يبدو أن سقوط شهيد الوطن عمران أحمد جراء انفجار قنبلة يدوية الصنع بمنطقة العكر، التي ستشهد أرضها يوماً على سفك دمه البريء بدعوى الإرهاب، جعلها تراجع نفسها قليلاً في منهجية “اسحقوهم” فأصدرت بياناً تدين فيه هذا الحادث، كأنها بذلك قد بدأت نهجاً سياسياً جديداً ومبتكراً في مشوار مراهقتها السياسي وهو “تقتل القتيل وتمشي في جنازته!!”.
فالمتأمل في الوضع الجاري وبيانها المدين لحادثة العكر، الذي لو كان صادقاً لوجدنا قائدهم علي سلمان في اليوم التالي مباشرة يعتلي منبره ويدعو إلى “سحق” الإرهاب والكشف عمن صنع القنبلة اليدوية وتقديمهم للعدالة، بدعوى أن ظاهرة زرع القنابل اليدوية الصنع في المناطق السكنية وتفجيرها أمر لا يمكن السكوت عنه.
فالوفاق التي تزعم دائماً في المحافل الإقليمية والدولية أنها تمثل الإرادة الشعبية، وأنها غالبية الشعب، ولها تأثيرها القوي بعد بيانها الصادر لم نكن لنشاهد مظاهر تكرار العملية بوضع مجسمات غريبة على الشوارع ووجود نوع من المواجهات بين أهالي العكر والمعامير ورجال الأمن البواسل، كما لم نكن لنتابع إلكترونياً حملة سورة الفيل لفك حصار هاتين المنطقتين، وكل ما صاحبها من اعتلاء أسطح المنازل والتكبير وقراءه القرآن، وهو يمنحنا استنتاجين لا ثالث لهما؛ فإما أن الوفاق قد فقدت سيطرتها التامة على الشارع ولم تعد لبياناتها الصادرة وتوجيهاتها بالتشجيع أو الإدانة أي تأثير أو “هيبة”، أو أن البيان لا يتعدى كونه يجسد المثل القائل “حجت ولا تابت!!”، أي أن الوفاق قد قامت بممارسة شعائر الإدانة والاستنكار من منطلق الواجب الإنساني والضمير المستتر بشيء من التقية السياسية في الوقت نفسه الذي بيانها “بديهياً” لا يعني شيئاً أمام مشوارها الحافل بتصعيد الإرهاب والتشجيع عليه، ولو من خلال الكلمات المبطنة والشعارات التأزيمية الذي فطن لها شارعها فراح يواصل عمليات نضاله الإرهابية كونه “عارفاً لها”.
كان واضحاً لمن قرر الإقامة ليلة الحادثة على أدوات التواصل الاجتماعي التخبط الكبير في التعامل الإلكتروني والإعلامي مع تغطية مرحلة “ما بعد نجاح التفجير”، حيث تولت عصاباتها الإلكترونية وأفرادها المؤجرين كأبطال للكيبورد على أدوات التواصل الاجتماعي الإعلان عن هذا التخبط بشكل مضحك مبكي.
ففي حين تولت جماعة يبدو أنها اختارت الإعلان عن رغبتهم في تفجير الوضع بالقنابل والإرهاب بمباركة الإنجاز الإرهابي الكبير الذي يعكس بطولة وشجاعة أهالي العكر في دحر ومقاومة قوات الأمن “كما هو متداول لديهم”، معلنين أن القادم هو أكثر من هذا العمل، قامت جماعة أخرى بمحاولة طمس معالم هذه الجريمة الإرهابية واللا إنسانية بزعم أن الحادثة مجرد مسرحية حكومية مفبركة “كما العادة” وأنه لا صحة لما حدث!!
وبين التصديق والتكذيب والكر والفر الذي انقسموا فيه بتلك الليلة؛ يبدو أن الوفاق قررت إصدار بيان الإدانة وكأنها بذلك تبعد عنها شبهة أن تكون لها يد فيما حصل، وهو خير دليل يؤكد أنه جرى عمل إرهابي فعلاً بمنطقة العكر اسفر عنه استشهاد رجل أمن في الوقت نفسه الذي من خلال موقفها بإصدار البيان وكأنها تحاول لدى من يعمل جاهداً على تكذيب حادثة التفجير، ويزعم أنها مسرحية حكومية بتأكيد أنه ليس لها يد او علم حتى بهذا الحادث، وأن إدانتها له يعني أنها لم تهندسه مما يوحي “لهؤلاء المتشدقين بأخدوعة المسرحية” بأن في الأمر ريبة وبأن الحادث حتما مفبرك فيما ما أرادته يفهم “لمن يفهم ويركز”، وكأنها تكذبهم هي الأخرى أيضاً بشأن ما ينفيه هؤلاء أصلاً بوجود حادث إرهابي فعلا يدينه الجميع حتى هي، وأنه لا صحة لوجود مسرحية حكومية!!
بيان الوفاق الذي صدر “كمسمار جحا” حاول مشاركة مظاهر الحزن والاستنكار الذي رافق مسيرة تشييع جثمان شهيد الوطن عمران أحمد بإدانة الإرهاب والدعوات الخارجة لإيقافه والضرب بيد من حديد على مهندسيه والمحرضين عليه، شارك حاملو نعشه في شعورهم بإدانة ما حدث واستنكاره، إلا أن من يعرف الوفاق ويعرف مناهج تقيتها السياسية يدرك تماماً أن البيان مجرد كلمات صادرة رافقت موكب الشهيد وتوقفت عنده، ولم ترافق من يدعو للاقتصاص من قاتليه لاحقاً!!
^ خطأ في عملية الحساب..
بعض الممارسين لمنهجية تكذيب حادث التفجير بادعاء أنه مسرحية حكومية؛ زعموا أن الشهيد عمران أحمد قد أعلن عن وفاته قبل موعد وفاته الحقيقي بخمسة أيام!! وإذ أننا وفي عملية بسيطة نرجع للتاريخ لوجدنا أن حادث العكر تم يوم الجمعة الماضي، وأن الإعلان عن استشهاد رجل الأمن قد تم يوم السبت، أي أنه في حال صدق مزاعمهم فإن عمران سيكون قد توفي يوم الخميس أي بعد خمسة أيام من إعلان الوفاة فيما وجدنا أن هؤلاء يتداولون خبر تكذيب وفاته إلكترونياً منذ يوم الجمعة أي قبل موعد وفاته الذي يذكرونه أصلاً، وهو ما يبين انهم لم يفقدوا بوصلة العقل فحسب بل الحساب أيضاً!!
^ اقتراح لمن يهمه الأمر..
نقترح تسمية الشارع الذي قتل فيه شهيدنا عمران أحمد بمنطقة العكر باسمه حتى يكون شاهداً دائماً على الإرهاب وسفك الدماء الذي تم هناك، كما نقترح تسمية كل الشوارع التي حرق فيها وقتل رجال الأمن بأسمائهم اعتزازاً بجهودهم الوطنية وتخليداً لجهودهم المبذولة في الدفاع عن البحرين، وذلك أقل القليل.. وكل عام والبحرين بألف خير.