نذكر هنا من يعدون التقارير من السفارة الأمريكية بالمنامة بشأن وضع البحرين ويرسلونها بشكل دوري إلى واشنطن، وفي مقدمتهم السفير الأمريكي بأن رجل أمن قتل ليلة أمس الأول بسبب العمليات الإرهابية واستخدام المولوتوف. نذكركم فقط حتى لا تسقط هذه الحادثة “سهواً” مثلما سقطت العديد من الحوادث من تقاريركم والتي من خلالها تم إيصال صورة غير صحيحة عن الوضع في البحرين.
نجزم بذلك لأن سعادة السفير يتحرك وفق أجندة واضحة ومكشوفة منذ جاء إلى البحرين، يتدخل بشكل سافر في شأننا الداخلي دون أي رادع، حتى وصل قبل أيام للحديث وسط جمع من الشخصيات في إحدى المناسبات بأن حكومة البحرين عليها أن تغلق سجن “جو”، ونحمد الله أن الجواب أتاه مباشراً وصاعقاً من أحد الحاضرين من البحرينيين المخلصين بأن قال له: “قبل أن تتدخل في شأن البحرين، أغلقوا معتقل جوانتانامو الذي شهد أفظع عمليات التعذيب”.
نعم، تذكروا تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حملته الانتخابية حينما وعد بإغلاق معتقل جوانتانامو الرهيب، وابحثوا عن وضعية المعتقل الذي مازال يعمل حتى الآن. كلها وعود سرابية غير حقيقية كان هدفها فقط النجاح في الانتخابات وإسقاط شعبية هيلاري كلينتون منافسته حينها.
نعود للسفير الأمريكي ونسأله باعتباره يمثل “المرجعية السياسية” لجمعيات التأزيم والتحريض، ماذا تقترح الآن على الدولة يا سعادة السفير؟! ماذا يجب أن تقوم به الدولة بعد سقوط قتيل جديد من قوات الأمن بسبب الأعمال الإرهابية والقنابل والمولوتوفات؟!
نعم نسأله هنا، لأنه من الواضح جداً أنه أعطى جمعيات التحريض والتخريب “فتوى” سريعة جداً على إثرها أصدرت الوفاق بياناً “خجولاً” جداً تدين فيه قتل الشرطي لكن مع إقران الواقعة بتوجيه اتهامات للدولة بممارسة العنف ضد المتظاهرين “السلميين”.
أوما زلتم تدعون بأنها “سلمية”؟! أيّ سلمية هذه التي تستخدم المولوتوف والقنابل وتسد الطرقات وترهب الناس؟!
الوفاق لا تجرؤ على انتقاد مستخدمي المولوتوف بشكل صريح وصارم، ولا يمكنها أن تستخدم خطاباً “قوياً” ضدهم مثلما تفعل مع الدولة، لأنها تخشى أن يتم إمطار مقرها بوابل من قنابل المولوتوف.
الوفاق ليست من تقود الشارع أبداً، هي تدعي ذلك وتحاول استغلال الشارع لتحقيق مكاسبها، وكل تحرك لا يعجب هذا الشارع المشحون والذي يستمر شحنه من خارج حدود البحرين تأكل نتيجته الوفاق شتماً وسباً وقذفاً وتسقيطاً من قبل الجمهور المتشدد، ادخلوا للموقع الشهير الذي يموله أحد عملاء إيران لتعرفوا كيف أن الوفاق “تقاد من أنفها” في جميع الاتجاهات، تارة من ممثلي الولي الفقيه، وتارة من السفير الأمريكي، وفي أحايين كثيرة من قبل ممارسي الإرهاب.
نعود لشهيد الواجب، نترحم عليه وندعو الله أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان. في جانب آخر نقول للدولة -وهي بنفسها تعرف ذلك- بأن ترك الحبل على الغارب يقود لمثل هذه النتائج، إفساح المجال للمخربين والإرهابيين بممارسة العبث دون عقوبات صارمة هو ما يجعلهم يتمادون، وهو ما يجعل الجرائم تتطور، من إغلاق شوارع وإقلاق حياة الناس إلى رمي المولوتوفات وتنفيذ عمليات إرهابية بهدف القتل. المعارضة “النزيهة” تريد أن تعاقب الدولة على من قام بفعل خاطئ بحق الموقوفين أو المتظاهرين، كل من تجاوز صلاحياته تريد المعارضة أن يُنزل به “أشد العقاب”، وضعوا خطاً تحت توصيف “أشد العقاب”، لكن في جانبها لم تصدر الوفاق بياناً واحداً يدين دهس الشرطي حتى الموت رغم وجود التوثيق المرئي على ذلك والذي يكشف مدى وحشية قاتليه، لم تتحدث عن العدالة في تطبيق القانون على من “خرجوا على سلميتها” المفترضة، بالتالي مثلما يطالبون الدولة بمحاسبة من أخطؤوا وتجاوزا، فإن الدولة مطالبة أيضاً بمحاسبة من قاموا بهذه العمليات الإرهابية ومن قتلوا ومن أسقطوا عشرات الجرحى ومن يحرضهم بالأخص من الداخل.
من يعرف الوفاق وبياناتها “الرنانة” ضد الدولة يدرك تماماً بأن البيان الأخير بشأن مقتل رجل الأمن جاء على مضض، أصدرته وهي “مكرهة” حتى لا يقال بأنها توافق على استهداف الشرطة، في حين أنها خلال فوضى الدوار لم تكترث للطرف الآخر باعتبار أن الدولة “ساقطة” لا محالة. عموماً، واضح تماماً جهد السفير الأمريكي في ذلك.
فقط نسأل السفير الأمريكي، وهو سؤال كررناه عشرات المرات دون أية إجابة، لأن الإجابة تحرجه، ماذا لو تم قتل رجل شرطة أمريكي بنفس الطريقة التي قتل بها رجال الشرطة في البحرين، ماذا ستفعل دولتك ذات الديمقراطية العريقة؟!
ماذا سيكون رد فعل السيد أوباما حينما يرى شرطياً أمريكياً يدهس حتى الموت، وشرطياً آخر تلقى على وجهه الحجارة حتى تتهشم جمجمته، وشرطياً آخر يرمى بقنابل المولوتوف حتى يموت؟! هل سيقف يتفرج ويقول “حرية تعبير” وأن على الأجهزة الأمنية الأمريكية أن تتحلى بـ«ضبط النفس”؟!
هذا شهيد واجب جديد يسقط، هي نتيجة جاءت ليست بناء على إرهاب الشوارع فقط، بل جاءت نتيجة للتدخل الأمريكي السافر في شؤوننا، وتقويتهم لفئات راديكالية عنصرية طائفية إرهابية، ونتيجة لسياسة “ضبابية” للدولة بشأن محاربة الإرهاب.
محاربة الإرهاب لا تكون بالكلام، بل بالفعل. ارجعوا للتاريخ واستذكروا “أبلغ” تطبيقاً لهذه المعادلة من خلال ما فعله الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، هو لم يكتف بإجراءات أمنية شديدة في داخل الولايات المتحدة، أو فظائع وهوائل ترتكب في جوانتانامو، بل وصل لأبعد الحدود بل لمستوى “الجنون” حين غزى دولاً أخرى وغيّر أنظمتها واستولى على ثرواتها تحت شعار “محاربة الإرهاب”.
السفير الأمريكي دم هذا الشهيد وغيره في رقبتك أنت أولاً قبل أن يكون في رقبة دعاة التحريض والانقلاب، وحتى قبل أن يكون في رقبة الدولة.