يدعون أنهم ينطقون بالحقيقة، وأنهم يدافعون عن «حقوق الإنسان»، وأنهم ينبذون الطائفية، وكل ذلك كذب في كذب؛ إذ إن معايير حقوق الإنسان لديهم تختلف بالنظر لمذهب الإنسان وتبعيته، بالتالي «تثقل» ألسنتهم عندما يواجهون بمواقفهم بشأن قتل آلاف البشر في سوريا على يد الجزار المدعوم إيرانياً، بل يتحولون إلى «صم.. بكم.. عمي» عندما يواجهون بحقيقة «احترام» حقوق الإنسان في إيران.
ألم يقل بعض عناصر الوفاق إن ديمقراطية إيران نموذج مثالي للديمقراطية المنشودة في البحرين؟!
راجعوا تصريحاتكم على قنوات «العالم» و»المنار» و»برس تي في» وغيرها من قنوات مؤتمرة بأمر المرشد الأعلى، بعدها فسروا لنا كيف يتم إعدام أكثر من 20 ألف شخص في السجون الإيرانية من بينهم رجال ونساء وأطفال قصر، وكل ذلك لم يكن في عهد الشاه؛ بل في عهد من حولتموه لأكثر من «نبي» منزل من السماء حينما جاء بثورته، وأنتم إزاء ذلك صامتون مثل «الشيطان الأخرس الساكت عن الحق».
عندما تتحدث الأرقام عن إيران، وعن فظائعها بحق البشر، هم -أي أتباعها- يخرسون تماماً، فلا عرب الأحواز يمثلون لهم بشراً يفترض أن يدافع عن حقوقهم باعتبار أنهم -أي الوفاق وأبطالها- مدافعون عن حقوق الإنسان، ولا السوريون الشرفاء -السُنة منهم- يمثلون لهم شيئاً وحلال أن يسكب بشار دمهم كل يوم بمباركة الخامنئي.
يتحدثون ويستعرض إعلامهم الأصفر عضلاته بشأن حقوق الإنسان، لكن حينما يأتي الحديث عن البشر الآخرين، وحينما يأتي الحديث عن ولية نعمتهم وقبلتهم الأولى إيران، تنقبض ألسنتهم ويتحول الأُسود إلى فئران، لا يصدر عنهم حرف واحد، مثلما تلعثم متحدثهم «المفوه» حينما وجد أن قوله «الخليج العربي» سيغضب مرشده الأعلى «الفارسي».
في لاهاي -التي حاولتم إيصال الدولة البحرينية لها باعتبار أنها انتهكت حقوق الإنسان- جرت أمس الأول محاكمة غير رسمية ضد جرائم نظام الخميني في إيران، محركوها ضحايا لهذا النظام القمعي منذ الثمانينات، والتهمة تتمثل بعمليات تصفية وإعدامات بحق 20 ألف شخص طوال 25 عاماً وإلى يومنا هذا لم يعاقب مرتكبوها عليها، وظل المجتمع الدولي ساكتاً خرساً تجاهها، ولم تفتح الأمم المتحدة لجنة تحقيق بشأنها.
المدعي العام في المحكمة «بايام خوان» قال إن أكثر من 20 ألف معتقل سياسي من رجال ونساء وأولاد قصر أعدموا خلال الثمانينات في السجون الإيرانية، وأنه في عام 1988 فقط تم إعدام أكثر من 5 آلاف معتقل.
من بين الشهود أحد الضحايا واسمه مهدي الشوق، والذي قال بأنه شهد من زنزانته إعدام 44 شخصاً، بينهم فتى في الـ15 من العمر، خلال ليلة واحدة عام 1981، وقال بأنه كانت هناك ستون وسيلة تعذيب مختلفة، وأنهم كانوا يستخدمون كل ما يمكن أن يخطر لهم لتعذيب المعتقلين.
هذه أرقام ومن الضحايا والمتضررين من أهاليهم وأقربائهم، هي حقائق موثقة يا من تعرفون معنى الأرقام والحقائق، وهنا لسنا نطلب منكم إدانة ذلك لأنكم لا تقوون على ذلك، فأنتم «تبع» وستظلون «تبعاً» للنظام الإيراني، مثلما ذهب أحد شبابكم المدربين على الإرهاب ليبكي في حضرة الخامنئي ويقول له ويستعطفه «مولانا» وأن البحرينيين يطلبون نصرته.
بل التحدي موجه لكم ولإعلامكم الأصفر المدعي بأنه مدافع عن حقوق الإنسان بأن ينطق بحرف واحد عن هذه الجرائم ضد الإنسانية، أن يعرض لنا مثل هذه المعلومات ويعلق عليها وينتقد انتهاكات حقوق الإنسان.
أليس فيكم رجل يقوى على إدانة «الجرائم الإيرانية ضد البشرية»؟! أم أن قوتكم وسطوة ألسنتكم وأقلامكم فقط على بلادكم التي لو خرجتم منها وذهبتم لحبيبة قلوبكم جارة الشمال وفعلتم هناك ما تفعلونه هناك لكسروا جماجمكم وقطعوا أيديكم وأرجلكم من خلاف، واسألوا الإيرانيين، اسألوا ضحايا الثورة المذهبية العنصرية.
أفظع فنون التعذيب، وتحطيم الأرقام القياسية في قتل البشر كباراً وصغاراً، تعرفون تماماً أين تجدونها، لكن «العبودية» و»التبعية» وصلت حتى اللسان فبات ينطق بما يؤمر به.
أثبتوا أنكم تمتلكون حريتكم أولاً، ثم تعالوا لتطالبوا الناس بأن يكونوا أحراراً.
^ اتجاه معاكس..
البرلمان الأوروبي منح جائزة «ساخاروف» الموازية لجائزة «نوبل» للسلام على المستوى الأوروبي للمخرج الإيراني جعفر بناهي والمحامية الإيرانية نسرين ستوده واللذين صدرت بحقهما أحكام قاسية بالسجن في إيران.
الجائزة ستسلم في 12 ديسمبر في حفل بستراسبورغ، لكن لن يتمكن المخرج والمحامية الإيرانيان من استلامها لأن الأول قيد الإقامة الجبرية والثانية في السجن، علماً بأن بناهي المحكوم بالسجن لسنين منع لعشرين عاماً من التصوير أو السفر أو التعبير عن آرائه، في حين أن ستوده المحكومة بالسجن 11 عاماً ممنوعة من ممارسة مهنة المحاماة أو مغادرة إيران لعشرين عاماً. أورد هذه المعلومات لأنكم لن تقرؤوها في الإعلام الأصفر، وإن وجدتموها -وهذا مستبعد- فإن خبر هذه الجائزة لن يبرز مثلما تبرز الأخبار الأخرى المماثلة، والسبب لأنها تضر بصورة «جنتهم في الأرض»، وتكشف عن حقيقة كونها «الأرض» التي تسقط فيها كل أعراف ومواثيق حقوق الإنسان على المذبح.
أعيد وأكرر قول المذيع المخضرم فيصل القاسم في وجه خليل المرزوق: «والله لو كنتم في إيران وفعلتم ما فعلتموه، لقطعوكم ولحطمت قوات الباسيج جماجمكم».