في حوارها مع صحيفة الأهرام القاهرية، كشفت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بكل وضوح وصراحة عن حقيقة الأوضاع في البحرين ومن يقف وراء الجماعات الراديكالية التي تقود عمليات العنف سواء داخل البحرين أو خارجها، يأتي هذا الحديث في وقت لا تزال فيه الآلة الإعلامية المعادية والمضادة للبحرين تعمل بكل قوتها على تقديم صورة محرفة عن مجريات الأحداث في البحرين وتداعياتها.
إن اختيار سميرة بنت إبراهيم رجب صحيفة الأهرام لتخصها بهذا الحوار هو اختيار موفق لأكثر من سبب؛ أولها وزن هذه الصحيفة ومكانتها في الساحة الإعلامية المصرية وتأثيرها القوي في تشكيل الرأي العام المصري والعربي، وثانيها أن الشارع المصري وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والتغيير السياسي الذي حدث ووصول حزب الحرية والعدالة إلى سدة الحكم في مصر؛ بات مهيأ نفسياً وسياسياً أكثر من أي وقت مضى لسماع انتقال عدوى ما يسمى بالربيع العربي إلى جميع الأقطار العربية، السبب الثالث هو أن الشارع المصري بكل أطيافه السياسية ونخبه الثقافية كان أسيراً لخطاب إعلامي موجه من قبل مؤسسات إعلامية مملوكة ومدعومة من قوى إقليمية عملت -ولا تزال تعمل- على تقديم صورة مشوهة عن أحداث البحرين لا تعكس الواقع الحقيقي لتلك الأحداث، بدليل أن بعض النخب السياسية والثقافية المصريةـ وهي بالمناسبة قليلةـ لا تزال تحت تأثير الخطاب الإعلامي الذي تروجه الجماعات الراديكالية ومن يدعمها، والذي يصور ما حدث في البحرين على أنه امتداد (للربيع العربي)، مع أن الواقع ليس كذلك البتة، فالأمور جد مختلفة؛ إذ إن ما جرى ويجري في البحرين ليس حراكاً سياسياً سلمياً الهدف منه المطالبة بالديمقراطية وبمزيد من المشاركة السياسية كما يصوره الإعلام المعادي للبحرين، إذ كشفت الأحداث وبصورة جلية أن المسألة وباختصار شديد تتلخص في أن العنف الذي تقوده الجماعات الراديكالية يستهدف تقويض الأمن والاستقرار في البحرين بهدف الوصول إلى الغاية النهائية وهي المساس بهويتها وعروبتها، وهذا ما أوضحته الوزيرة في حديثها الذي وجهته للعرب جميعاً، حيث أكدت في هذا السياق على أن «البحرين تتعرض لهجوم يهدد كيان وهوية البحرين العربية، وهذا أمر من الضروري أن نستوعبه على جميع المستويات حسب تعبيرها».
نقولها دون مجاملة؛ إنه مع تعيين سميرة بنت إبراهيم رجب لتكون وزيرة للدولة لشؤون الإعلام والناطقة باسم الحكومة في هذه الظروف الحساسة والدقيقة التي نمر بها، فإننا نجزم أن التوزير هو البداية الحقيقية لانطلاق الإعلام البحريني وعودة الوعي إليه، ولذا نقول إن الثقة الملكية جاءت في مكانها الصحيح، حيث أننا لا نزال نعيش أوضاعاً أمنية وسياسة محلية وإقليمية ودولية غير مستقرة، ونتعرض لهجمة إعلامية شرسة من قبل قوى محلية وإقليمية ودولية تستهدف هويتنا وكياننا، الأمر الذي يتطلب وجود إعلام قوي وقادر على مواجهة وتفنيد الأكاذيب التي تروجها آلة الإعلام المضاد والمعادية للبحرين.
نعم؛ لقد أثبتت الوزيرة منذ توليها هذا المنصب وحتى الآن جدارتها في إدارة دفة الإعلام بكل ثقة، واستطاعت بحسها الصحافي أن تفند أكاذيب الجماعات الراديكالية المتطرفة وتكشف عن أقنعتهم التي ظلوا يختبئون وراءها، وأن ترد عليهم الصاع صاعين بالأدلة والحجج والبراهين، حتى فقدوا بوصلتهم وفي أي اتجاه يذهبون عندما عجزوا عن منازلتها، وبهذا أرجعت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الطمأنينة للشارع البحريني وارتفع مؤشر الثقة لديه في أن الإعلام اليوم بات في يد أمينة قادرة على توصيل الصوت البحريني الحقيقي إلى الخارج، والذي ظل حكراً على الأصوات النشاز التي تضمر الشر للبحرين وأهلها الطيبين، والتي استفادت من الفراغ الإعلامي الرسمي طوال الفترات الماضية لترويج بضاعتها السياسية الفاسدة، حيث استطاعت تضليل الرأي العام العربي والدولي.
صحيح أن المشوار لا يزال طويلاً لتصحيح الصورة التي رسمتها الجماعات المتطرفة لأحداث البحرين الأخيرة، إلا أن أملنا قد زاد مع وجود بنت رجب على رأس جهاز الإعلام الذي لا نشك لحظة واحدة ولا نجادل في أنها تمتلك من الكفايات العلمية والمهنية (الإعلامية والإدارية) ما يؤهلها لإدارة الأزمة في شقها الإعلامي، وحديثها الأخير مع صحيفة الأهرام خير دليل على أنها بالفعل جديرة بهذا المنصب، حيث إن المدقق في محتوى خطابها الإعلامي يكتشف أنها تنتقي مفردات خطابها بعناية، وأنها تبذل جهداً كبيراً في توصيل رسالة البحرين الإعلامية، وهذا ما كنا نفتقده في إعلامنا خلال الفترات الماضية والذي طالما نوهنا عنه أكثر من مرة وفي أكثر مناسبة، لذا أرى أن مثل هذه الحوارات ستؤتي أكلها قريباً وسنشهد تغييراً في مواقف بعض النخب السياسية والثقافية العربية تجاه البحرين.
إني على يقين أن الصورة المغلوطة والمشوهة عن البحرين سوف تتغير ولن تستمر طويلاً؛ لأن الحقيقة لا يحجبها غربال مادام لدينا مواطنون نذروا أنفسهم في خدمة وطنهم وهبوا للدفاع عنه وفي أي موقع كانوا، ووزيرة الدولة لشؤون الإعلام خير مثال للمواطن المؤمن بهويته وعروبته وبعدالة قضيته، لذ فهي قد بدأت معركتها مع الجماعات الراديكالية المتطرفة قبل تسلمها حقيبة الإعلام، وكان قلمها سيفاً بتاراً في تعرية الجماعات الراديكالية المتطرفة، ومن هنا علينا ألا نتردد في القول إنها بالفعل تمثل أحد فرسان هذه المرحلة.