النظام والتحضر كلمتان يختزلان كل ما نحتاج إليه لحل مشاكلنا المتشعبة والمركبة، فبين الحاجة إلى فرض الأمن ووضع حد لعمليات التخريب وإنهاء عمليات إرهاب الناس في الأماكن العامة والأحياء السكنية من جهة وبين الحاجة إلى إصلاح آلية التعامل مع ملف الإسكان ورفع المستوى المعيشي بما يحقق طفرة في حياة خلق الله، ثمة جزئية بالغة الأهمية يجب أن لا تبقى في الظلال أو خارج دائرة الضوء تتعلق بآلية معالجة هذه الملفات المختلفة وفق نظام محدد يضمن لنا تحقيق درجة التحضر المطلوبة.
ما يميز الدول الغربية نظامها الواضح في معالجة الأمور الذي يحكم الأفراد داخل منظومته لا أن يسمع للفرد بالتحكم فيها، وبين هذين النمطين تكمن أوجه التطور الفعلي بل يكمن أيضاً سر التحضر الذي نتشدق به دون الالتزام بفرض أدبياته ووضع أسسه.
ما نشهده من تخبطات داخل بيئات العمل المختلفة دون فروق بين العمل الخاص أو العام، يجعلنا أمام حقيقة آن أوان الاعتراف بها وهو أن نظام سير أي عمل أمر غائب ليس له وجود على أرض الواقع، بل أن كثيراً من المواقع في الأساس لا تحوي أبسط أسس الإدارة، والأمر من ذلك عندما نجد أقساماً تتعدد فيها الوجوه دون عمل جاد، لاسيما وأن منهم من يقع تحت تصنيف البطالة المقنعة!.
كم من الجهات وضعت لنفسها خطة لسير العمل، وكم مؤسسة تعمل وفق منظور التخطيط لتحقيق أهداف محددة في وقت محدد بدل ترك الأمور تسير على البركة!
ما سبب وجود معاملات ومصالح ناس تتأخر بسبب غياب توقيع أحد المسؤولين عليها أو غياب موظف، وعدم وجود بديل له رغم كثرة الموظفين في القسم نفسه، وهي ليست سوى معاملات روتينية في أساسها، لماذا لا يتم فرض آلية لتخليص وإنهاء أكبر عدد ممكن من المعاملات أو الإجراءات أو المهام الوظيفية في فترات قياسية يتم نشرها لاحقاً لتوضيح مستوى الحرفية والجودة الذي تحقق فعلاً.
نوسع دائرة الحديث لتشمل أبعاداً مختلفة منها إدارة الأسرة والأبناء والمنزل، بل وتزداد اتساعاً لتذهب في اتجاهات أكثر تعقيداً لتلامس المؤسسات والشركات وجميع الدوائر الحكومية، فما الذي ينقصنا ليكون سير العمل واضحاً بين جميع جهات العمل، وتكون خطوات وإجراءات أي شيء محددة وواضحة لجميع من يريدها.
ونحن نتشدق بالتطور والإنجاز بين الفينة والأخرى، ثمة شاهد على القصور نستشعره ولكن لا نعترف به، فهناك معاملات تتطلب مراجعة أكثر من جهة والتي ربما توافق عليها جهة ولكن تعارضها أخرى، وبين تعدد الجهات تضيع الطلبات، والأمر من ذلك أنه يكال بمكيالين، فما هو مسموح اليوم لشخص ما قد يكون ممنوعاً لآخر بعد شهر!.
تتناهى إلى مسامعنا الكثير من الجمل التي تبين أن أي مسألة تعتبر منتهية إذا ما كان صاحب المعاملة على علاقة بأحد موظفي تلك الدائرة، والعكس صحيح أيضاً، إذ اعتبر الموضوع معلقاً إلى أجل غير مسمى إذا كنت لا تعرف أحداً، وستتبع النظام العام الذي هو في الأساس غير واضح الملامح والخطوات!
فهل هذه الصورة، وأسلوب التعامل المبهم يليق بنا ونحن نعيش عام 2012.