أصدرت الوفاق على موقعها الإلكتروني ما صورته على أنه «جردة حساب» للعام الماضي، وكتبت فيه ما كتبت، ووضعت فيه من الأرقام ما وضعت، كل ذلك بهدف تصوير حراكها الانقلابي على أنه ماضٍ في نسق تصاعدي، وضمنت بيانها الكثير من التهجم والتطاول على الدولة وعلى المكونات التي تقف من الوفاق موقف الضد.
أكثر ما يلفت الانتباه في جردة الحساب هذه أن الوفاق وثقت عام 2012 على أنه العام الذي تعرض فيه أمينها العام «خادم الولي الفقيه الإيراني» لمحاولة اغتيال!
لو تذكرون تفاصيل هذه الحادثة لعرفتم أن محاولة الاغتيال المزعومة كانت متمثلة بخروج أمينهم العام على رأس مسيرة بعد أن زاد اللغط بشأن دعواته لمريدي جمعيته ومناصريه للخروج بشكل دائم في مسيرات دائماً ما تتحول لمصادمات مع أجهزة الأمن، وتسبب ذلك في مواجهته بشأن اختفائه من تصدر الصفوف الأمامية لهذه المسيرات، باعتبار أن الرجل يعد نفسه في مصاف غاندي وجيفارا ومارتن ولوثر كينج، بالتالي حينما خرج في مسيرته الأولى بعد هذه الانتقادات وبمجرد استنشاقه لمسيل الدموع تم تصوير العملية على أنها محاولة اغتيال، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وبعدها اختفى المناضل من أي تجمع غير مؤمن الجوانب ولا يقام في المناطق الداخلية للقرى التي تسيطر عليها الوفاق طوعاً أو قسراً، بل وصل للخروج داخل قفص زجاجي!!
عموماً، في جردة الحساب تجد كل شيء ضد الدولة وبقية المكونات، لكنك لا تجد شيئاً واحداً ضد الوفاق، بل البيان يجعلك تتصور الوفاق على أنها الجمعية الطيبة المعصومة عن الأخطاء التي وجدت في هذه الدنيا لتكون رحمة للعالمين.
لكن ما نسيته الوفاق في جردة حسابها، أو بالأصح لا تتجرأ على وضعه فيها، هي أمور عديدة سنذكرها ببعض منها، خاصة تلك التي تسبب لها شديد «الإحراج».
الوفاق نسيت بأنه في العام الماضي قامت بتعزية إخواننا في الإنسانية من المسيحين بوفاة البابا شنودة، طبعاً لن نضع في ذمتنا ونقول بأن هدفها كان مغازلة المسيحيين الأقباط في مصر بعد فشلها في خداع المصريين من المسلمين، لكن المفارقة أن الوفاق لم تعزِ على الإطلاق بقتل أكثر من 60 ألف سوري على يد نظام المجرم بشار الأسد المدعوم من إيران وحزب الله.
الوفاق نسيت بأنه في العام الماضي مارست خداعاً وكذباً موجهاً لشارعها بشكل فاضح وصارخ، بينما كانت توهم مريديها بأنها معهم وأنها مع حراكهم في الشارع، كان موفدوها ووسطاؤها في مشاوير ذهاباً وجيئة للدواوين من أجل الوصول لصفقة مع النظام «الذي تشتمه الوفاق» تضمن لها استعادة بعض المكاسب. لتكن الوفاق جريئة وصريحة وتخبر جماهيرها كيف كانت تقول للنظام بصريح العبارة: «أعطونا شيئاً أقلها يحفظ ماء وجهنا أمام الناس ويدفعهم للقول بأننا حققنا شيئاً».
الوفاق نسيت بأنه في العام الماضي هناك عشرات العمليات الإرهابية التي نفذت بدعوى «السلمية» استخدمت فيها المولوتوفات وشتى أنواع الأسلحة واستهدف فيها عشرات من رجال الأمن وأصيبوا، كل ذلك تحت نظر ومسمع الوفاق، لكن جردة الحساب لم تشر لذلك أبداً، فعسى المانع خير؟! وإن شاء الله ما تكون «الشفافية» و»الإنصاف» لديكم تمر بمرحلة «ضعف نظر»؟!
الوفاق نسيت أن توثق في جردة حسابها أن العام الماضي شهد أكثر نسبة استخدام للفظ «المرتزقة» بحق رجال الأمن ومن حسابات الوفاق على مواقع التواصل وفي بياناتها، ورغم ذلك لم يطل الوفاق أي إجراء رسمي من قبل وزارة الداخلية وغيرها تجاه وصف أجهزة الأمن بهذا الوصف العدائي الذي بمجرد إطلاقه يوحي بقبول استباحة استهداف هذه العناصر. نسيت الوفاق أن توثق ازدراءها للآخرين، في حين وثقت «زعلها» و»حزنها» من الآخرين حينما يصفونها بالعمالة، ويعاملونها بالمثل ويعتبرونها «مرتزقة» لإيران والولي الفقيه.
عموماً، جردة الحساب الوفاقية يمكن أن تقابلها بسهولة جردة حساب تبين إرهاب الوفاق وكذبها ليس على المكونات الأخرى فقط بل حتى على شارعها، لكن نترك الجردة المقابلة والأرقام لمن يهمه أمر متابعتكم بعدما حرقتم أوراقكم وحرقتم شارعكم واليوم «تلهثون» وراء أي كلمة «حوار» تطلق هنا أو هناك.
عموماً عام 2012 انتهى بفشل جديد لمحاولات إحياء محاولة الانقلاب الطائفية العنصرية المدعومة إيرانياً، لكن يظل مشهد «القفص الزجاجي» لوحده قادراً على تلخيص وضع الوفاق خلال العام الماضي: عزلة مجتمعية، مخاطبة للناس من وراء حجب، خوف من غدر الأتباع قبل الأضداد، بالتالي الحديث والإشارات الجسدية من وراء الزجاج وبداخل قفص!
أين رأينا مثل هذا المشهد يا ترى؟!