وردني اتصال من سيدة تحمل إلي في جعبتها شكوى واقتراحاً في الوقت نفسه، تقول السيدة إن شكوتها تتلخص في أنها جلبت خادمة لمنزل والدتها، ولم تكن تعرف بتفاصيل الإجراءات المطلوبة التي كلفتها الكثير من الوقت والجهد، تقول السيدة: “أردت عمل الفحص الطبي للخادمة الجديدة، لكي نتأكد من كونها خالية من الأمراض، فلدينا أطفال وكبار في السن، ونريد حماية أنفسنا من الأمراض الكثيرة التي نسمع عنها، ذهبت إلى المركز الصحي ولكنهم رفضوا معاينتها وفحصها لأنها لا تملك بطاقة شخصية، وعليه كان من المفترض أن أحصل على البطاقة قبل الذهاب إلى المركز”.
تواصل سرد قصتها: “ذهبت إلى الإحصاء لعمل البطاقة، أخذت موعداً الساعة العاشرة، وحرصاً على عدم التأخر كنت هناك الساعة التاسعة والربع، وبدل من أن أنهي معاملتي بسرعة لأني وصلت مبكرة قيل لي أن النظام لا يعمل إلا الساعة العاشرة، وعليه كان علي الانتظار حتى يفتح النظام من تلقاء نفسه، وهذه أيضاً معلومة لم أكن أعلم بها، ليس هذا وحسب بل كان المطلوب لإجراء هذه المعاملة 4 صور وكنت قد جلبت صورة واحدة، فلماذا لم يتم توضيح المتطلبات بشكل سابق، بدل من أن أكون في موضع الخاسر للموعد، والعودة من جديد إلى نقطة الصفر!”.
كل هذا الوقت الضائع والتفاصيل التي حكتها لي محدثتي، أجدها أمراً غير منطقي، فنحن في عام 2013 نتحدث عن تسهيل الإجراءات ووضوحها، إلا أننا نعاني من ضبابية الصورة بالنسبة للمواطن البسيط.
هذه السيدة التي كلفتني بالكتابة عن هذا الموضوع تقول: (تعتمد المؤسسات على المواقع الإلكترونية في توصيل ما تريد، ولكن ماذا عن الأشخاص الذين لا يملكون إنترنت أو أنهم كبار في السن لا يتواصلون عبر الإنترنت، لماذا لا يتم التواصل مع عامة الناس من خلال التلفاز الذي هو موجود في كل بيت، ولماذا لا تقوم الجهات المختلفة بعمل برامج توعية حول إجراءات المعاملات المختلفة بشكل ملخص وواضح بحيث نرفع من وعي المواطنين بكل ما له علاقة بهم).
هذا المقترح أجده جدير بالاهتمام فعلاً، فاستخدام التلفاز من أجل بث رسائل توعوية بالقضايا المختلفة والإجراءات الحكومية بل وأيضاً غير الحكومية أمر مطلوب من دوائر العلاقات العامة التي يتعامل الأغلب منها بنظام اتصالي قديم لا يتلاءم ومتطلبات العصر وحاجة الناس.
السيدة ختمت اتصالها بقولها: (كل هذه الإجراءات لم أكن أعرفها ولا أملك تحويل معاملتي لمخلص ينهيها، فمن أعلمني أنا المواطنة بالإجراءات المختلفة؟)
هذا المقال ليس سوى وقفة عند تساؤل المواطنة البسيطة التي تطلب القليل من دوائر أو إدارة أو أقسام هدفها السيئ التواصل مع الناس، بل يراد من إنشائها تنويع مصادر إشهار رسائلهم وضمان وصولها لأبسط الناس وأقلهم دراية بالأمور.. لا أتحدث هنا عن إجراءات أو معاملات فقط بل أسحب الكلام لكل ما يلامس حياتنا، إلى الإرشاد العام، والتثقيف الصحي والتنمية الاجتماعية والوطنية والمرور وحتى تغيير بعض السلوكيات المتعلقة بالقيم والتحضر والتطور الذاتي الذي هو مصدر التطور الاجتماعي الحقيقي.