إنها إيران التي لا تعترف بأمم متحدة ولا مجلس حقوق إنسان ولا تأبه بمنظمات ولا معاهدات، وذلك عندما يكون كرسي حكومة الملالي في خطر، وها هي الأخبار تهل بعناوين عريضة عن القبض عن الحريرة ابنة رفسنجاني، كما تم القبض على ابنه وذلك بتهمة التحريض والدعاية ضد النظام الإيراني، إنها إرنا ابنة رجل الدين والرئيس الإيراني السابق، التي حكم عليها بالسجن بمجرد مشاركتها في الاحتجاجات التي وقعت بعد الانتخابات المزورة، والتي فاز فيها أحمد نجاد، إنها المرجعية الإيرانية التي لا فرق عندها بين حريرة ولا صوفة، فهم جميعاً أمامها أعداء ضد النظام بمجرد أن يخرجوا في مسيرة أو مظاهرة، إنهم أبناء سيد وإمام وآية الله يؤخذون إلى السجون دون أن تتحرك شفة في النجف أو ينبض لسان في جنوب لبنان، أو يذكر اسمها في خطبة من على منبر مسجد الدراز على لسان المرجع عيسى قاسم، الذي أفتى بالسحق حتى الموت لكل من يتعرض لحريرة حتى وإن حملت “تايراً” أو قنبلة، فإنها تبقى حريرة ممنوعة.
أما “إرنا رفسنجاني” فهي طبعاً خارج نطاق حرائر عيسى قاسم لأنها تحرض ضد النظام الإيراني، ولم نقرأ عن هذا الخبر في الصحيفة المتحدثة باسم حرائر عيسى قاسم، فكل منهم لا يستطيع الكلام أو الإشارة لا عن إرنا أو أخيها، لأنهم اعتادوا كتابة التقارير المفبركة، فلسانهم لم يشهد بحق يوماً وقلمهم لا يقدر على خط قول حق، لكنه يستطيع الكتابة بجميع اللغات إذا كانت الأخبار والفبركات عن البحرين ودول الخليج، فيتحول ابن مواطن صياد أو عكار إذا أصابته كحة أو حكة إلى ابن عيسى قاسم العزيز، وأخ علي سلمان الغالي، ويقوم بإرسال المراسيل إلى جنيف وواشنطن برسمه واسمه وعنوانه، ويكون ابن المواطن أغلى وأعز عندما يكون ميتاً، فترفع صورته على الجدران وتنشر وتعمم على المراسم والمكاتب والمنظمات، هنا تكشف الحقيقة؛ عندما تكون حريرة رفسنجاني وابن الآية والرئيس السابق ضمن أسماء يمنع تداولها أو الإشارة إليها في لبنان أو العراق أو البحرين، لأنهما بالنسبة لهم خونة مجرمين يستحقون الحبس وحتى الإعدام لأنهم يشكلون خطراً على النظام الإيراني، بينما ابن الصياد وبنت العكار رهائن وأبرياء لأنهم يطالبون بكرسي الحكم ويطالبون بتنحي الحكومة في البحرين.
الأمر يختلف، وذلك عندما تكون هناك دولة في إيران لا تجامل مرجعية ولا مزهرية عندما يتعرض أحدٌ لنظام الحكم، بينما في البحرين يعامل هؤلاء بالهون والليونة.
هنا بيت القصيد؛ عندما يكون من يحرض على البحرين ويسيء إلى سمعتها ويكذب عليها في الداخل والخارج ممنوعاً لمسه أو ذكر اسمه، فيعلو فوق الدولة، وبمجرد الإشارة إليه يعتبر ذلك إساءة إلى سمعته، بينما الدولة تهان وتذبح وتعطل شوارعها ويدمر اقتصادها ويروع أبنائها وتهددها منظمات ومؤسسات ودول أجنبية، فذلك لا يعتبر لا إساءة إلى البلد ولا خطراً على كرسي الحكم، في حين أن إيران التي يحرس نظامها حرس ثوري، ويدافع عنها ليس في داخل بل حتى خارج حدودها ويترصد أعدائها أو معارضيها في كل قطعة وبقعة، لا أحد يستطيع أن يحاسبها أو يراسلها لأنها تعتبر نفسها حرة تعتز بحكمها وتخاف على نظامها، ومن أجله لا تبالي إن كانت أبنة آية أو ابن إمام، فعندما يتعرض أحد للنظام يكون الجميع أمامها سواسية، فها هي حكومة الملالي التي تفرض قيودها وشروطها على السهول والبراري والمدن والقرى باسم المظلومية التي يتعرض لها الشيعة، بينما ظلمها وتجبرها على أبناء إيران الشيعة الأكابر لا يعتبر ظلماً في حق الشيعة، وذلك لأن منظارها ليس الشيعة بل موقعهم، فحين يكون الموقع في البحرين ودول الخليج فهو مظلوم ويحتاج إلى رعاية أممية وتدخل قوى خارجية، بينما إذا كان في الأحواز أو ابن خميني أو خاتمي أو رفسنجاني ووجوده يهدد النظام أو يسيء إليه أو يحرض عليه، فهو مجرم خطير يستحق السجن أو قد يكون مصيره مجهولاً لا تصل إليه عيون.
إنها إيران التي تعرف كيف تحافظ على نظامها الذي لا يزيد عمره عــــــــن 30 عامـــــــــاً إلا أعوامـــــــاً قليلة، بينما حكم البحرين الشرعي الذي حررها من يد مستعمر بربري وفارسي ويجلس على كرسي حكمها أكثر من قرنين نظام شرعي.
في الوقت الذي فيه تكون إيران حرة لا يستطيع أن يحاسبهــــــــــــــا أو يكاتبهــــــــــــــا أحـــــــــــــد وهـــــــــــــي دولــــــــــة يحكمهــــــــــا ملالــــــــــي، فاستطاعـــــــــت وبكـــــــــل جـــــــــــرأة أن تحبــــــــــــس الحريــــــــرة ابنـــــــــــة الرئيس والسيـــــــد ابـــــــــن الآيــــــــة.