في منتدى أصيلة؛ التقيت الأسبوع الماضي بعدة شخصيات عربية منها الدكتورة أمينة المسعودي من المملكة المغربية، والحاصلة على دكتوراه الدولة في القانون العام من جامعة محمد الخامس بالرباط، وأستاذة جامعية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، ومنسقة مرصد المؤسسات السياسية والدستورية بالمغرب وإسبانيا منذ سنة 2000، مستشارة وطنية ودولية في مجال الإصلاحات الدستورية والانتخابات والحكامة. والدكتورة عزة المقهور محامية ليبية، أتمّت دراساتها العليا في القانون في جامعة باريس 1 - فرنسا. وهي حالياً شريكة أساسية في مكتب المقهور وشركائه للمحاماة. تولّت المقهور عدداً من القضايا المهمة، من بينها النزاع القائم بين ليبيا وتشاد حيث كانت في العام 1996 عضواً في لجنة الدفاع عن الطرف اللّيبي، وكانت أيضاً من ضمن فريق الدفاع في قضية لوكربي. درّست المقهور في عدد من كليات الحقوق في الجامعات الليبية، ولديها دراسات عدّة في مجال القانون والحقوق. وهما -كما نرى- خبيرتان في الفقه الدستوري وفي القانون الدولي، ودار الحديث عن البحرين وأبدت السيدتان اهتماماً بالتعديلات الدستورية البحرينية الأخيرة ورغبة في مزيد من المعلومات حول طبيعة تلك التعديلات وطبيعة اختصاصات السلطة المنتخبة، والاطلاع على مساحة الحريات العامة والمدنية التي يتيحها الدستور للمواطن البحريني. يعكس الاهتمام بموضوع التعديلات الدستورية مقدارها كمعيار للحكم على طبيعة الاحتجاجات ومصداقية الحزب السياسي الذي يقود الاحتجاجات إلى اليوم بدعوى الإصلاحات الدستورية، هذا الحزب الذي يربط الاستقرار الأمني بموافقته وقبوله ورضاه على التعديلات في تناقض تام مع ادعائه برفضه للعنف ومحاولة تنصله من فاعليه، فكيف يستقيم هذا مع ذاك، فإن لم يكن لك صلة به فكيف ستنهيه؟ لذا فإن شرح طبيعة التعديلات الدستورية والإعلان عنها من الأهمية بمكان، ومازلت أقول إنها وحدها قادرة -لو تمت مناقشتها والترويج لها محلياً وإقليمياً ودولياً- أن تظهر حقيقة الإصلاحات التي جرت وتعري موقف الحزب السياسي الذي يقود الاحتجاجات من خلال العنف، ولكن إلى الآن كل القوى السياسية ومعها السلطة التشريعية ومعها التنفيذية والخارجية لم يولوا هذا الموضوع الاهتمام الكافي. وليس أدل على ذلك من خلو تقرير تجمع الوحدة الوطنية من الإشارة لهذه المحطة التاريخية التي شارك هو بها مع غيره من القوى الوطنية، رغم علمهم بأن الوفاق تلعب في منطقة التعتيم والفراغ الإعلامي الخاص بمخرجات التوافق الوطني خاصة تلك المتعلقة بالتعديلات الدستورية. حجم الاختصاصات النيابية المنتخبة كبير ولا يزايد عليه أحد، ومع تجربة لم يزد عدد فصولها التشريعية أكثر من اثنين ومع بلد يقع ضمن منظومة نبعد عنها بمراحل، ومع مجتمع ينقسم طائفياً بهذا الحد فإن مساحة الرقابة الشعبية ضمن الإطار الدستوري واسعة النطاق على أداء السلطة التنفيذية بحيث تشمل كافة الصلاحيات الممنوحة لمعظم النظم الديمقراطية وتصل إلى حد إقالة الحكومة وطرح الثقة بها ورقابة سابقة عليها تفرض طبيعة برنامج السلطة التنفيذية. ورغم مرور أكثر من شهرين على إقرار تلك التعديلات إلا أن الجهل بأهميتها محلياً وإقليمياً ودولياً مازال مسيطراً ويضر بسمعة مملكة البحرين. إن التعامل مع هذه المكتسبات وكأنها معلومة للجميع وأنها من المسلمات هو استهانة بحجم الأضرار التي يتسبب بها هذا الإهمال، وجهل بحجم الضرر الذي يلحق بالبحرين من حملة الكذب التي تستمر بها الوفاق. فما تطالب به الوفاق في تصريحاتها لا يزيد عن رغبة في تسجيل نقاط من أجل الخروج بماء وجه محفوظ لا أكثر ولا أقل، وإلا لو كان الأمر عائداً لمصحلة الوطن واستقراره فإن ما طالبت به من تعديلات سابقاً أقل سقفاً بكثير عما وجد حالياً. إنما من أجل هدف حفظ ماء وجهها هي على استعداد لتزوير الواقع والكذب والادعاء زوراً وبهتاناً بأن التعديلات صورية وشكلية، وهي التي تعلم أنها غير ذلك، بل يرد عليها دعايتهم الانتخابية التي روجوا فيها لإنجازاتهم بالأدوات القديمة السابقة أي قبل التعديل، فهم لم يحققوا (إنجازات) بعصا سحرية؟ من واجب القوى السياسية الوطنية أن تدافع عن ما توافقت إليه في حوارها الوطني وتعمل على توضيحه وشرحه من خلال المشاركات الدولية لها بأن يكون ضمن وفودها من هو قادر على الإجابة على أسئلة الفقهاء الدستوريين واطلاعهم على مدى التقدم الذي ناله الدستور البحريني، ومن خلال دعوة البرلمانيين والفقهاء الدستوريين والحقوقيين والإعلاميين للبحرين واستضافتهم في قاعة البرلمان وتقديم شروحات كافية لهم، والإجابة عن أسئلتهم وهم الذين سيكشفون مصداقية تلك الاختصاصات من عدمها ويصيغون حكمهم بدلاً من الإنصات لأي صوت يحمل بطاقة (معارضة). ما قام به معهد التنمية السياسية من أجل شرح وتوضيح فحوى التعديلات الدستورية للمعنيين بالأمر ما هو سوى لبنة يبنى عليها، ولكننا بحاجة لجهد أكبر للدفاع عن ما توافقت عليه القوى الوطنية والرد على حملات الكذب والتزوير التي صورت البحرين على أنها (راوندا) وتم اكتشاف كذبها، والتي صورت البحرين على أنها (سوريا) في القمع وتم اكتشاف كذبها، والتي صورت حراكها بالسلمي وكأنهم الام تريزا وتم اكتشاف كذبها، اليوم هي تلعب لعبة الكذب حول مضمون التعديلات الدستورية مستغلة الحراك البطيء في الإعلام من بقية شرائح المجتمع.