خمس انفجارات شهدتها المنامة أمس، خمس عبوات انفجرت وأسفرت عن مقتل اثنين من منظفي الشوارع وإصابة ثالث بجروح.. في السابق كانت الساحة المحلية تشهد ممارسات يستهدف فيها رجل الأمن وحده، وكان الخطاب الذي يراد أن يأخذ موقعه يتمحور حول حماية رجل الأمن من جهة وحفظ الأمن من هذه الممارسات العنيفة من جهة أخرى، وها نحن اليوم نشهد تحولاً جديداً في مسار الأحداث، لنصل إلى قنابل في أماكن عامة يذهب ضحيتها مدنيون من العمال الذين أتوا ليتكسبوا لقمة العيش الكريم في بلادنا.
أي مفارقة هذه، لو تمت مثل هذه الأفعال في دول غربية لكان خط سير الأمور مختلفاً، فالدول الغربية تعتبر وتتعامل مع مصطلح (الإرهاب) كعدو لها، بل إنها تحفظ مكانة رجال أمنها، ليجابهوا بالكثير من الاحترام المفروض هناك بقوة القانون.
ما يحاول البعض تكريسه هو وجود عمليات إرهاب وعنف تحت مسمى حرية التعبير، إنه خلط في المفاهيم، وتشابك خيوط قضية من المفترض أن تكون واضحة الحدود، فهل هي معادلة صعبة، فحق التعبير السلمي مكفول حسب القوانين الدولية والمحلية، ولكن ما يحدث على أرض الواقع لا يمت لحقوق التعبير السلمية بصلة، وهذا أمر يجب الاعتراف به من قبل الجميع، فالوطن اليوم بحاجة إلى إجماع من أجل إنقاذه وحمايته من أفعال لن يحمد عقباها في المستقبل.
ماذا لو حدث هذا الفعل في دولة أجنبية، أجزم أن الدنيا ستقوم ولن تقعد، فمنطق الغرب لا يسمح بالإرهاب والعنف والفوضى، ولنحدد أكثر تقوم بريطانيا بإحكام قبضتها على كل من يتسبب بفوضى في الأماكن العامة، وفي فرنسا (لا حقوق إنسان أمام الأمن الوطني)، وحتى أمريكا نفسها بلد الحريات، وبلد التحضر والأحلام، لا تسمح بمثل هذه الأفعال أبداً، فالنظام يسير على الجميع.
كفانا تشدقات في حقوق الإنسان الزائفة، وكفانا شد ظهر بالمنظمات الغربية التي آخر أهدافها حفظ الأمن في بلادنا وفي منطقتنا، فما يمارس اليوم هو الكيل بمكيالين، ولكل متفحص أمين مع نفسه القدرة على فهم ما يجري.
هذه بلادي .. أحبها ولا أقبل أن يلصق اسمها بأحداث غير مسؤولة كهذه، لا أريد لأرض السلام أن تتحول إلى أرض تعمها الفوضى، فالبحرين لم ولن تكون بلد المولوتوف والقنابل المحلية، لن تكون بلد يخاف فيها الأجنبي والمواطن إذا خرج في الشارع، فهذه الأرض لم تكن كذلك قط، وأتمنى أن لا يسمح لأن يخاف فيها الإنسان من الخروج وممارسة أي نشاط في الخارج، ولضمان ذلك يتوجب على كل جهة تحمل مسؤولياتها تجاه الأمن الذي لن ندرك مخاطر العبث به إلا إذا فقدناه، ولنا في الدول من حولنا دروساً وعبر لمن يعتبر.
المطلوب اليوم تحركات جادة لضبط الأمن، وعدم استخدام الفئات الضعيفة كأداة لتنفيذ سياسات يراد من ورائها هدم ما بنته البحرين من سمعة ومكانة وحقوق.
سأتوقف قليلاً عند الألفاظ التي حملتها نشرات الأخبار أمس، فمنهم ما استخدم وصف (انفجارات بسيطة)، ومنهم من وضع جملة: (توصف بأنها أعمال عنف)، وأخرى وضعت جملة: (قد تكون أعمال إرهابية)، وكلها تحمل في طياتها دلالات تعكس ما تعكسه، بل وتؤثر في انطباعات المشاهد أو المستمع، بينما تبقى الحقيقة كعين الشمس وهي أن الانفجارات حدثت والضحايا أموات وجرحى.
لا نريد تهويل ما لا يحتمل التهويل، ولا تصغير ما هو ليس بصغير، ولكن نريد لبحريننا أن تكون آمنة لكل من يعيش على أرضها، فنحن لا نتحدث عن حقوق إنسان هنا، بل نتحدث عن حقوق وطن، عن سمعة بلد يراد له حفظ مكانته أمام من يحيك الخطط للنيل منه.