لا نبالغ إذا قلنا أن إيران تقف وراء كل فتنة حدثت وتحدث في منطقة الخليج العربي؛ من العراق شمالاً وحتى اليمن جنوباً، ناهيك عن الفتن القائمة في لبنان وسورية وغيرها من الأقطار العربية. هذا الكلام لا يُطلق جزافاً؛ إنما هناك من الشواهد والأدلة التي لا تعد ولا تحصى، فإيران لديها مشروع لا ينجح إلا من خلال إثارة الفتن والقلاقل، من وجهة نظر قيادتها، لتكون بذلك مثلها كصائد السمك في الماء العكر، علماً أن التدخل الإيراني في أحداث البحرين ليس بالأمر الجديد وليس بالسري أيضاً، فإيران ومنذ تولي نظام الولي الفقيه السلطة أعلنت مراراً وتكراراً وعبر كثير من قادتها ومسؤوليها (معممين وأفندية ) عن تدخلها الصريح والسافر في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، كان ذلك يتم تارة باسم الدفاع عن شيعة البحرين وتارة أخرى بدعوى تابعية البحرين لها، إضافة إلى التصريحات الإعلامية الصادرة عن القيادة الإيرانية بهذا الخصوص، فهناك مظاهر أخرى لهذا التدخل تمثلت بصنع جماعات وحركات طائفية خرجت على نظام الحكم الشرعي وسعت إلى إسقاط الدولة عبر ممارسة الإرهاب وإثارة الفتن والأعمال الغوغائية، وكانت هذه الحوادث تجري بتخطيط وتمويل إيراني مباشر.
من هنا نجد أن ما شهدته المنامة من تفجيرات إرهابية يوم الرابع من نوفمبر الجاري وأودت بحياة ضحايا أبرياء لا يمكن فصلها عن مسلسل التآمر ضد البحرين الذي تقف وراءه إيران والمستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود؛ أي منذ قيام نظام ولاية الفقيه والى اليوم.
ما يحدث في البحرين ويستهدف هذه المملكة الصغيرة بمساحتها والوديعة بسياستها والتي تعد الخاصرة التي تسعى إيران لتفجير أمن الخليج العربي بكامله من خلال ما تحدثه في هذه المملكة من الفتن وقلاقل.
من المؤكد إن إيران تعاني من أزمات وصراعات حادة مع المجتمع الدولي، وتعيش عزلة سياسية إقليمية ودولية بالغة الشدة نتيجة لعدة قضايا من أهمها؛ إصرارها المتواصل على بناء مشروعها النووي وتضخيم ترسانتها العسكرية وتدخلها المستمر في شؤون دول الجوار لإثارة الفتن والقلاقل، دعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية كتنظيم حزب الله في لبنان والمليشيات الطائفية في العراق، وأخيراً وليس آخراً دعمها الكامل لنظام بشار الأسد في قمعه للشعب السوري.
إن كل ما تقوم به إيران يتعارض مع مصالح المجتمع الدولي، فطهران تحاول من خلال استخدام لغة التهديد تعريض أمن منطقة الخليج العربي، الذي يمثل منطقة بالغة الحيوية بالنسبة للعالم، للخطر، وفرض الأمر الواقع الذي يعني ضرورة القبول بإيران دولة نووية أولا، ثم اعتبار إيران شرطي بلا منازع في الخليج والمنطقة العربية، وأخيراً جعلها شريكاً رئيساً للدول الكبرى في كل ما تعقده من اتفاقيات ومعاهدات سياسية واقتصادية وعسكرية في المنطقة.
ومن الملاحظ أيضاً أن التفجيرات التي تعرضت لها المنامة قد تزامنت مع انعقاد مؤتمر المعارضة السورية في العاصمة القطرية برعاية عربية ودولية، أي على مقربة من إيران ولكن لم يتم دعوتها، كما إن المؤتمر جاء متعارضاً مع توجهاتها الذي تقوم على دعم النظام السوري، لذا فقد حاولت إرسال رسالتي تهديد مباشرة لدول الخليج أولاً وللمجتمع الدولي ثانيا، كانت الأولى الإعلان عن إنشاء قوات عسكرية خاصة بجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة، والثانية إحداث تفجيرات دامية في البحرين، وفحوى هذه الرسائل أن إيران عازمة على زعزعة أمن واستقرار منطقة الخليج العربي إذا لم يتم القبول بشروطها.
مما لا شك فيه أن أسلوب البلطجة الذي تمارسه طهران يعكس فشل السياسة الخارجية لنظام الولي الفقيه وعدم قدرته على انتهاج المسار السلمي في بناء العلاقات الدولية، وهذا الفشل سوف يزيد من أزماته الداخلية والخارجية ويعجل في عزله عن السلطة، وعندها لن يستطيع نجدته إماماً حاضراً كان أو غائباً.