يضج المجتمع بين الحين والآخر بإثارة موضوع حقوق الطفل، وبين مدافع سالك لطريق الحق وبين مغرض ومستغل، ثمة الكثير للحديث عنه.
بعض مؤسسات المجتمع المدني تعزف على وتر استغلال الأطفال، والدفاع عن حقوقهم، بل ويعبرون عن استيائهم لمن وقع تحت طائلة القضاء، تحت عنوان أطفال داخل السجون! متناسين أسباب هذه النتيجة من عنف الشارع وعنف السياسيين الذي يدفع ثمنه هؤلاء الأطفال -حسب وصفهم-، فهم يتناسون حمل المولوتوف وأحداث الشغب والتخريب وغيرها من أعمال، ليقفوا فقط عند نتيجة الحبس أو المساءلة القانونية. يحدث كل ذلك في غفلة عن أساس حقوق الطفل، عن أهم مبادئ هذه الحقوق، يحدث كل هذا التجييش السياسي واستغلال الملف ليس من أجل حقوق الطفل المزعومة بل من أجل تشويه صورة البحرين، بكل ما يأتون به من قوة، وبأي وسيلة كانت!
حقوق الطفل يا سادة، تبدأ من المنزل، تبدأ بوالديه وأسرته، وتشمل ما يتم تغذية الطفل به من قيم ومعاني وأسس تربوية يراد لها بناء مواطن صالح محب لوطنه لا ناقم عليه. الأجيال الجديدة لم تعش كما عاش أهاليهم، ولم تتشابه ظروفهم الحياتية والمعيشية مع أهاليهم، فشتان بين حال الأسرة البحرينية اليوم، عن ما كانت تعيشه قبل عشر سنوات أو أكثر، ومن يغالي أو يزايد في هذا الجانب فقد حاد عن طريق الصواب، لأن حال الفرد والأسرة تغير بشكل كبير، بل إن الخارطة الاجتماعية تغيرت بما يحقق الكثير من الإنجازات لصالح المواطن. في ظل العزف على وتر ظلم الأطفال، ثمة جانب آخر في الظل لا يتجرأ المتشدقون بحقوق الطفل المزعومة عن الحديث عنه، فمن امتلك الجرأة من مؤسسات المجتمع المدني على الحديث عن ما تقوم الأسر به داخل أسوار بيوتها وبين الأحياء التي باتت كالمستعمرات لا يدخلها مختلف ولا يطأها غريب، ترى أين صوت من يتحدث عن قيم الكره والانتقام التي تزرع داخل النفوس، من يملك شجاعة التحدث عن تلقين معاني المظلومية بدل تعليم وتأصيل العمل والبناء، من يتحدث عن أهمية عدم تغذية العقول بمفاهيم الحرق والتخريب تحت غطاء الثورة والمطالبة بالحقوق!.
سأزيد في أسئلتي الساذجة هذه، هل أغفل الناشطون والمحامون والمدافعون عن الحقوق، حقوق الطفل والوطن؟ ومن منهم تحدث عن أهمية التسامح والمحبة والتعايش، ومن أكد على حق الناس العام في ممارسة حياتهم بشكل اعتيادي دون الخوف من تكسير هنا أو حرق هناك. أليست هذه أسئلة مشروعه أيضاً، أليست هذه حقوق طفل يراد له أن يعيش في أسرة مطمئنة ووطن قادر على تأمين أساسيات حياته الآمنة.
لا نعيش في المدينة الفاضلة، وواقع الحياة ليس بمثالي، والهموم كثيرة من مستوى دخل وإسكان وخدمات صحية وغيرها، فالكل يطلب التطوير ولكن دون انتقاص من حجم ما نفذ على أرض الواقع، فحالنا اليوم لا يقارن بالأعوام السابقة وحتماً لن يكون كما الغد. إن كنا نبتغي الغد الأجمل فعلينا مراجعة مواقفنا وتصحيح أخطائنا وأن نملك شجاعة الاعتراف بالأخطاء، ودراسة الجيل الجديد، وخصوصاً الأطفال الذين سيقع على عاتقهم رسم ملامح مستقبل يراد له أن يكون أكثر إنجازاً وتحقيقاً للمكاسب.. إذاً.. لنقف لحظة ونسأل هذا السؤال: عن أي أطفال نتحدث؟ وأي غراس نريد له أن يكون؟