على الوفد الرسمي الذي يمثل الدولة في جنيف، وعلى الوفود الأهلية الذاهبة هناك للدفاع عن البحرين وغيرهم ممن في نفس الخندق، أن يوجهوا سؤالاً لوسائل الإعلام الأجنبية التي تسألهم بدورها عن الشأن البحريني، وأن يوجهوا نفس السؤال لأعضاء الوفود الأخرى خاصة الذين يصدقون ما يروج له من أكاذيب وفبركات ومبالغات، سؤال إجابته بالبحث عن الكيفية التي “يتجول” فيها المعارضون والانقلابيون في أنحاء أوروبا بكل راحة ويسر.
سؤال يفترض أن يجعل كل من يراقب يتساءل عن تكاليف الصرف اليومي لهم من مخصصات جيب وسفر وإقامة، بالأخص “حُجاج” جنيف الدائمين، إذ هؤلاء هم من يدعون بأن الشعب البحريني فقير ويعاني من ضنك العيش، بالتالي من أين لهم هذه الأموال الطائلة التي تمكنهم من التنقل والسفر والإقامة في ربوع أوروبا؟!
باختصار شديد، السؤال يفترض أن يتمثل بأن هؤلاء الموجودين في جنيف هم موجودون هنا “على نفقة من”؟!
إن كان قول هؤلاء بأن الوفد الرسمي جاء على “نفقة الدولة”، فهذا أمر مسلم به كونه وفداً رسمياً، وإن كان الاتهام معد سلفاً وبشكله التاريخي الدائم بشأن الوفود الأهلية بأنها جاءت بتسهيلات من الدولة وترتيبات معها فهي مسألة لا ضير فيها كونها تدافع عن بلدها وعن قضيتها العادلة، لكن في المقابل أنتم “من يدفع لكم” حتى تعملوا بشكل سافر ضد البحرين وحتى تشوهوا صورتها بأكاذيب ومغالطات في الخارج؟!
من يسافرون إلى الدول الأوروبية يعرفون تماماً كيف هي “حرارة” الأسعار هناك، يعرفون تماماً حجم الإنفاق اليومي على المعيشة والإقامة والتأشيرات ناهيكم عن تذاكر السفر، بالتالي السؤال الذي يفترض أن يتبادر إلى ذهن أي إعلامي غربي يرصد المشهد أو حتى أي شخص عادي يفترض أن يكون كالتالي: الوفد الرسمي يمثل البحرين بالتالي دولته تتكفل بنفقات سفره وإقامته وصرفه اليومي، في المقابل المعارضون -الذين يقولون بأنهم هنا لينقلوا معاناة الشعب البحريني- كيف جاؤوا ومن أين لهم مبالغ الصرف التي تجعلهم يقيمون لأسابيع في جنيف، بل يزورونها في العام أكثر من أربع مرات؟!
على ما يبدو أن الجماعة “تعبوا” في عملية جمع التبرعات، بل يبدو أن “مدخرات بعضهم تفوق حتى ميزانيات وزارات في البحرين، وتضعهم كأفراد في مستوى يعلو ويفوق مستوى البحرينيين أنفسهم. لكن باستبعاد فرضية امتلاكهم لـ«مدخرات” كون بعضهم يقول بأنهم “مشرد” وبعيد عن بلده أو يدعي أنه ملاحق أمنياً، فإن الفرضية الأقوى هو وجود “ممول” لنشاطاتهم وتحركاتهم، وهذه هي الحقيقة وأصل القصة.
ابحثوا في شنطة العميل الإيراني عبدالحميد دشتي فقد تجدون الإجابة، وابحثوا عن المصروف الذي يصرفه سعيد الشهابي لهؤلاء، خاصة وأن الأخير -المعروف بولائه الإيراني الصرف وقيامه بأعمال لخدمتها- له تاريخ حافل بتمويل مصروفات يومية للعناصر الانقلابية المناهضة للنظام في البحرين منذ الثمانينات وحتى اليوم، ولتأكيد ذلك اسألوا أمين الوفاق علي سلمان والديهي وغيرهم ممن كانوا يستلمون “رواتب الشهابي” حينما كانوا في لندن قبل أن “يطردهم” ويوقف عنهم “المصروف” عندما “تجرؤوا” على سؤاله بشأن هذه الأموال بصيغة “من أين لك هذا؟!”
لا تقنعونا بأن المعارضين الموجودين في جنيف يقضون أيامهم في الشوارع وعلى الأرصفة لأنهم لا يمتلكون المال الكافي لضمان إقامتهم طوال أكثر من ثلاثة أسابيع! لا تقنعونا بأن الأجهزة الحديثة التي يمتلكونها وجدوها في الشارع مرمية في أحد الأجناب، ولا تقنعونا بأن سفراتهم العديدة من جنيف إلى لندن إلى نيويورك إلى لبنان كلها مشياً على الأقدام كونهم لا يمتلكون ثمن التذكرة!
ابحثوا عمن يمول هؤلاء، اسألوهم على الملأ وأمام الإعلام الغربي -إن كانوا يجرؤون على الرد دون تلكؤ- من يصرف عليكم، وأنتم “على نفقة من” بالضبط؟!
هؤلاء ومن معهم في معسكر الانقلاب على البحرين يتهمون كل من يقف أمامهم ويعمل ضد إفشال مخططات تشويه صورة البحرين في الخارج بأنهم “عملاء” و«مأجورون” بالإشارة لكون النظام البحريني هو من “يستأجرهم”، بيد أن المفارقة تتمثل بأن من يتهم غيره بالعمالة لبلده هو يثبت قبل غيره عبر تحركاته وأسلوب حياته وتنقلاته بأنه هو ذاته “مأجور” و«عميل” لجهة تصرف عليه أموالاً طائلة، لكنه لا يستطيع الإفصاح عن اسمها، كون الإفصاح عن اسمها يجر وراءه “فضيحة مجلجلة” تثبت بأن هؤلاء لا ينتمون للبحرين ولا يتحدثون بوطنية عنها بقدر ما هم “عملاء” لجهات خارجية تمولهم بالتالي تحركهم كيفما تريد وقتما تريد وفي أي اتجاه تريد.
تريدون التأكد من ذلك، انظروا كيف يتبعون أوامر دشتي بلا نقاش.
وهنا مغفل من سيحاول بيان بأن دشتي -الذي يعرف الكويتيون قبل البحرينيين مدى ارتباطه بإيران وولائه لها- يتحرك للتضامن مع البحرينيين هكذا لوجه الله، بل الحقيقة الواضحة بأنه موجود بإيعاز من مصادر التمويل لضبط أداء “جوقة الانقلاب” في جنيف، ولضمان بأن “الاستثمار” فيهم و«ضخ الأموال” للصرف عليهم لم يذهب هباء منثوراً بل هناك نتيجة من ورائه.
المشهد جداً مضحك، المعارضة التي تقول بأنها “حافية” و«منتفة” وتعاني من “التشريد” من بلدها وتدعي بأنها “ملاحقة أمنياً” قادرة على السفر في أرجاء أوروبا، بل قادرة على أن تقيم أسابيع متتالية في جنيف وهي أحد أغلى العواصم الأوروبية، بينما كثير من المواطنين البحرينيين -وهم من يُطلق عليهم أوصاف مأجورين وعملاء- حتى يسافروا للخارج مرة كل عام يقترضون من البنوك أو “ينسفون” مخزون بطاقات الائتمان.
حتى في ادعاء المظلومية والمعاناة فاشلون بجدارة، وهذا ما يفترض أن ينتبه له الإعلام الغربي أو ينبه له، إذ كيف يأتي هؤلاء لادعاء الدفاع عن الشعب البحريني وكونه يعاني في معيشته وهمومه بينما هم يقدمون أنفسهم في نفس الوقت على أنهم معارضة “هاي ديلوكس” قادرة على مصاريف جنيف وأبو جنيف إن استدعى الأمر؟!