه»، يتم التوافق على أمر، ويعودون من جديد ليقولوا لم نتفق، ونريد أن نناقش ما مضى.
لعبة الوقت تلجأ إليها الوفاق «وسط تردد أنباء أمس عن انسحابهم من الحوار»، فهي في المحصلة تجني المكاسب، الإرهاب في الشارع، يمثل ورقة ضغط على الدولة والمتحاورين، أيضاً «الوفاق» تنتظر ماذا سيحدث على الساحة الإقليمية؟ فهي ومن على شاكلتها «حزب الشيطان» وحزب «الدعوة» العراقي يضعون أياديهم على قلوبهم من تسلسل الأحداث.
الموقف في سوريا أصبح مؤكداً أن زوال الطاغية بشار سيحدث اليوم أو غداً، «حزب الشيطان» يواجه أزمات في لبنان، ويشعر أنه سيلفظ أنفاسه بعد بشار.
المالكي الذي يواجه ثورة شعبية في العراق أيضاً يعاني الأمرين، ويريد استخدام السلاح لإبادة المظاهرات السلمية في بغداد والأنبار والأعظمية.
هذا المشهد يجعل «الوفاق» تلعب على عامل الوقت، انتظاراً لما سيحدث، وإن حدث وانسحبت اليوم أو غداً، كما وردني من أنباء أمس «أتمنى أن تكون صحيحة» فإنها تفعل ذلك بتوجيه إيراني، وقد لمح إلى ذلك ذات مرة من قال «اسحقوهم».
بالمناسبة، من يريد أن يحاكم من اصطدم به الإرهابيون في العكر، وهم يهمون بحرق الشارع، كان متأثراً بفتوى قاسم حين قال «اسحقوهم»، الدولة لا تحاكم من قال «اسحقوهم»، ومن يتبع فتوى «المنبر المستهتر»، فلماذا تحاكمون من كان في طريقه وأراد البعض أن يقتله بنار الإطارات..؟
حاكموا صاحب فتوى «اسحقوهم»، أهل البحرين تأثروا بالفتوى بالجانبين، وأخذوا يطبقونها، مادام القانون غائباً..!
كتبنا قبل الحوار، أن «الوفاق» وأتباعها، ومن يأتمرون بأمر الولي الفقيه من ليبراليين مزعومين، سيدخلون الحوار من أجل الانسحاب، إنهم سيفعلون ما كتبناه سابقاً، أيضاً و»الوفاق» وهي تنسحب، تلعب في الشارع كما هي دائماً مع جناحها العسكري «14 فبراير»، وتترك صغارها على الطاولة، وتملي عليهم ما يفعلون، وبذلك تحقق المعادلة، أن تبقى في الشارع، وتجني مكاسب الحوار.
وهنا مأزق الدولة، التي دعت للحوار وهناك إرهاب في الشارع، كأمر واقع، وهذا يعني أن الإرهاب سيبقى في الشارع، سواء خرجت توصيات أم لم تخرج؟ لذلك دائماً نقول إن أي إرهاب في الشارع يهدد المجتمع في المدينة والقرية يجب أن يواجه بالحل الأمني.
لا يوجد دولة تواجه الإرهاب بأن تمنعه فقط من الوصول للعاصمة، هذا كلام خاطئ، وهذا أمر سيدمر الاقتصاد أكثر، رغم كل ما تقوله الأجهزة الرسمية من أن الاقتصاد ينمو، وكلام آخر، هذا ليس واقعاً، الواقع أن الارهاب وتأخر الحل الأمني جعل بنوك ومؤسسات وشركات واستثمارات تذهب إلى دول مجاورة، وها هي دبي تعلن أنها ستصبح عاصمة المصارف الإسلامية، بينما كان ذلك بيد البحرين، والأرضية كانت هناك، والبداية كانت هنا، لكن هكذا نحن دائماً نسمح للإرهابيين أن يدمروا الاقتصاد، والمواطن يسدد التكلفة.
انسحبوا أم لم ينسحبوا، الإرهاب باق في الشارع، فلماذا الحوار؟! وأنا كمواطن ماذا كسبت من التنازلات التي تأتي على الطاولة، بينما الإرهاب مستمر في الشارع؟
أعيدوا الأمن للشارع، فلا نريد حواراً والأمن مفقود، والخلايا تتكاثر، والحل السياسي الذي قيل إنه الحل، لم يعد هو الحل، فلماذا نتحاور والأمن مفقود.. وسلامي للكاميرات في الشارع..!
رذاذ
إن الأمن من مسؤولية الدولة، وحين تفرط الدولة بالأمن فإن عليها أن تسدد الفاتورة للمواطن، فقد كثرت حوادث إحراق سيارات وبيوت للمواطنين من أيادي الإرهاب الآثمة، فمن يعوض أصحاب هذه الممتلكات؟
أغلب من حرقت بيوتهم إما بسبب موقفهم من الإرهاب في القرى، أو بسبب وظيفتهم في المدن، فمن يعوض هؤلاء، وقد فقدت ممتلكاتهم، وهم يسددون قروضها؟
لماذا لا تضم هذه القضايا إلى صندوق التعويضات؟
هل يعقل أن نجعل المواطن يسدد فاتورة الإرهاب، بينما من فرط في الأمن هي الدولة؟