لا شك أن أي مشروع لا يكتمل إلا بثلاث نقاط؛ الأولى الهدف، والثانية المرتكزات، والثالثة الأدوات. وقد عرضنا في المقال السابق بعضاً من أدوات المشروع الإيراني، وسوف نكمل مع القارئ الكريم بقية الأدوات.
- ممثليات مرشد الثورة في الخارج؛ تقوم على تقديم الدعم المالي لطلاب الحوزات الدينية والإشراف على أداء المؤسسات الإيرانية في الخارج وترويج مرجعية مرشد الثورة علي خامنئي. إلى جانب هذه المراكز والمؤسسات هناك دوائر أخرى تعمل في إطار تحقيق المشروع الإيراني، وهذه الدوائر بعضها ثقافية واستخباراتية وأخرى سياسية والبعض الأخرى خدمية ومنها:
- مؤسسة جهاد البناء؛ ولها أفرع في السودان وسوريا ولبنان، وتقوم هذه المؤسسة بمد خطوط الكهرباء وأنابيب المياه وحفر الآبار وبناء المساكن والمدارس ومد الطرق.
- لجنة الإمام الخميني للإغاثة؛ وهي مؤسسة خدمية تقدم المعونات المالية والخدمات الصحية والاجتماعية وتعد من المؤسسات الثورية، ولها فروع في العراق وسوريا والسودان ولبنان ودول أخرى.
- مركز حوار الحضارات؛ تابع لمؤسسة رئاسة الجمهورية، ويقوم على الترويج للثقافة والحضارة الوطنية الإيرانية وتلميع صورة النظام الإيراني تحت يافطة الحوار بهدف كسب المؤيدين من خلال بناء العلاقات مع المثقفين والمفكرين العلمانيين والليبرالين العرب، ودعم المؤتمرات والتجمعات القومية والوطنية العربية. وتعمل جميع هذه المؤسسات في كل بلد تتواجد فيه تحت إشراف لجنة مشتركة مكونة من السفير، مدير مكتب المخابرات، مدير مكتب ممثلية المرشد الأعلى، ممثل من فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ويرأس هذه اللجنة السفير.
وما يؤسف له أن بعض هذه الدوائر والمؤسسات تعمل في بعض الدول الخليج العربي بحرية تامة، وفي أحيان كثيرة تلاقي تعاوناً ودعماً من جهات رسمية في بعض هذه الدول لتسهيل مهامها.
لقد استطاعت إيران في ظل غياب مشروع خليجي أو عربي موحد لمواجهتها من تحقيق كثير من حلقات مخططها، حيث تمكنت من بناء الخلايا والشبكات التجسسية والجماعات الإرهابية والتنظيمات السياسية المعارضة في كثير من دول الخليج العربي، ان لم يكن في اغلبها، كما استطاعت إيران نشر برامجها العقدية وسط شرائح واسعة من مجتمعاتنا العربية بكل سهولة، ورغم كل هذه الاختراقات التي أحدثتها في معظم الدول الخليجية؛ إلا ان إيران ظلت على الدوام في مأمن من إية ردت فعل أو عمل عربي مماثل، فلم تعلن إيران ولو لمرة واحدة كشفها خلية أمنية أو جماعة سياسية مرتبطة أو تعمل لصالح دولة عربية، وأصبح عدم التعامل مع إيران بالمثل مفخرة لدى الدول العربية عامة والخليجية منها خاصة، بدعوى عدم تدخلها في شؤون الغير! رغم أن لدى هذه الدول أوراقاً كثيرة تشكل نقاط ضغط فعلية على إيران فيما لو استغلت، لكن من المؤسف أنه قد جرى إغفال هذه الأوراق، ومنها على سبيل المثال؛ الصراع بين مراجع الحوزة الدينية، المعارضة الإيرانية الكبيرة، وجود أكثر من عشرين مليون من أهل السنة الذين يعانون من اضطهاد قومي ومذهبي، وأخيراً القضية الأحوازية وما يمكن أن تشكله من ضغط على إيران، وغيرها من الأوراق الداخلية والخارجية الأخرى.
يذكر أن اعتقاد البعض أن إيران اعتمدت التشيع والشيعة فقط لتنفيذ مشروعها، فإن هذا الاعتقاد خطأ استراتيجي قد ساهم في تمكين إيران من إبعاد كثير من خلاياها وأعوانها العاملين على تنفيذ مخططها عن الأنظار، وإن أغلب الدول العربية والخليجية منها تحديداً دول مفتوحة وفيها جاليات من مختلف الجنسيات، وقد استطاعت إيران أن تبني مؤسسات وشركات تجارية واقتصادية مع أفراد وجماعات أجنبية، وأحياناً غير مسلمة، في هذه الدول وعملت على استغلالها في تنفيذ مآربها الخاصة، ولعل المعنيين بالقضايا الأمنية يدركون هذا الكلام أكثر من غيرهم بحكم تجاربهم في هذا المجال.
في سابقة هي الأولى من نوعها في الإعلام الإيراني نشر موقع «تابناك» التابع لأمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام الجنرال محسن رضائي في الـ 20 من أكتوبر العام الماضي تقريراً بعنوان (بعد وزارة النفط.. الخارجية في قبضة الحرس الثوري)، ركز فيه على دور الحرس الثوري في تسيير وزارة الخارجية بعد أن شغل عدد كبير من ضباط الحرس الثوري مناصب عليا في هذه الوزارة وبعثاتها الدبلوماسية.
.. وللحديث صلة