الروهنجيا شعب مسلم في إقليم أراكان ضمن دولة بورما، والاسم الرسمي جمهورية اتحاد ميانمار، وهي إحدي دول جنوب شرق آسيا، يعيش هذا الشعب المقهور فصولاً متجددة من العذاب الإبادة والقهر، ورغم انهم يشكلون 20% من سكان بورما إلا أنهم يعيشون غرباء في بلادهم، فبورما التي ضمت إقليمهم المسمى “أراكان” حرمتهم من جنسيتها وأغرقت الإقليم بالمستوطنين البوذيين، وأوكلت إليهم حكمه. قبل عشرة أيام انطلقت موجة جديدة من العنف الممنهج ضد المسلمين تقوده ماكينة قتل وحشية تابعة لجماعة الماغ البوذية الراديكالية، ما أدى إلى حصد أرواح 400 شخص لحد الآن، بينما لا يمكن إحصاء الجرحى والمختفين لكثرتهم، مما ينذر بإبادة جديدة تضاف إلى سجل معاناة الشعب المسلم هناك، حيث ذكر الشيخ سليم الله حسين عبدالرحمن رئيس منظمة تضامن الروهنجيا أنه في عام 1978 شردت بورما أكثر من 300 ألف مسلم إلى بنغلاديش، كما إنه وفي عام 1982 ألغت السلطات البورمية جنسية المسلمين بدعوى أنهم “مستوطنون” على أراضيها، وأضاف أنه وفي عام 1992 شردت بورما حوالي 300 ألف مسلم إلى بنغلاديش مرة أخرى، واتبعت سياسة الاستئصال مع من تبقى منهم على أراضيها عن طريق برامج تحديد النسل؛ حيث تم منع الفتاة المسلمة من الزواج قبل سن الـ 25 عاماً والرجل قبل سن الـ 30، أما أخطر ما سمعت خلال عقدين من العمل الصحافي المتعب هو ما قاله لي الشيخ عبدالله حبيب محمد، وهو إمام مسجد، من المخيف أنه اكتشفنا سيطرة الجناح المتشدد على زمام الأمور الدينية في جماعة الماغ البوذية التي تقتل المسلمين هناك إلى درجة إقدام راهب بوذي إلى طبخ حساء من أجساد قتلى المسلمين كطقس جديد غريب لا يوجد في طقوس البوذية التي نعرفهم منذ عقود. مذابح المسلمين في بورما تقابله ردة فعل خجولة من المسلمين في أرجاء “المخروبة”، فهم بين مستنكر أمام التويتر وفيسبوك ومتظاهر في وقت زوال الشمس خوفاً على بشرته من حرارتها، ولا تصريح رسمي يثلج الصدر باستثناء بعض المواقف الضعيفة لهياكل وشخصيات إسلامية لم تتعدى الشجب والاستنكار. المشكلة الأخلاقية الأخطر تكمن في نفاق وسائل الإعلام التي تركز على ولادة دب الباندا وانقراض فصيلة من فصائل الأسماك ولون فستان المطربة الفلانية وتسريحة الممثل الفلاني؛ بينما يباد شعب كامل بدم بارد ولا تغطية إعلامية بحجم المجازر والمذابح، صحيح أن حكومة بورما ترفض دخول الصحافيين، وأنا شخصياً رفضت دخولي لمرتين، لكن بشار الأسد يرفض كذلك ولكن استطاع كثيرون الدخول بمساعدة دول الجوار السوري، وهو ما يختلف في بورما، حيث إن دول الجوار البورمي بين مؤيد صامت وبين متخاذل كحكومة بنغلاديش التي تعيد الفارين من الموت على قوارب متهالكة مما دفع البعض إلى القفز للبحر خوفاً من العودة إلى سكاكين البوذيين. أخيراً يبدو أن منظر الدم المسلم من بورما لا يحرك عضلة في وجه العالم الأعور، والذي يرى ما يريد ويصاب بالعمى عندما يتعلق الأمر بما لا يريد؟